- تبدو تيمة مقاومة الاستعمار غائبة تماما عن السينما المغربية، فشكلت استثناء بين البلدان الإفريقية؟؟؟ - تأخرت بعض الإنتاجات السينمائية المغربية كثيرا في تناول موضوع المقاومة المغربية بشكل طغت عليه قصص الحب، فيلم "بامو" نموذجا .. سينما البلدان المغاربية، الجزائر، تعتبر الجزائر المنتج لأكبر عدد من الأفلام السينمائية التي اشتغلت على تيمة المقاومة، ربما لأن الجزائريين من البلدان المغاربية الأكثر معاناة من غطرسة واضطهاد المستعمر الفرنسي، ولفترة قاربت القرن ونصف من الزمن، وخاضوا معارك أكثر دموية، ولو أن معاناة الشعوب المغاربية واحدة، غير أن ثوار الجزائر فقدوا الكثير من المقاومين، رامح عددهم المليون من أفراد الشعب الجزائري، فجاءت جل أفلام الجزائر تعبيرا عن هذه المرحلة من تاريخها، ونذكر منها: Une si jeune paix (Jacques Charby) L'Aube des damnés (Ahmed Rachidi) Le vent des Aurès (Mohamed Lakhdar-Hamina) La bataille d'Alger (Gillo Pontecovro) La nuit a peur du soleil (Mustapha Badie) Hassan Terro (Mohamed Lakhdar-Hamina) L'enfer à dix ans (collectif) La voie (Slim Riad) L'opium et le bâton (Ahmed Rachdi) Histoires de la révolution (alias De nos montagnes) (Sid Ali Mazif, Ahmed Bedjaoui et Rabah Laradji) المغرب، تبدو تيمة مقاومة الاستعمار غائبة تماما عن السينما المغربية، مقارنة مع نظيراتها، الجزائريةوالتونسية. لمذا غياب الاشتغال على متن المقاومة في الفيلم المغربي؟؟ ... ضبه منعدمة هي الأعمال السينمائية التي اشتغلت على هذه التيمة، نذكر فيلم "بامو" 1983 لإدريس المريني، و"نهيق الروح" 1984 لنبيل لحلو، و"المقاول المجهول" 1995 للعربي بناني، و"أوشتام" 1997 لمحم إسماعيل، و"أصدقاء الأمس" 1998 لحسن بنجلون، و"عطش" 2000 لسعد الشرايبي، ونظرة 2005 لنور الدين الخمار... وهي أفلام لا تباشر تيمة المقاومة بشكل عميق، إضافة لكنها جاءت متأخرة كثيرا، أي بعد 3 عقود. ورغم مرور أزيد من 6 عقود على استقلال المغرب، لا زالت السينما المغربية تتجاهل تاريخ بلدها، رغم ما يزخر به من حمولة حضارية وحمولة ثقافية، الشيء الذي يطرح سؤال استغلال التاريخ، فترة الاستعمار، كخلفية لإنتاج فيلم عن قصة حب، بدل الخوض في عمق التيمة الحقيقية، (فيلم بامو، 1983، للمخرج إدريس لمريني)، أي تناول موضوع المقاومة؟؟ فهل هي الجهات السياسية التي تتحكم في اللعبة، وهي التي مارست المنع خلال فترة السبعينيات التي تعرف في الأدب السياسي بسنوات الجمر والرصاص؟ ومعلوم أن إنتاج فيلم عن فترة الاستعمار وما بعد الاستقلال، يتطلب إمكانيات مالية ضخمة، وهو الأمر الذي ظل، ولا زال عقبة في طريق الإبداع عامة، والسينما بشكل خاص؟؟؟ تونس، يبدو أن التونسيين صاروا على نهج الجزائريين، من خلال أعمال المخرج وكاتب السيناريو والمنتج التونسي عما الخليفي، عبر عدة أعمال: "الفجر Laube 1966"، والذي يعتبر أول فيلم تونسي طويل تم إنتاجه بعد الاستقلال، إذ ينقل مقاومة التونسيين للاستعمار الفرنسي، ثم "المتمرد" Le rebelle 1968، الذي يصور المقاومة التونسية للسيطرة التركية، يليه فيلم "الفلاقة Les fellagas 1970، الذي تناول أيضا المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، حيث فاز بالجائزة الذهبية في مهرجان موسكو السينمائي الدولي سنة 1971. ثم فيلم "صراخ" Hurlements 1972 ... هذا، في الوقت الذي فضل فيه مخرجون تونسيون أخرون، الاهتمام آنية بعيدة عن تيمة مقاومة الاستعمار. ويمكن الحديث أيضا، عن العمل المشترك لفريد بوغدير وClaud d'Anna، والموسوم ب La mort trouble 1969، وهو فيلم طويل، من إنتاج فرنسي بلجيكي تونسي ... إفريقيا السوداء، قام المخرج الغيني سكومر باري Sekoumar Barry، بإخراج فيلم وثائقي طويل عن المقاومة، بعنوان "وجاءت الحرية" et vint la