تكتم شديد على فحوى إحاطة «هورست كوهلر» التي قدمها أمام مجلس الأمن يوم أول أمس الأربعاء. الإجتماع المغلق لم يتم تسريب أي معلومات عنه، واكتفى المبعوث الأممي بالقول إنه «حظي بالتشجيع»، رافضا قول المزيد، حسب ما أعلنت عنه وكالة الأنباء الفرنسية. وبينما رفض مستشارو «كوهلر» التعليق والإجابة على أسئلة الصحافة حول الموضوع، أكد الرئيس الحالي لمجلس الأمن السفير الإيطالي سيباستيانو كاردي، «دعم المجلس للجهود التي يبذلها المبعوث الخاص»، ووصف مهمته ب«المساهمة الكبيرة» في صالح استئناف المفاوضات بين جبهة البوليساريو و المغرب، وأشار أن «أعضاء مجلس الامن يعربون عن دعمهم لجهود المبعوث الشخصي وعن ارتياحهم لتعيينه وأن زيارته الى المنطقة تعد مساهمة كبيرة من اجل استحداث حركية جديدة و بعث نفس جديد قصد التقدم في المسار السياسي». وأضاف كاردي باسم الاعضاء ال15 لهذه الهيئة الاممية، أنه «في ما يتعلق بهذا الموضوع المعقد جدا» تحدَثَ هورست كوهلر عن «موقف بناء» من جانب الطرفين وعن «مشاعر طيبة»، مشيرا إلى أنه «عرض موقفا طرفا النزاع من إعادة بعث المفاوضات»، وأضاف أن « كوهلر قد عرض نظرته لإعادة بعث المفاوضات و قد لقيت «مساندة كبيرة من مجلس الأمن»، وأكد أن «استئناف المفاوضات قد شكل الموضوع الرئيسي لأول تدخل شفوي لكوهلر في مجلس الامن»، و قال أن «هناك نوعا من الاستحسان بشأن اللقاءات التي عقدت لحد الان قصد اعادة بعث المسار دون الاشارة الى تعقد هذا الملف». بدوره صرح سفير فرنسا لدى الأممالمتحدة، فرانسوا دولاتر، قبيل بدء هذه المشاورات أن الزيارة الأخيرة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ، تندرج في إطار «الزخم الجديد لتسوية هذا النزاع»، وأضاف في تصريحات تناقلتها وكالات الأنباء، أن الزيارة الاخيرة لكوهلر الى المنطقة «تندرج في إطار الزخم الجديد الذي يعرفه هذا النزاع، والذي نرحب به بشكل ايجابي». و قال سفير السويد لدى الأممالمتحدة الذي تحظى بلاده حاليا بمقعد في مجلس الأمن كعضو غير دائم، «إننا ندعم بقوة إعادة إحياء مسلسل تسوية قضية الصحراء»، وأضاف في تصريح للصحافة، حسب وكالة المغرب العربي للأنباء، «نتطلع إلى الاجتماع بالمبعوث الشخصي الجديد خلال إحاطته الأولى للمجلس، ونحن نؤيد بقوة إحياء هذا المسلسل، وسنسعى إلى منحه دينامية جديدة». الموساوي العجلاوي الخبير في الشؤون الإفريقية بالمعهد الإفريقي للبحث العلمي، قال لجريدة «الأحداث المغربية» في اتصال هاتفي يوم أمس الخميس إنه «كان منتظرا أن لا تحمل الإحاطة الأولى للمبعوث الأممي أي جديد»، مضيفا أنه «في إطار اتصالاته الأولى لا يمكنه إلا أن يكون متفائلا»، إلا أن غير العادي في نظره هو أن «بعض المنابر الإعلامية الجزائرية والإنفصالية حاولت أن توظف هذه الإحاطة باجراء اتصالات بالأممالمتحدة على أساس أنها تحمل مقاربة جديدة تتجاوز الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب»، وأكد العجلاوي أنه «يجب انتظار المستقبل وخاصة شهر أبريل المقبل لتتضح الرؤية بشكل جيد». قبل تقديم «كوهلر» إحاطته أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي بدأت البوليزاريو والجزائر تحركات في مؤامرة جديدة ضد المغرب، خاص بعد الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 42 للمسيرة الخضراء أكد فيه أن «الصحراء كانت دائما مغربية، قبل اختلاق النزاع المفتعل حولها، وستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مهما كلفنا ذلك من تضحيات»، وأضاف أن «المغرب يظل ملتزما بالانخراط في الدينامية الحالية، التي أرادها معالي السيد Antonio Guterres الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، وبالتعاون مع مبعوثه الشخصي، في إطار احترام المبادئ والمرجعيات الثابتة، التي يرتكز عليها الموقف المغربي، ومن بينها : أولا : لا لأي حل لقضية الصحراء، خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها. ثانيا: الاستفادة من الدروس التي أبانت عنها التجارب السابقة، بأن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل، وإنما في المسار الذي يؤدي إليه. لذا، يتعين على جميع الأطراف، التي بادرت إلى اختلاق هذا النزاع، أن تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل إيجاد حل نهائي له. ثالثا : الالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي، لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيأة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية. رابعا : الرفض القاطع لأي تجاوز، أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب، وبمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة، للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من طرف المؤسسات المختصة». إحاطة «كوهلر» قدمت خلاصات زيارته للمنطقة شهر أكتوبر المنصرم، والتي استمع خلالها إلى وجهات النظر المختلفة بين طرفي النزاع المغرب وجبهة «البوليساريو» الإنفصالية، وكذا الجزائر وموريتانيا كبلدين ملاحظين. وهي الزيارة التي دشنها بالعاصمة المغربية الرباط، والتقى الملك محمد السادسثم ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الدولي وسعد الدين العثماني رئيس الحكومة ورئيسي مجلس المستشارين والنواب بالبرلمان المغربي. قبل أن ينتقل ثم مخيمات المحتجزين بتندوف ثم العاصمة الجزائرية التي التقى فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ب. والتقى بعدها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بالقصر الرئاسي في نواكشوط. المبعوث الأممي كوهلر سبق أن صرح بمخيمات المحتجزين بتندوف لوكالة الأنباء الفرنسية «تصميمه على حل قضية الصحراء المغربية»، وأضاف في تصريح مقتضب «جئت لاستمع الى طرفي النزاع والتعرف مباشرة على الظروف في مخيمات اللاجئين ولفهم المزيد من القضية وخصوصا لوضع رؤيتي الخاصة». وأشارت الوكالة أنه أبدى تفاؤله «إزاء مستقبل المفاوضات حول خطة تسوية نزاع الصحراء المغربية الذي تقيمه الاممالمتحدة»، لكنه كان صريحا بقوله «لست ساحرا حتى لا تنتظروا مني الكثير».