قال محمد بنعبد القادر، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية، إن 60 في المائة من الوظائف الموجودة حالياً ستختفي مستقبلاً، من بينها الترجمة والمساعدة القضائية، مشيراً إلى أن هذا الأمر يُحتم على الدولة ملاءمة موظفيها مع التغيرات المستقبلية. وأضاف بنعبد القادر، خلال يوم دراسي بالبرلمان نظمته المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية حول موضوع "العدالة الأجرية والمهنية بالمغرب"، اليوم الخميس، أن عدداً من الخدمات العمومية التي كانت تقدمها الدولة بدأت تختفي مع مرور السنوات. وأوضح بنعبد القادر أن عدداً من الخدمات العمومية الجديدة بدأت تظهر، وهو تحول حضاري كبير يواجهه العالم بفضل التطور التكنولوجي، ما يحتم على الدول تحسين أوضاع موظفيها وملاءمتهم، مشيراً إلى أن عددا من الدول اليوم تهيئ طلبتها لتغيير وظيفتهم بعد التخرج حوالي ست مرات. وأشار الوزير إلى أن إصلاح الوظيفة العمومية بالمغرب وتحقيق العدالة الأجرية بين الموظفين يتطلب العمل بمنطق الخدمة العمومية وتقديمها بجودة واستمرارية وكفاءة، مشيراً إلى أن هذه الأخيرة تُخيف الموظفين العموميين كثيراً. وربط الوزير نجاح ورش إصلاح الوظيفة العمومية بتدقيق العمل المطلوب من المواطنين، إضافة إلى توفير ظروف العمل وربطها بالإنتاج والمردودية، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على مسودة ميثاق الخدمة العمومية الذي سيحدد أخلاقيات الإدارة العمومية. وأقر الوزير بأن المنظومة الحالية للأجور بالمغرب أصبحت متقادمة ومعقدة وغير متجانسة، مشيراً إلى أن استمرار العمل بها من شأنه أن يؤدي إلى استمرار الاختلالات، ومؤكداً على أهمية ربط الزيادات في الأجور بالرفع من الأداء وبتحسين جودة الخدمات العمومية المقدمة. وقال الوزير إن الاختلالات التي تعتري منظومة الأجور ترجع أسبابها إلى خلو الإطار القانوني المرجعي لتدبير الموارد البشرية للدولة من أي مقتضيات قانونية لإرساء قواعد ومعايير منصفة لمنح الأجور والتعويضات؛ كما أن تعدد الأنظمة الأساسية تنتج عنه تباينات ملموسة على مستوى أنظمة التعويضات وغياب التجانس على مستوى المسار المهني، إضافة إلى طغيان المنظور الفئوي الذي حكم مراجعة نظام الأجور والتعويضات في فترات سابقة. ويربط الوزير غياب العدالة الأجرية أيضاً بتغييب المقاربة الوظيفية المبنية على الكفاءة والمردودية، إذ ترتكز منظومة التأجير على مفهوم الدرجات والهيئات، وليس على عناصر الكفاءة والمردودية والفعالية؛ ناهيك عن غياب ثقافة التعاقد حول الأهداف وضعف تقييم الأداء، وقال إن ذلك بسبب غياب مناهج التدبير المبني على النتائج، حيث يتقاضى الموظفون المنتمون إلى هيئة معينة نفس الأجور والتعويضات، بصرف النظر عن تفاوت أدائهم في إنجاز المهام والمسؤوليات المنوطة بهم. ويرى الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، المُنظم لهذا اللقاء، أن هناك غياباً للعدالة الأجرية في المغرب؛ وهو الأمر الذي يضرب حسبه مبدأ العدالة والإنصاف بين الموظفين، خصوصاً تلك الشريحة المجتمعية الواسعة التي توجد ضمن هرم أجور جامد، والتي تمثل الطبقتين الوسطى والأدنى في المغرب، وما له من تأثير سلبي على الاستقرار الاجتماعي بصفة عامة. يشار إلى كتلة أجور موظفي الدولة بلغت ما يناهز 106.7 مليارات درهم برسم سنة 2017، بعدما كانت تشكل 66.72 مليار درهم برسم سنة 2007؛ وتمثل من الناتج الداخلي الخام ما نسبته 9.94 %، وحوالي 32.87 % من الميزانية العامة، وهي نسبة كبيرة تفوق الإمكانيات الاقتصادية للبلاد، حسب ما توصل إليه تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات. وحسب أرقام رسمية فإن 10.08 في المائة من موظفي الدولة المدنيين يتقاضون أجرة شهرية صافية تتراوح بين 3000 و4000 درهم؛ وما يقرب من 58 في المائة يستفيدون من أجرة شهرية صافية تتراوح ما بين 6000 و14000 درهم، و1.92 في المائة لهم أجور تتجاوز 20000 درهم، وهم من فئات الموظفين الكبار في الدولة.