liberté 1971، ثم فيلم "البارحة، اليوم وغدا"، Hier, aujourd'hui et demain، للمخرج Diagne Costadès évoques، وهو فيلم يتناول المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي ... ويبقى عثمان سيمبين صاحب الفضل الكبير على السينما الإفريقية، وهو الذي اهتم بشكل كبير بموضوع مقاومة الاستعمار والتصدي للاستلاب الثقافي لإفريقيا السوداء، ومحاولة طمس الهوية المحلية من طرف القوى الاستعمارية، بتعاون مع النخبة الحاكمة وذات النفوذ والهيمنة على الاقتصاد والحقل الثقافي، من خلال تشجيع الاختلاط الثقافي (métissage culturel). أعاد فيلم Emitaï، لعثمان سمبين، إلى الأذهان الثورة ضد الاستعمار، والتي قادها أهالي Casamance، وهي منطقة طبيعية وتاريخية بجنوب السينغال تعرضت للتقسيم سنة 1984 ... غطرسة الطبقة الحاكمة يبدو أن الخلاص من الاستعمار لم يكن نهائيا، بقدر ما ظل جاثما على نفوس المجتمعات الإفريقية، عبر التبعية أو من خلال غطرسة الحكام، الشيء الذي سيؤثر لا محالة في الحياة العامة لهذه المجتمعات ويجعلها في مواجهة دائمة ودامية في أحيان كثيرة، مواجهة بين الفئة الشعبية والفئة السياسية، أو بتعبير آخر، مواجهة بين ثقافة شعبية وبين ثقافة سياسية. وفي هذا السياق جاء إخراج فيلم "شمس" Soleil ô، للموريتاني محمد هوندو، وهو إنتاج فرنسي موريتاني سنة 1970، وتم عرضه سنة 1973، أبيض وأسود طبعا، كبقية أفلام تلك الفترة، مدته 98 دقيقة، وثائقي، يعرض للعلاقة التي تجمع بين البورجوازية الفرنسية والطبقة الحاكمة بجل بلدان إفريقيا، مستهزئ ب"الزنوج في قصورهم المشيدة من الرخام الوردي"، وهو لا يختلف في عمله هذا عن الموصف الذي قدمه الكاتب المغربي محمد خير الدين في عمله الموسوم ب"أكادير"، حيث يتحدث عن القهر والمعاناة التي يعرفها الشعب على مستوى السكن، وقد جعلوا من الشعب "شيئا ثانويا" ... ويمكن اعتبار فيلم "وشمة" للمخرج المغربي حميد بناني ، صيحة في فراغ، تم إنتاجه سنة 1970، بطولة كل من عبد القادر مطاع ومحمد الكغاط وآخرين، وهو يتناول عدد من القضايا الاجتماعية بين التبني والفقر والطب الشعبي ولانحراف والتحرش .... أي الجوانب السلبية داخل المجتمع المغربي. من هنا يمكن اعتبار عثمان سيمبين ومحمد بناني الوحيدين الذين، في تلك الفترة، تعرضا بالنقد للمجال الدين من خلال أعمالهما: Le Mandat، و"وشمة"، حيث يصبح الدين وسيلة للهيمنة والاستغلال بين يدي الولي وداخل الأضرحة والمزارات ... في تونس أيضا، لم تكن المهمة يسيرة بالنسبة للمخرج عبد اللطيف بن عمار، الذي يعرض تجربة مخرج تليفزيوني شاب من خلال اصطدامه بعقلية متخلفة لرؤسائه الرامية إلى قمع حرية التعبير ... كما أثار المخرج Jackes Charby، من داخل السينما الجزائرية، موضوع يتامى ما بعد الحرب سنة 1963، ليقوم بعده مصطفى بادي للتعرض للمشاكل التي كانت تعيشها الجزائر، بكل جرأة، من خلال فيلمه " la nuit a peur du soleil " 1965، و" l'enfer à 10 ans" 1968، مدته ساعة و45 دقيقة. كانت بدايات السينما الأفريقية خلال السبعينيات، أي مع حركات التحرر التي شهدتها بلدان القارة وتنامي شعارات التحرر، فكان أن تأسس مهرجان "الفيلم الإفريقي" سنة 1969 في بوركينا فاسو، فكان الإنتاج السينمائي الإفريقي يحمل رسالة وقضية، بدايتها رفض الاستعمار والتوق للحرية، ودحض تلك الثقافة المهيمنة التي سعى الاستعمار إلى تسريبها بين ثنيات الشعوب الإفريقية خلال عقود تواجده واحتلاله لأراضي الإفريقية واستغلال ثرواتها واستعباد شعوبها، فكانت السينما وسيلة لتحرير الفكر، وبالتالي تحرير الإنسان. الهوامش: تم اعتماد الكتاب أدناه لإثبات العديد من المعطيات تخص أسماء المخرجين والأفلام ...: Guy Hennebelle, Les cinémas Africains en 1972, société Africaine d'Edition, Dakar, n°20, imp, Abexpress, 1er trimestre, Paris, 1972