بلدة القليعة، الواقعة بتراب عمالة إنزكان-أيت ملول، من أكبر الجماعات الترابية من حيث الكثافة السكانية. يمكن أن تغيب عن هذه البلدة لسنينَ عدداً، وحين تعود إليها تجد ألا شيء تغيّر فيها؛ بل تجد أن حالها تغيّر إلى الأسوأ. يكفي أن تسقط على تراب بلدة القليعة أمطار قليلة، لتتحول إلى بركة مائية كبيرة يسبح وسطها الراجلون، الذين يختنق بهم الشارع الوحيد الذي يخترق البلدة، والذي يزيده مرور العربات القادمة من أكادير وإنزكان عبره اختناقا. في مدخل بلدة القيلعة، يوجد مقر الدرك الملكي. الطريق المحاذية لمقر الدرك تتحول إلى برْكة مائية كبيرة حين تهطل الأمطار، والشيء ذاته بالنسبة إلى نقط كثيرة من البلدة، بسبب غياب قنوات صرف المياه. "البنية التحتية في القليعة زيرو"، يقول محمد، فاعل جمعوي. ما قاله هذا الأخير يمكن لأيّ عابر لهذه البلدة السوسية المكتظة بالسكان أن يلاحظه بالعين المجردة. حين هطلت أمطار قليلة بداية الأسبوع الجاري، تحول السوق الذي يتوسط القليعة إلى ما يشبه حوضا آسنا، اختلط فيه الماء مع الأوحال والأزبال. وبالرغم من أن القليعة تنتمي إلى المجال الحضري، فإن جملة من المظاهر "الريفية" ما زالت تسكنها. وسط الشارع الرئيسي يلفي المرء كلابا ضالة تتجول بكل حرية. أما المياه العادمة للبيوت، فيتم إفراغها في "مطامير"، يتم إفراغها بدورها بواسطة أدوات جد بدائية. منذ سنوات، جرى توسيع الشارع الرئيسي الذي يخترق بلدة القليعة، بتعبيد المساحة الفاصلة بين قارعة الطريق والبيوت والمحلات التجارية؛ لكن العملية لم تتم بما يكفي من الجودة، فكانت النتيجة أن تحولت المساحة المعبدة إلى حفَر وأخاديد تشوّه معها وجه الشارع العام. القليعة لا تتوفر على حديقة أو فضاءات ترفيهية. المتنفس الوحيد لسكان البلدة ساحة متربة تعج بالحجارة والأزبال. في هذا الفضاء، تقضي النساء سحابة أماسيهن رفقة أطفالهن الصغار، أما الشباب فيبددون وقتهم في "التسكع" بين الأزقة والدروب. يقول محمد: "جّْرادي حنا كنعتابروها من الكماليات"، مضيفا أنّ غياب فضاءات ترفيهية، يدفع الشباب إلى السقوط في أتون تعاطي المخدرات، ومن ثم الإجرام، الذي يعد واحدا من أكبر المشاكل التي تقض مضجع سكان بلدة القليعة. ولفت الفاعل الجمعوي إلى أن ضعف التغطية الأمنية يشجع انتشار الإجرام في القليعة، خاصة أن سكان هذه البلدة يناهز 100 ألف نسمة، يتكدسون في رقعة جغرافية ضيقة، مضيفا "منذ مدة ونحن نسمع أن مفوضية للشرطة ستُبنى هنا؛ ولكن، إلى حد الآن، لم نرَ شيئا".