في افتتاح الدورة السابعة من مهرجان مراكش للسينما ، وقف الحضور في قصر المؤتمرات دقيقة صمت ترحما على روح الصحافي والممثل المغربي عبد الرحيم بركاش الذي رحل قبل أيام قليلة من افتتاح المهرجان . "" لو أن المشهد حدث في مهرجان كان أو برلين أو البندقية مثلا ، لكان الأمر عاديا جدا ، ما دام أن أفضل شيء يترحم به النصارى على أرواح موتاهم هو الصمت والورود والشموع وقليل من كلمات التأبين الحزينة ، أما أن يحدث ذلك في مراكش فالمسألة تحتاج إلى المراجعة . مراكش مدينة مغربية تنتمي إلى هذا البلد الذي يدين أكثر من تسعين في المائة من سكانه بالإسلام ، وعبد الرحيم بركاش حسب علمنا مغربي مسلم ، ولم نسمع أنه غير ديانته في آخر لحظة ، لذلك كان من الأفضل أن تتم قراءة سورة الفاتحة على روحه عوض الوقوف لدقيقة صمت . وحتى إذا كان المغاربة والعرب الذين حضروا تلك الليلة في قصر المؤتمرات لا يعرفون كيف يقرؤون الفاتحة فقد كان عليهم أن يحضروا فقيها لقراءتها نيابة عنهم . روح السيد عبد الرحيم بركاش رحمه الله تحتاج إلى آيات من الذكر الحكيم وليس إلى دقيقة من الصمت . ولعل ما يثير اندهاشي في أحيان كثيرة هو أن المغاربة يستوردون كثيرا من العادات الغربية دون أن يكونوا في حاجة إليها ، ربما لأنهم يعتقدون أن مجرد تقليد النصارى في بعض الأمور التافهة سيجعلنا أناسا متحضرين ، والحال أن مثل هذه التصرفات الخاطئة تجعلنا نظهر كشعب بلا أعراف ولا ثقافة ولا تقاليد متوارثة . في كثير من الملاعب الرياضية المغربية عندما يموت أحد الرياضيين يقف آلاف الجمهور دقيقة صمت ترحما عليه قبل انطلاق المقابلة . تصوروا معي كم من الحسنات كانت ستصل إلى روح المرحوم لو أن كل واحد من تلك الآلاف التي صمتت على روحه قرأ سورة الفاتحة . أنا لست ضد النصارى ولست ضد دقيقة الصمت ، لكن يجب على الإنسان أن يفكر قليلا كي تكون حياته ذات معنى ، فكل الأشياء التي نقوم بها نسعى من ورائها إلى تحقيق هدف معين ، وعندما أرى مثلا أن الميت الذي سأقف صامتا على روحه لدقيقة من الزمن لن يفيده صمتي في شيء ، فمن الأفضل إذن أن افتح فمي وأقرأ آيات سورة الفاتحة ، فهي في نهاية لمطاف أفضل وأنفع من دقيقة صمت عابرة . والله يهدي ما خلق .