الكتلة الأجرية بالوظيفة العمومية تسجل ارتفاعا قياسيا ب 12.5 في المائة بسبب اختلالات المنظومة الأجرية مازالت نسبة الكتلة الأجرية بالوظيفة العمومية تشكل انشغالا حقيقيا للدولة وإشكالية لم تجد لها الحكومة حلا. فقد سجلت هذه الكتلة ارتفاعا بنسبة 6.8 في المائة مقارنة مع السنة الفارطة وذلك في منحى تصاعدي سنة بعد أخرى على الرغم من المغادرة الطوعية التي باتت حصيلتها سلبية برأي العديد من المحللين. في هذا الإطار، اعتبر الخبير الاقتصادي، ادريس بنعلي، أن «نسبة الكتلة الأجرية بلغت 12.5 في المائة إلى الناتج الداخلي الخام»، وهو رقم قياسي لم تصل إليه منذ سنوات حتى قبل انطلاق عملية المغادرة الطوعية سنة 2005. وأضاف بنعلي في حديث لبيان اليوم أن «ارتفاع كتلة الأجور بالوظيفة العمومية لا يعني أن هناك تضخما في الموظفين، بل إن العكس هو الحاصل في عدد من القطاعات كالتعليم والصحة التي تعرف خصاصا كبيرا في الموارد البشرية». وقال في هذا الصدد : «إن المغادرة الطوعية التي كان مفروضا فيها أن تشمل بالأساس الموظفين بالسلالم الدنيا، أي من 1 إلى 4، شملت، على العكس من ذلك، الأطر العليا، وهو الأمر الذي أفقد الإدارة العمومية ومختلف القطاعات أطرا ذات خبرة وتجربة». وأضاف بنعلي أنه «مقارنة مع دولة كمصر، مثلا، فإننا نجد أنها تتوفر على عدد أكبر من الموظفين لكن معدل الكتلة الأجرية لا يتجاوز بهذا البلد 8.5 في المائة»، معتبرا أن هناك بالمغرب «تفاوتات واختلالات كبيرة في الأجور بالوظيفة العمومية». هذه الاختلالات كان المجلس الأعلى للوظيفة العمومية قد وقف عليها وخصوصا ما يتعلق بهيمنة عنصر التعويضات في المنظومة الأجرية مقارنة بالراتب الأساسي واعتماد المقاربة الفئوية في مجال الأجور، مما يترتب عنه بروز تفاوتات بين مختلف هيئات الموظفين. في هذا السياق يتساءل بعض الاقتصاديين وممثلو الموظفين عما إذا كانت وزارة المالية تحتسب الأجر الخام أم الأجر الصافي حين تحصيل الكتلة الأجرية ونسبتها إلى الناتج الداخلي الخام. وهو ما يؤكد أن هناك خللا في المنظومة الأجرية بات من الضروري معالجته. في هذا الصدد تواصل الحكومة، حسب وزير تحديث القطاعات العامة، سعد العلمي، عملها من أجل «إقرار منظومة جديدة وحديثة ومتناسقة لإصلاح الأجور تراعي متطلبات الإنصاف والشفافية». ويروم هذا الإصلاح «وضع منظومة جديدة للأجور ترتكز على الاستحقاق والمردودية، وعلى تعويض الموظفين على أساس العمل المنجز فعلا، من أجل تحقيق النتائج المحددة سلفا من قبل الإدارة»، كما يستهدف «ضمان حق الموظفين في أجرة قائمة على مبدأ الإنصاف، واقتراح منهجية منطقية للعمليات المقبلة لمراجعة الأجور على أساس مؤشرات موضوعية». وفي سياق هذا الإصلاح الجاري والمساهمة في تقليص الفوارق بين الأجور بالوظيفة العمومية والرفع من مستوى أجور الشريحة الدنيا من الموظفين، تم حذف سلالم الأجور من 1 إلى 4، وهو الإجراء الذي مكن من انتقال الأجر الأدنى بالوظيفة العمومية، حسب الوزير، من 1560 درهما إلى ما يناهز 2400 درهما، وذلك بأثر رجعي انطلاقا من فاتح يناير 2008 حيث هم هذا الإجراء 47500 موظفا. كما أحدث تعويض عن العمل بالمناطق الصعبة والنائية بالعالم القروي, حدد في 700 درهم صافية لفائدة موظفي قطاعي التربية الوطنية والصحة في مرحلة أولية على أن يتوسع مفعوله إلى باقي القطاعات بشكل تدريجي.