بالرغم من تصريحات المسؤولين الحكوميين الرسمية بالقضاء على دور الصفيح بالدارالبيضاء، فإن هذا الحلم لا يزال بعيد المنال، إذ لا تزال عدة أحياء تعيش الفوضى وانتشار "البراريك". ورغم العمليات التي تقوم بها السلطات في عدة أحياء، من أجل تنقيل أصحاب "البراريك" من "كاريانات" عدة، لم تتمكن بعد من اجتثاث دور الصفيح بشكل نهائي. "براريك" تشوه المدينة تعد مقاطعة سيدي مومن بالدارالبيضاء أكبر منطقة تشهد تواجد "الكاريانات"، وعلى رأسها "طومة" و"الرحامنة"، الذي يضم أكثر من 50 ألف نسمة. كما توجد بمقاطعة سيدي البرنوصي أحياء صفيحية، أبرزها "دوار سي عيسى" و"دوار بولحية" و"دوار بيه" و"الواسطي" و"بيكي" و"سيدي عبد الله بلحاج" الذي يعد أكبر "كاريان" بالمنطقة. ولا يقتصر الأمر على هاتين المقاطعتين، إذ توجد دور الصفيح بمقاطعة الحي الحسني، وكذا عين الشق، وبنواحي الدارالبيضاء، بجماعة الشلالات وعين حرودة، دون أن ننسى مدينة المحمدية، الأمر الذي يجعل الأزمة متواصلة، وبرنامج القضاء على دور الصفيح، الذي انطلق سنة 2004، يراوح مكانه. وخلال التحدث مع المواطنين القاطنين بدور الصفيح، تقف على معاناة جمّة، وتكشف لك تصريحاتهم، وكذا ظروف "سكنهم" عن انتهاك صريح لحقوق الإنسان، وضرب للكرامة الإنسانية بعرض الحائط. ولا يطالب هؤلاء المواطنون سوى بتسريع نقلهم من أماكن البؤس وانتهاك الكرامة الإنسانية، بعد أن قامت وزارة الإسكان والسلطات المحلية بإحصائهم منذ سنوات، ووقعت اتفاقيات عدة، غير أنهم لا يزالون حبيسي هذه "الكاريانات". فشل البرامج يطيل أمد "البراريك" عدم تحقيق حلم سكان "البراريك" بالعاصمة الاقتصادية يعزوه المتتبعون لهذا الملف إلى بطء وتيرة ترحيل هؤلاء السكان. أحمد بريجة، برلماني حزب الأصالة والمعاصرة والرئيس السابق لمقاطعة سيدي مومن، أكد أن وتيرة القضاء على دور الصفيح تبقى ضعيفة، ولا تسير بالوتيرة التي تمكن من القضاء عليها بشكل نهائي واجتثاثها. وأشار بريجة، المتتبع لهذا الملف، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن هناك اتفاقيات خاصة بدور الصفيح وقعت أمام الملك محمد السادس سنتي 2006 و2010، إلى جانب البرنامج الجهوي لسنة 2014 الذي لا يزال جامدا دون حركة، إذ أن الآجال التي حددها للقضاء على دور الصفيح تبقى بعيدة المنال. وأكد بريجة أن وزارة الإسكان مطالبة اليوم بالتعجيل بتفعيل البرنامج الجهوي من أجل القضاء على "الكاريانات"، مشيرا إلى أن الخلل يكمن في عدم تعبئة الرصيد العقاري والقيام بالتجهيزات الأساسية. وأوضح نائب عمدة الدارالبيضاء سابقا أن وزارة عبد الأحد الفاسي الفهري ملزمة اليوم بتفعيل الترخيص للتجزئات وجعل هذا الملف أولى أولوياتها حتى تستطيع إنهاء عمر هذه "البراريك". وأضاف أن كل يوم تأخير في هذا البرنامج سيؤدي إلى إطالة عمر الأزمة، موضحا أن "البراكة" تقسم إلى قسمين أو أكثر، وأن هناك أسر مستقلة تتكاثر داخل هذه "البراريك"، بالرغم من تأكيده على أن توسع دور الصفيح صار أقل. نقل الأزمة إلى مكتب الوزير يشكل موضوع "الكاريانات" قلقا كبيرا لمسؤولي مقاطعة سيدي مومن بالدارالبيضاء، إذ رغم المجهودات التي تمت في الفترة السابقة، فإن دور الصفيح تأبى أن تجتث من جذورها. هذا الأمر دفع الرئيس الجديد لمقاطعة سيدي مومن، حميد بن غريضو، الذي خلف البرلماني حسن بارود المستقيل، إلى وضعه على رأس الأولويات، حيث عقد لقاء مع عبد الأحد الفاسي الفهري، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، قبل أيام، إذ تم وضع ملف متكامل عن معاناة المنطقة مع السكن العشوائي. وحسب ما أكده أعضاء من مجلس المقاطعة، فإن المنتخبين كشفوا للوزير الجديد مشاكل هذا الملف، خاصة أن سيدي مومن تتكون من دواوير عدة، تتطلب من الوزارة حلها بسرعة. وأشار هؤلاء إلى أن عبد الأحد الفاسي التزم أمام أعضاء المقاطعة بإيجاد حلول سريعة لهذا الملف، والتعجيل بعقد اللجنة الجهوية للإسكان، خاصة أن الساكنة تتشبث بالاستفادة من البقع الأرضية وتعارض منحها شققا سكنية لا تتجاوز مساحتها 50 مترا مربعا. الوزير والتمني عبد الأحد الفاسي الفهري، الذي خلف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على رأس وزارة الإسكان بحكومة سعد الدين العثماني، وجد نفسه قبالة قنبلة كبيرة تنتظره، وتتعلق بالقضاء على دور الصفيح. وأكد الوزير الجديد أن برنامج مدن بدون صفيح، الذي انطلق سنة 2004، يسير بوتيرة إنجاز لا بأس بها، غير أنه أشار إلى وجود صعوبات تعيق تحقيق أهداف البرنامج. هذه الصعوبات، كشفها الوزير في إحدى جلسات مجلس النواب قبل أيام، من ضمنها أن بعض الأسر ترفض الانخراط في البرنامج المعد لاستقبالها، إلى جانب التزايد الطبيعي للأسر القاطنة بدور الصفيح، ناهيك عن تقسيم بعض الدور وتفرع الأسر، زيادة على ندرة العقار القابل للتعبئة، وكذا إشكالية القروض البنكية لفائدة الأسر المستفيدة. رغم هذه الصعوبات، ورغم عدم القضاء نهائيا على دور الصفيح في المدن التي أعلن سابقا بأنه سيتم القضاء على "الكاريانات" بها، يبدو عبد الأحد الفاسي متحمسا للمنصب الجديد، إذ أكد أنه سيتم إعلان ثلاث مدن أخرى ضمن البرنامج، ويتعلق الأمر بتطوان، مولاي يعقوب والبروج. وتحدث المسؤول الحكومي في البرلمان عن سعيه إلى تأهيل ست مدن أخرى، وأنه سيتم العمل على معالجة ما تبقى من المدن المتعاقد بشأنها في المدى المتوسط، أي قبل سنة 2021.