أكد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأسبق، أن زيارته إلى المغرب، الثانية من نوعها، جاءت بعدما تم السماح له بدخول المملكة ولقاء الفعاليات الحزبية المغربية من طرف الملك محمد السادس. واعتبر أبو الوليد، في حوار مع هسبريس، أن المصالحة الفلسطينية وطي صفحة الانقسام الداخلي بين فصيلي حماس وفتح عرفت تباطأ، وأن الهبّة الشعبية انتصارا للأقصى سوف تضفي ظلالا للتقارب أكثر وإنهاء حال الانقسام الداخلي التي تسم المشهد السياسي الفلسطيني منذ 2007. كما تطرق الحوار مع القيادي الفلسطيني إلى الصراع العربي/العربي وأثره على القضية الفلسطينية، وكذا وثيقة حماس وموقفها الواضح من الاحتلال لأرض فلسطين... نرحب بكم أبو الوليد.. كيف جاءت هذه الزيارة إلى المغرب؟ وما هي الأهداف المتوخاة منها؟ أولا، أشكركم على هذا اللقاء للتواصل مع الشعب المغربي وقواه الحية، فأنا سعيد بوجودي في المغرب للمرة الثانية، هذه الزيارة جاءت بقدر من الله أثناء مروري عبر مطار الدارالبيضاء، وتحولت إلى زيارة من خلال خطوة كبيرة وكريمة من لدن صاحب الجلالة الملك محمد السادس بعدما راجعه إخواني في العدالة والتنمية في الموضوع، فرحب بي بدخول البلد ولقاء الفعاليات الحزبية والجمعوية، وأنا سعيد بهذه الزيارة. هل ستلتقي بفعاليات حزبية أخرى بعدما التقيت بحزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة؟ التقيت بعدد من الفعاليات الحزبية، وسألتقي بعدد من الفعاليات الحزبية الأخرى طيلة الفترة التي سأقضيها بالمغرب، وسأبقى مدة يومين وبعدها سأغادر المغرب العزيز. الزيارة جاءت في سياق معركة الأقصى.. هل ستطلبون دعما معينا لقضية القدس؟ من حسن الطالع أن هذه الزيارة جاءت في سياق معركة القدس والوضع الذي فرضه القرار الأمريكي لترامب، وهذا جزء من أجل مصلحة قضايانا المشتركة وعلى رأسها القدس وقضية فلسطين. وماذا عن المصالحة الفلسطينية؟ أين وصلت؟ قبل القرار الأمريكي كانت هناك خطوات جيدة في سبيل إنجاز المصالحة وطي صفحة الانقسام، ولهذا فقيادة حماس الجديدة خطت خطوات ممتازة من أجل إنهاء كل الأسباب والذرائع التي كانت تؤجج استمرار الانقسام. وكان من المأمول أن تكون آثارها أسرع ولكن تباطأت قليلا إلى أن جاء القرار الأمريكي لترامب فأضفى ظلالا إيجابية على المشهد الفلسطيني الداخلي، وأعتقد أنه سيخدم المصالحة. هل هناك عمل مشترك بين الفصائل الفلسطينية على الأرض لمقاومة القرار الأمريكي؟ طبعا، لدينا عمل موحد على الأرض وتنسيق ميداني في مواجهة القرار الأمريكي ومواجهة المحتل الإسرائيلي وخوض معركة القدس إلى النهاية، والهدف من هذه المعركة هو إجبار الإدارة الأمريكية على التراجع؛ ذلك أن قضية القدس تمثل للفلسطينيين البعد الديني والتاريخي والسياسي والرمزي، فهي عاصمتنا الأبدية، وهي قلب العرب والمسلمين، وقلب الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه. ولذلك فهذا الأمر فجر بركانا من الغضب وأعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد، في الوقت الذي أراد فيه ترامب أن يكسر إرادة الفلسطينيين، وأن يصفي واحدة من العناوين الفلسطينية، وهي القدس في سياق ما يطلق عليه بصفقة القرن. بالفعل هذا الفعل الشنيع أعاد صفقة القرن وحصن العرب والأمة من أية مشاريع لتصفية القضية، وأعاد للقضية وهجها وأصبحت القدس عنوانا كبيرا لإدارة المعركة بيننا وبين المحتل الإسرائيلي. إذا ما تحولت هذه الهبّة الشعبية ضد القرار الأمريكي إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة، سؤالي هنا أبو الوليد، ماذا أعددتم لهذه الانتفاضة؟ الشعب الفلسطيني له مخزون كبير، ووحدة الشعب الفلسطيني أمر أساس، والأمر الثاني استعمال جميع أوراق القوة التي نتوفر عليها، فالانتفاضة تحتاج إلى تضحيات وشهداء وتنويع في الوسائل، ولهذا أكدنا على اعتماد استراتيجية نضالية مشتركة، أي تدبير الميدان معا عبر تحديد الاستراتيجيات والتكتيكات والأدوات للمواجهة مع الاحتلال التي نتفق عليها، وهذا يعظم الأجر ولا ريب. أنت تعلم يا أخي أن الفلسطيني له مخزون هائل من الرصيد، ومن القدرة، ومن الشجاعة، فأنتم رأيتم إبراهيم أبو ثريا كيف استشهد بالرغم من الإعاقة، ورأيتم الفتاة الصغيرة عهد التميمي وكيف تواجه الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح. لا تخافوا على الشعب الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني يواجه المحتل الإسرائيلي وقرار ترامب بصف وطني موحد وبخيارات مفتوحة وبأدوات النضال وبإصرار ونفس طويل... هذا على المستوى الداخلي.. وما هو المطلوب أيضا على المستوى الخارجي؟ نريد للعالم أن يقف معنا، ولكن أنا واثق بأن الأمة العربية والإسلامية لن تقصر معنا، وحتى الغرب هناك دول كثيرة وقفت ضد القرار الأمريكي، واليوم الأمريكان معزولون بهذا القرار، وإسرائيل أيضا في حالة عزلة، ونريد من خلال النضال الفلسطيني على الأرض والدعم العربي والإسلامي والإنساني أن ننتصر في هذه المعركة ونحن قادرون على ذلك. هل الصراع العربي/العربي يؤثر على دعم الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال؟ بالطبع، فأن ينشغل العرب بانقساماتهم وأن تزداد هذه الخلافات والانقسامات، وكثير منها لا معنى له، فهي خلافات عبثية، نعم هناك أزمات تحتاج إلى حلول في العالم العربي، وحق الشعوب في أن تعالج أزماتها، صحيح أننا نحترم خصوصية البلدان، ونحترم تطلعات الشعوب العربية والإسلامية، فهذا شيء طبيعي، ولكن هناك معارك عبثية نعرفها وخلافات مصطنعة بين الأشقاء العرب. الأصل أن نتوحد من أجل أمن ورفاه واستقرار أوطاننا العربية والإسلامية أولا، وأن نتوحد على معركة فلسطين في مواجهة العدو الصهيوني الذي هو الخطر الذي يداهم الأمة، لا أن يلجأ بعض العرب اليوم إلى إسرائيل وكأنها المنقذ، وكأنها جزء من الحل بينما هي أساس المشكلة التي نعاني منها أزيد من 70 سنة وإلى اليوم. فاليوم هناك تحد مفروض علينا جميعا، وانشغالنا بالعبث وبالمعارك المصطنعة لا يخدم قضية فلسطين ولا يخدم الدول العربية نفسها. نعم نعمل لمصلحتنا كأمة، ونعمل لمصلحة قضايانا وعلى رأسها قضية فلسطين. وثيقة حماس التي خرجت للعلن في منتصف العام الجاري أثارت جدلا في الأوساط العربية والإسلامية بخصوص الموقف غير الواضح من احتلال أرض فلسطين التاريخية، وهو ما بدا أنه تنازل للحركة على مواقفها السابقة، حبذا لو أوضحتم أكثر للقارئ والمتابع حقيقة الموقف؟ أوضحنا ذلك حينما خرجت الوثيقة في مطلع شهر ماي الماضي حيث كان القرار واضحا، نحن وضعنا خلاصة الفكر السياسي للحركة، والمواقف التي أعلنتها ومارستها في العقدين السابقين، وضعناها في وثيقة من 40 بندا واضحة المعالم، فلا تغيير في الاستراتيجية العامة، بمعنى لا تنازل عن الأرض ولا تنازل عن القدس.. بما فيها فلسطين التاريخية أي أراضي 48؟ طبعا، فلسطين من البحر إلى النهر، ومن الشمال إلى الجنوب، فلسطين هي فلسطين.. مضمنة في الوثيقة؟ نعم، لا تغيير على مفهوم الوطن الفلسطيني، ولا تغيير طال موقفنا من القدس، أو حق العودة وخيار المقاومة ووحدة الشعب الفلسطيني. وهذا كله مطروح في الوثيقة. فما هو الجديد في هذه الوثيقة طالما حماس محافظة على فكرها السياسي ورؤيتها الاستراتيجية للتعاطي مع الاحتلال؟ حماس ومن أكثر من 10 سنوات، ومن أجل أن تصل إلى قواسم مشتركة مع شركائنا في الوطن الفلسطيني ومع العرب، قلنا إذا كان هناك برنامج فلسطيني عربي يقوم على استعادة الحق الفلسطيني عام 67 بعاصمة القدس وحق العودة دون الاعتراف بإسرائيل ودون التنازل عن أي جزء من الحق الفلسطيني، نعتبر هذا برنامجا توافقيا وطنيا فلسطينيا يساعد على العمل المشترك دون التنازل عن بقية الأرض الفلسطينية. وهذا خلاف مع غيرنا الذي يعتبر هذا هو هدفه الاستراتيجي، نحن نعتبر هذا من المساحة التي نتقاطع فيها مع الآخرين، لكن المساحة الأصلية لم تتغير، وسبق لي أن أوضحت هذا الأمر في مؤتمر صحافي في الموضوع. شكرا أبو الوليد على هذا اللقاء الخاص مع جريدة هسبريس تحية لكم جميعا، وللشعب المغربي قاطبة ولجلالة الملك محمد السادس وإلى كل القوى الحزبية بالمغرب وإلى الشارع المغربي وجماهيره التي نزلت إلى الشارع نصرة للأقصى.