تركض حافية القدمين، لمسافة نحو كيلو متر، ولا تمر إلا ساعات، حتى أصبحت مصدر احتفاء رئيسي لدى كثيرين بمصر، يرون فيها ابتسامة بريئة، ما لبثت أن فُتحت لها أبواب السعادة، مع أول ظهور إعلامي لها بالبلاد، بعد سنوات من معاناة تعيشها أسرتها جنوبي مصر. إنها الطفلة المصرية، "مروة حسن"، ذات الأعوام العشرة، التي تسكن بمحافظة أسوان، والتي ركضت في 2 فبراير الجاري، لمسافة تقدر بنحو كيلومتر، في إحدى سباقات ماراثون خيري يشارك فيه مئات من مختلف الأعمار من 22 دولة، بينهم الجراح المصري الشهير، مجدي يعقوب. وكانت المفأجاة هي "فوزها بالمركز الأول" في سباق الأطفال بالماثوارن الخيري المخصص لدعم مرضى القلب، كما تقول الطفلة "مروة حسن"، في برنامج متلفز بأحد المحطات الفضائية الخاصة بمصر مساء أمس السبت، في أول ظهور إعلامي لها بعد الاهتمام الواسع بقصتها في منصات التواصل والمتابعات الإخبارية بالبلاد. وبينما تتبسم "مروة حسن" للكاميرات التي تظهر أمامها للمرة الأولى، تقدمها الإعلامية إيمان الحصري مقدمة البرنامج المتلفز، بالقول إنها "صورة بسيطة، وراءها حكاية جميلة، صارت الأكثر انتشارا واهتماما من جانب المصريين". ماراثون الحياة مروة التي كسرت كل قواعد المشاركة في الماراثون، حيث لم تكن ترتدي زيا رياضيا ولا حذاءً، ولم تدفع المبلغ الرمزي للاشتراك، ربحت بزيها البسيط المكون من إسدال وشال، وفرحتها البريئة، السباق الخيري وميداليته. وفي حديثها المتلفز الأول، تقول مروة، وهي ترتدى ميدالية الفوز بجوار والدها ذات الملامح المليئة بصعوبات، إنها اعتادت أن تجرى وتلعب مع أولاد عمها في الشوارع. وتضيف أنها عندما طالبت من القائمين على الماراثون أن تشارك وافقوا على الفور وسمحوا لها بالمشاركة بزيها المكون من إسدال وشال، زادهما جمالا ابتسامة وجهها كما تناقلتها صور متداولة عبر منصات التواصل. خلعت مروة، حذاءها وجرت، كما تقول في البرنامج المتلفز، حتى استطاعت أن تحقق الفوز، غير عابئة بالصعوبات، وحياتها التي كانت قبل فوزها مليئة بصعوبات بيع المناديل الورقية في الشوارع من أجل جنيهات قليلة تعين أسرتها على متاعب الحياة. ولا تختلف أمنيات مروة عن براءتها كثيرا، فهي تريد أن تستكمل تعليمها الذي يواجه تعثرا، وأن تشتري هاتفا جوالا، وتمارس لعبة رياضية، وأن تكون طبيبة، وأن يتغير حال بيتها البسيط إلى بيت أفضل يمكن أن تعيش فيه مثل باقي المواطنين، فضلا عن دعم أختها بمستلزمات الزواج. يقطع أمنيات الطفلة ذات العشرة أعوام، حديث والدها الذي كان يعمل سابقا كقائد قوارب صغيرة بمحافظته السياحية، ثم تعثرت المهنة فصار باحثا عن أي عمل من وقت لآخر يسد احتياجات أسرته. كما تحدث الوالد عن صعوبات كثيرة تواجها حياة أسرته، دفعت تلك الطفلة الصغيرة أن تعمل لمدة عامين ونصف العام في مهنة بائعة مناديل ورقية في شوارع محافظة أسوان حتى دخلت الماراثون ونجحت وأصبحت مشهورة. أبواب السعادة تلك الأحلام والمصاعب سرعان، ما تفاعل معها كثيرون بمصر في أقل من ساعة بالبرنامج المتلفز، حيث أعلن صفوت عبد الحليم، المدير الإداري لألعاب القوى بنادي طلائع الجيش، في مداخلة هاتفية عن قرار ناديه بتبني مروة كموهبة بشكل احترافي، والموافقة على تدريبها وإتاحة كل الإمكانيات لها. وتبرع أحد المشاهدين للبرنامج المتلفز، بجوال لمروة، وكذلك أكد مسؤول جميعة خيرية عن بناء وتجهيز محل صغير لوالدها يساعده على ظروف الحياة. فيما عبر شريف فؤاد، المتحدث باسم النادي الأهلى، عن فخره بصورة مروة المبهجة في الماراثون، مؤكدًا أن مجلس النادي قرر وضع كل الإمكانيات لإسعاد تلك الطفلة التي أسعدت الكثير. كما قررت وزارة التربية والتعليم بمصر، أن تذلل كل العقبات أمام اندماج الطفلة مروة حسن في العملية التعليمية من خلال لقاء يتم معها اليوم الأحد، وفق ما أعلن أحمد خيري المتحدث باسم الوزارة في تصريحات متلفزة بالبرنامج. وتظهر في مصر من وقت لآخر حالات إنسانية بارزة مثل مروة، كان أبرزها في 2016، صورة للمواطنة المصرية "منى بدر"، تجر عربة خشبية صغيرة ذات عجلتين لنقل البضائع، في أحد شوارع الإسكندرية، بينما تشي ملامح جسدها المنهك، بالإرهاق الذي تعيشه يومياً لتوفير جنيهات تستر نفسها وعائلتها، ما دعا الرئاسة أن تستقبلها وتقدم لها مساعدات. ولعبت منصات التواصل في حالة مروة وبدر دورا بارزا في إظهارهما للرأي العام، وسط اهتمام المصريين بتلك المنصات حيث تقول وزارة الاتصالات في تقرير في غشت 2017 أن عدد مستخدمى الإنترنت فى مصر يقدر بنحو 33.19 مليون مستخدم فى أبريل من العام ذاته. وتعيش مصر ظروفا اقتصادية صعبة، وسط تقارير رسمية تشير إلى أن نسبة الفقراء في مصر زادت من 25.2% في 2010/2011، إلى 27.8% في عام 2015. *وكالة أنباء الأناضول