بعد ترقب طويل، يلتقي ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، يوم الثلاثاء المقبل، مع هورست كوهلر، المبعوث الأممي إلى الصحراء؛ ولكن ليس في العاصمة الألمانية برلين، كما جرت العادة مع وفود ممثلي جبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، بل في مدينة لشبونة البرتغالية. وفي خطوة تهدف إلى إشراك ممثلي الساكنة الصحراوية في إيجاد حل لنزاع الصحراء، يشارك في هذه المناقشات الثنائية حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا الخطاط، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، بالإضافة إلى عمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأممالمتحدة. بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي أشار إلى أن هذا اللقاء الثنائي، الذي يأتي بدعوة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، يندرج في إطار التعاون الدائم للمغرب مع الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع الاقليمي حول الصحراء المغربية. وأشار البلاغ إلى أن الوفد المغربي ستوجهه خلال هذا اللقاء الثنائي أسس الموقف الوطني كما تم التأكيد عليها في الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى ال42 للمسيرة الخضراء يوم 6 نونبر 2017. ويرتكز الموقف المغربي، كما حدده الجالس على عرش المملكة، على أنه أولاً: لا لأي حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها. وثانياً، الاستفادة من الدروس، التي أبانت عنها التجارب السابقة، بأن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل، وإنما في المسار الذي يؤدي إليه. لذا، يتعين على جميع الأطراف، التي بادرت إلى اختلاق هذا النزاع، أن تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل إيجاد حل نهائي له. وثالثا، الالتزام التام بالمرجعيات، التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي، لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية. ورابعا، الرفض القاطع لأي تجاوز، أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب، وبمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة، للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من لدن المؤسسات المختصة. ويحمل قرار المغرب بعدم قبول عقد اللقاء الثنائي المرتقب في برلين الكثير من الدلالات، أبرزها أن الرباط لا تريد خلق مسلسل جديد من المفاوضات على شاكلة جولات منهاست السابقة، ولكي لا يتم إعطاء اللقاء صبغة المفاوضات غير المباشرة، كما تروج لذلك جبهة البوليساريو؛ أي أنها لقاءات متباعدة في الزمان والمكان. ويتجه المغرب في هذا اللقاء التشاوري إلى جس نبض المبعوث الأممي حول تصوره لحل نزاع الصحراء، خصوصا أنه راكم الكثير من المعطيات بعد لقاءاته الأخيرة مع القادة الأفارقة والأوروبيين؛ أي تبيان موقف الرئيس الألماني السابق أين يُريد أن يذهب بهذا الملف؟. وحسب المعلومات المتوفرة لهسبريس، فمن المرتقب أن يثير كولر قضية حكم المحكمة الأوروبية القاضي باستثناء منتجات الصحراء؛ غير أنه ليس من اختصاصه الحديث عن قضية ثروات المناطق الجنوبية، وهي الأخطاء التي وقع فيها المبعوث الأممي السابق كرستوفر روس. ويأتي هذا اللقاء على بعد أيام من التقرير السنوي المرتقب أن يقدمه موفد الأممالمتحدة إلى الصحراء أمام مجلس الأمن الدولي في أبريل المقبل.