حذرت جماعة العدل والإحسان من "هجرة جماعية" لأبناء المغاربة صوب التعليم الخصوصي، وإفراغ المؤسسات العمومية من دورها، متهمة الدولة بالمسؤولية عن "الانهيار الكامل لمنظومة التربية والتكوين والإجهاز على المكتسبات التاريخية للعاملين فيها". موقف الجماعة جاء عبر "قطاع التربية والتعليم وقطاع التعليم العالي"، التابع لدائرتها النقابية، تعليقا على النقاش الساخن الدائر حول إلغاء مجانية التعليم في المؤسسات الجامعية والثانوية على خلفية طرح الحكومة لمشروع القانون الإطار المتعلق بالرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، معتبرة أن مشروع القانون هذا فصل من "الفصول الأخرى لمخططات تخريب التعليم العمومي". وهاجم التنظيم الإسلامي المعارض من أسماهم "صناع القرار السياسي والتربوي" قائلا إنهم اختاروا "نهج سياسة التحكم والاستفراد، والإمعان في تضييع فرص الإصلاح الجاد والحقيقي من خلال مسلسل الإجهاز المباشر على حق أبناء المغاربة في تعليم جيد ومجاني ومنصف ومتكافئ"، مشيرا إلى أن مشروع القانون الإطار ينص على "قرارات خطيرة، أخطرها: تحميل الأسر تكاليف تعليم أبنائها بفرض رسوم التسجيل في التعليم الثانوي والجامعي". ويرى "قطاع التربية والتعليم وقطاع التعليم العالي" بالجماعة أن ذلك القرار "يفضح ادعاءات الإصلاح وشعارات مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء"، ويرمي إلى "تكريس المزيد من الخصخصة الممنهجة لقطاع التربية والتعليم في إطار التنصل من المسؤولية المباشرة للدولة عليه"، ثم "التراجع عن تعريب التعليم والانفتاح على اللغات الأجنبية، الذي شكل أحد المبادئ الوطنية الثابتة للتعليم، وذلك عبر تعميم فرنسة المواد العلمية". محمد الريمي، المسؤول الوطني لقطاع التربية والتعليم التابع للقطاع النقابي ل"العدل والإحسان"، قال إن هذه الخطوة تعد "تهريبا للنقاش الحقيقي في مواجهة الإشكالات الحقيقية، وإيذانا بمنطق جديد لتملص الدولة من مسؤوليتها تجاه قطاع التعليم"، مضيفا: "سوف نرى كيف أنه مباشرة بعد تنزيل هذا القرار ستحدث هجرة جماعية نحو التعليم الخصوصي، وهذا ما ينتظره صناع القرار من أجل تفريغ المدرسة العمومية ورفع أيديهم عن التعليم". واعتبر الريمي، في تصريح لهسبريس، أن أزمة التعليم في المغرب لا تتصل بالتمويل، وقال: "لقد جربنا مع البرنامج الاستعجالي ونرى الآن كيف أن المجلس الأعلى للحسابات يسائل الحكومة عن مصير نحو 45 مليارا كانت مخصصة له"، موضحا أن الأزمة تتعلق أساسا ب"الحكامة وسوء التدبير والاختلالات الهيكلية في منظومة التربية والتكوين"، مبرزا أنه "يصعب فرز الأسر الميسورة من غيرها في المغرب لتنزيل إلغاء مجانية التعليم، كما أن المستفيد من التعليم العمومي هم أبناء الفقراء. أما الطبقة الميسورة، فأبناؤها يدرسون في التعليم الخصوصي". "يجب إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأننا فعلا في مرحلة الانهيار الكامل لمنظومة التربية والتكوين"، يضيف المسؤول النقابي، الذي أوضح أن هذا الانهيار، وفق وصفه، يأتي "بعد ضرب المكاسب التي وافق عليها المغاربة مع الحركة الوطنية، من التعريب والتعميم والإصلاح والمجانية"، مضيفا: "الآن يتم ضرب آخر مكسب وهو المجانية والتلويح بتمويل التعليم وتنويع مصادره والحديث عن الأسر المغربية الميسورة". وأعلنت "العدل والإحسان" عن رفضها المطلق "لكل المشاريع والمخططات التي تنتهك حق أبناء المغاربة الكوني والإنساني في تعليم جيد ومجاني ومنصف"، محملة الدولة المسؤولية كاملة "في ضمان تعليم مجاني وجيد ومنصف لجميع المغاربة، ولما وصلت إليها المدرسة العمومية من فشل وإفلاس"، معتبرة أن "التعليم قطاع اجتماعي عمومي لا ينبغي أن يصير مجالا محكوما بهاجس الربح السريع والاغتناء". بلاغ لنقابة الجماعة، تتوفر هسبريس على نسخة منه، دعا إلى تكتل "النقابات والشغيلة التعليمية وجميع القوى الحية وعموم الشعب المغربي" بهدف "مواجهة مخططات الإجهاز على المدرسة والجامعة العموميتين، وإيقاف مسلسل العبث بمصير الأجيال"، مشيرا إلى أن "المدخل الأنسب للإصلاح الحقيقي يجب أن ينطلق من حوار عمومي جاد وصريح ينخرط فيه الجميع دون إقصاء".