أياما قليلة على تعيين الدبلوماسي الكندي كولين ستيوارت رئيساً جديداً لبعثة الأممالمتحدة نحو الصحراء، خلفا لكيم بالدوك التي أعفيت من مهامها، وجهت جبهة البوليساريو رسالة تهديد تصعيدية إلى بعثة المينورسو، تُهدد من خلالها بإشعال فتيل التوتر من جديد على الطريق الرابطة بين مركز الحدود المغربي ونظيره الموريتاني، بهدف إعاقة حركة السير والدينامية التجارية في المنطقة. وقال تنظيم البوليساريو، في رسالته إلى رئيس بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء، إنه "قد يضطر إلى العودة إلى الوضع السابق بالكركرات وإعادة النظر في قرار الانتشار"، وإنه "لن يقف مكتوف الأيدي أمام الخروقات المغربية وعدم تطبيق التعهدات الدولية الأممية الخاصة بتسوية الأسباب الناجمة عن أزمة الكركرات الأخيرة"، بتعبير المستند. وتتزامن رسالة البوليساريو مع تلويحها بالعودة مجدداً إلى حمل السلاح ضد المملكة، إذ عمدت في الأيام القليلة الماضية إلى ترويج أن ميليشياتها مستعدة لأي طارئ أو احتمال "إذا لم يتحرك المجتمع الدولي لإنصاف التنظيم". وبالقرب من "الكركرات"، أجرت الجبهة مناورات عسكرية الأسبوع الماضي بالذخيرة الحية وبآليات ثقيلة تسلمتها من ثكنات الجيش الجزائري؛ وذلك في إطار "الرفع من الجاهزية القتالية لعناصرها والاستعداد لتطبيق التحضير القتالي لسنة 2018"، وفق ما نقلته مصادر إعلامية مقربة من البوليساريو. وكانت المنطقة العازلة شهدت توترات غير مسبوقة خلال العام الماضي بعدما أقدمت البوليساريو على إقامة مركز عسكري في المنطقة بالقرب من الحدود مع موريتانيا، ولكن الرد المغربي كان سريعاً حينها عبر القيام بعملية تطهير واسعة لمواجهة ما تشهده المنطقة من أخطار على الأمن، وانتشار عمليات التهريب، والاتجار بالمخدرات، والعراقيل التي تمس انسياب الحركة لموريتانيا. من جهة ثانية، تشهد مخيمات تندوف غليانا واحتقانا غير مسبوق حسب ما كشفته أشرطة على موقع "يوتيوب"، أظهرت خروج مئات المحتجزين الصحراويين لاستقبال ولاد موسى، عضو "المبادرة الصحراوية من أجل التغيير" المطرود من البوليساريو بسبب مواقفه المعارضة لسياسة إبراهيم غالي. وأصدر التنظيم المعارض لزعيم البوليساريو بياناً شديد اللهجة، يفضح فيه واقع المخيمات من الداخل، من قبيل ما أسماه "استفحال الجمود السياسي واستشراء الفساد ضمن نطاق سلطوي تتعايش فيه مصالح الأفراد والامتيازات إلى جانب المحاصصة القبلية"، بالإضافة إلى "بروز الفوارق الاجتماعية الصارخة نتيجة الفساد وسياسة اللاتكافؤ والحيف الاجتماعي المنتهجة"، من قبل تنظيم البوليساريو. وتعليقا على الخطوة الجديدة التي أقدمت عليها "قيادة الجبهة" بمراسلة المينورسو قال الموساوي العجلاوي، الخبير المتخصص في الشؤون الإفريقية، إن البوليساريو ستكون الخاسر الأكبر في حالة العودة إلى منطقة الكركرات. ويرى العجلاوي أن التحركات خلال هذه الفترة بالذات باتت سنوية تزامنا مع انتهاء الأممالمتحدة من إعداد التقرير السنوي حول الوضع في الصحراء، موضحاً أن "قيادة الجبهة تضغط إعلامياً من أجل أن يتضمن التقرير أنه إذا لم يتم تجاوز الوضع الجامد الآن سيكون هناك خيار عسكري من طرفها". ويعتبر العجلاوي في تصريح لهسبريس أن التلويح بالحرب وإعادة الانتشار في الكركرات "مجرد مناورة سياسية موجهة إلى المنتظم الدولي، وأيضا إلى الوضع في المخيمات الذي يعيش على صفيح ساخن". ولفت الأستاذ الجامعي الانتباه إلى أن التقرب بين الرباط ونواكشوط بات يُزعج كثيراً الأطراف المقررة في نزاع الصحراء داخل الجزائر والبوليساريو، وأكد أن الأمر "لا يعدو أن يكون تشويشاً على مسار الملف".