رغم أن الحكومة قررت سابقاً إغلاق حوالي 3500 بئر غير قانونية لاستخراج الفحم الحجري بسبب تكرار حوادث الموت، فإن أهالي جرادة ما زالوا يخاطرون بحياتهم كل يوم بحثاً عن رزق مفقود تحت الأرض في رحلة موت محفوفة بالمخاطر. جريدة هسبريس الإلكترونية زارت عمال "الساندريات" لترصد أحوالهم بعد حزمة الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الحكومة، عقب زيارته إلى الجهة الشرقية بداية فبراير الماضي، ورصدت استمرار عشرات المواطنين في البحث عن لقمة العيش في المناجم المهجورة رغم الوعود الحكومية بتوفير بديل اقتصادي. بدون أي تدابير للوقاية، ينزل رجل يبلغ من العمر خمسين سنة إلى أحد الآبار بمدينة جرادة لاستخراج الفحم بوسائل تبدو بدائية لتأمين لقمة عيش لأبنائه الثلاثة، لكن اللقمة السوداء سواد الفحم يمكن أن لا يعود بها في حالة انهيار جزء من جنبات البئر، كما وقع مع حالات كثيرة. يقول هذا العامل في تصريح لهسبريس: "أعمل في الساندريات لأزيد من 30 سنة، بالضبط منذ 1986، ولم أتوصل إلى حدود اليوم بأي تعويض أو جبر للضرر"، وطالب المسؤولين بالتدخل العاجل من أجل تعويض العاملين وتوفير بديل حقيقي للمدينة. وحول الوعود الحكومية، أشار المتحدث ذاته إلى أنه ذهب إلى مصالح العمالة عندما سمع بهذا الخبر السار، وأخبروه بضرورة تأسيس شركة للاستفادة من عملية تنظيم استخراج الفحم الحجري في إطار تعاونيات، وقال ساخراً من جواب الإدارة: "واش أنا آ عباد الله ماعنديش حتى خبزة في البيت، وغدي يكون عندي باش ندير شركة". وتابع حديثه وهو يستخرج الفحم: "حتى الصحة مبقاتش عندي باش نزل يومياً لقاع البئر.. مشينا البلدية نطلبو شي خديمة لقينا دكشي غير بالمُعرفة، وحتى الإنعاش رجع بالوسيطة"، قبل أن يطالب الملك محمد السادس بالتدخل العاجل لإنصاف حراك جرادة وإطلاق سراح المعتقلين. عامل آخر طالب في تصريح لهسبريس بتدخل الملك لإنقاذ المدينة بعد حملة الاعتقالات التي طالت عدداً من نشطاء الحراك، وقال: "يطلقو الدراري راه ما دارو والو.. الحراك سلمي يقوده الشعب، ويجيو يشدونا حنا اللي ميتين ميتين". وأشار إلى أن الساكنة فقدت الثقة في الأحزاب السياسية والنقابات والفعاليات الجمعوية والمدنية، ووجه استعطافاً للملك من أجل إطلاق سراح المعتقلين قبل تطور الأوضاع في المدينة التي تعيش على وقع الغليان منذ يوم السبت الماضي. وكانت المحكمة الابتدائية بمدينة وجدة قد قضت بتأجيل الحكم في حق المعتقلين أمين ميقلش، ومصطفى ادعنين، وعزيز بوتشيش، حتى 19 مارس الجاري، بعد أن جرى نقلهم أمس من مدينة جرادة إلى مدينة وجدة. وواصلت ساكنة جرادة احتجاجاتها اليوم الثلاثاء، وفرضت القوات العمومية طوقاً أمنيا على المسيرة التي كانت متجهة إلى "ساحة الشهداء"، في حين أعلن المحتجون الدخول في اعتصام جزئي من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة السادسة مساء.