يحتل المغرب الرتبة الثانية بعد تركيا من حيث النباتات الطبية والعطرية التي يزخر بها، والتي تصل إلى آلاف الأنواع والفصائل، وفقاً للوكالة الوطنية للنباتات الطبية والعطرية. ويوفر هذا القطاع فرص شغل مهمة. وتُعرف المناطق الجنوبية للمغرب، ومنها جهة كلميم واد نون، بأنواع كثيرة من الأعشاب الطبيعية، التي يقبل الناس في المجتمع المحلي بالجنوب على التداوي بها، حيث مازال يشكل ذلك جزءاً من الثقافة الشعبية. ويقول لمحموظ أوفقير، وهو معالج بالأعشاب الطبيعية بمنطقة طاطا، إن "الجنوب المغربي لديه غطاء نباتي مختلف، وفي منطقة طاطا، مثلا، توجد العديد من الأعشاب الطبية ذات الفعالية الكبيرة مثل الشيح والخزامى وغيرهما". ويضيف قائلا: "شخصياً أقوم بجولات في الصحارى بحثاً عن الأعشاب الطبيعية المناسبة لكل وصفة طبية"، مشيرا إلى أن "لكل عشبة وقتها"، وأن "عملية البحث عن الأعشاب واستخدامها عملية دقيقة وتتطلب علماً ودرايةً بهذا الموضوع". وأوضح المتخصص في الأعشاب الطبيعية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "علم التداوي بالأعشاب يتطلب أن يكون المتعاطي له ذا خلفية علمية وخبرة في المجال"، قبل أن يضيف قائلا: "نتعامل مع مرضى وزبناء من مختلف مناطق المغرب"، مؤكدا أن "تقديم الوصفات بالأعشاب لا يكون اعتباطياً، وإنما يكون بعد تشخيص دقيق لحالة المريض وتحديد مرضه والقدر اللازم من الأعشاب الذي يمكن أن يعالج به". من جهته، يرى مالك معشبة في كلميم أن "الأعشاب الطبية مطلوبة في جميع مناطق المغرب، وفي منطقة كلميم واد نون هناك إقبال كبير أيضا على الأعشاب الطبيعية". وأضاف أن "الطب البديل يعتمد على العلم، وبعض الأدوية تعتمد في صناعتها على الأعشاب الطبيعية"، مشيرا إلى أن "هذا القطاع ككل القطاعات له أيضا مشاكله الخاصة". عبد الفتاح السلكاني، صاحب شركة تقوم بتسويق الأعشاب الطبية، قال لهسبريس إن "قطاع الأعشاب الطبيعية أصبح يتنامى في جميع المناطق ويحتاج الى التنظيم والاعتراف". وقد استقبلنا عبد الفتاح في معشبته بكلميم، التي يعرض فيها مختلف الوصفات، وقال إن شركته "هي التي تصنعها انطلاقاً من أعشاب طبيعية أثبتت فعاليتها في علاج الكثير من الأمراض". وأضاف أن "الكثير من المرضى يفضلون العلاج بالأعشاب بعيداً عن الأدوية الصيدلية ذات الطبيعة الكيميائية، التي لها سلبيات أكثر من الإيجابيات". وأوضح أن "التشخيص أمر ضروري قبل تقديم أي دواء بالأعشاب للمرضى"، مشيراً إلى أن "ممتهني هذا القطاع، الذين لهم مصداقية، لهم كفاءة وشواهد في هذا المجال، ويمارسونه عن علم وعن خبرة، ويعرفون الكميات اللازمة لعلاج كل مرض". وزاد قائلا: "تعامنا مع أمراض كثيرة وخطيرة، منها السرطان وأمراض الكوليسترول وغيرها باستخدام الأعشاب، وكانت النتائج جيدة والحمد لله"، مشيرا إلى أن "الأعشاب تعالج أيضاً نقص المناعة، باستخدام مشتقات النحل، خصوصاً لدى الأطفال الذين يعانون ضعف النمو في العظام". في المقابل، قالت الدكتورة ياسمينة آيت بوغابة، لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "استعمال الأعشاب دون معرفة الكميات اللازمة، ودون استشارة الطبيب قد يضر بصحة المريض". وأضافت هذه الطبيبة، المتخصصة في طب الأسرة والصحة الجماعاتية، أن "استعمال الكميات غير المناسبة سيخلق أضراراً بالمريض على مستوى الكليتين والكبد"، مشيرةً إلى أن "الأدوية تستخرج أساساً من الأعشاب الطبيعية، ولكن بمقادير صيدلية وعلمية".