أبرز القيادي الفلسطيني البارز وعضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، خالد مشعل، مواقفه وآراءه حول مجموعة من الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والخلافات العربية وتداعيات القرار الأخير للرئيس الأمريكي حول القدس ووقوف بعض الأنظمة العربية وراء هذا القرار، كاشفا معطيات حول محاولات جديدة لاغتياله من طرف "إسرائيل". وأشاد الرئيس السابق للمكتب السياسي لحماس، في حلقة جديدة من برنامج "حوار في العمق"، يُبث مساء اليوم، بدور الملك محمد السادس في دعم قضية القدس، موجها رسائل إلى الحكام والشعوب العربية، موضحا علاقة حماس بإيران وحزب الله وحصار قطر والمبادرة المصرية في المصالحة وردوده على الانتقادات الموجهة لسياسة الحركة. حاوره : محمد لغروس / أعده للنشر: محمد عادل التاطو / تصوير: إسماعيل الأداريسي العمق: قرار ترامب .. هل يمكن القول عنه "رب ضارة نافعة"؟ نعم، لكن هذا لا يقلل من خطورته، فهو يستهدف قلب القضية الفلسطينية وقلب الأمة وموضوع حساس وأهم عنوان للقضية، خاصة وأنه يأتي في سياق فرض تطبيق صفقة القرن التي فيها تصفية القضية الفلسطينية وقد يعطي للكيان الصهيوني إغراءً وغطاءً للقيام بمزيد من الاستيطان والمصادرة، كما هم الآن يبحثون ويناقشون مشاريع قرارات في الكنيست الإسرائيلي. لكن من ناحية أخرى، نعم "رب ضارة نافعة" أعاد وهج القضية وأصبحت القضية الفلسطينية تحت عنوان القدس، لها الصدارة في المشهد الإقليمي والدولي، عزز وحدتنا الوطنية الداخلية الفلسطينية من أعتقد أنه سيضر بصفقة القرن ويحرج من كان يروج لها أو يقوم بتلميحات أو تصريحات حولها. العمق: تقارير إعلامية عدة منها إعلام الاحتلال الصهيوني، كشفت أن ترامب ما كان ليقدِم على هذا القرار لو لم يتلق ضوءً أخضر من أنظمة عربية وإسلامية، ما تعليقكم؟ هذه مقولات سمعناها من دوائر أمريكية وإسرائيلية ولا شك أنها مقلقة لأنها تشير بأصابع الاتهام لأطراف ما بالمنطقة، حتى الآن لم نسمع مواقف حاسمة لمثل هذه الأطراف التي يشار إليها ولو بالتلميح، والقضية الفلسطينية وقضية القدس بالذات لا تحتمل الالتباس ولا الاختباء خلف أي ستائر، لأن هذه مسألة حساسة على الجميع أن يحدد موقفه. فبدل أن يكون أي طرف في موضع ملتبس ومتهم، خير له أن يتخذ الموقف القوي الذي يجعله في سجل الشرف وفي إطار الموقف الوطني والعربي والإسلامي والإنساني المناصر لفلسطين وللقدس والرافض للقرار الأرعن للإدارة الأمريكية، والرافض كذلك الهيمنة الصهيونية على موضوع القدس، فهذه مسألة أساسية ينبغي أن تحسمها هذه الأطراف. العمق: يعتبر البعض أن الشعوب والأنظمة العربية والإسلامية انشغلت بأمورها الداخلية وهو ما جعل من قضية فلسطين لا تتصدر الأولويات، لكن البعض الآخر اعتبر أنه لا تناقض أصلا بين مطالب الشعوب والهدف الاستراتيجي بتحرير الأراضي الفلسطينية كاملة، ما تعليقكم؟ لاشك أن الأزمات المنطقة صرفت الأضواء عن القضية الفلسطينية، لكن كما تفضلتَ القضية هي معركة بين الأمة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني ومعنا أصدقاؤنا في العالم، ضد المشروع والاحتلال الصهيوني، بينما ما يتعلق بالربيع العربي أو بمطالب الشعوب فهذه قضايا تتعلق بتطلعات شعبية في الأقطار للتنمية والديمقراطية والإصلاح، لا تعارض بين هذا وذاك. نحن لا نتدخل في السياسات الداخلية للبلاد العربية، من حق كل شعب وكل وطن أن يعالج شأنه الداخلي بحوارات وتفاهم والمطالبة بإصلاح وفق ما تسمح به ظروف تلك الدول، وهذا أمرهم الخاص، ونحن مع تطلعات الشعوب دون أن نتدخل في أزمات المنطقة، وفي ذات الوقت نصبح جميعا موحدين في معركة الأمة الأساسية معركة فلسطين في مواجهة المشروع الصهيوني وفي معاركة الأمة تجاه غزاتها ومن يعتدي على أراضيها. العمق: يقول مثل فلسطيني "لي يجرب المجرب بيكون عقلو مخرب"، هل يمكن أن نعتبر عملية السلام اليوم، نوعا من العبث، خاص بعدما قال الرئيس الفلسطيني إن الولاياتالأمريكية فقدت حيادها في القضية؟ تجربة التسوية ليس لأن الناس لا يعرفون الحقائق وعبرة التجارب التي أوصلتنا إلى ذلك المثل الفلسطيني الذي ذكرت، لكنه العجز، فالعاجز الذي ليس له خيارات أخرى يظل يكرر الخيار المتاح وحده، بينما من يملك خيارات متعددة يعرض السلام فإذا لم ينجح يذهب إلى خيارات أخرى. لكن للأسف الضعف العربي والضعف الفلسطيني في بعض مستوياته يؤدي إلى بقاء الناس في المراوحة في نفس المكان وإعادة إنتاج وتجريب نفس خيارات التسوية، وحتى إذا خرجت الولاياتالمتحدةالأمريكية من موقع الراعي والتسوية لأنها ليست نزيهة ولم تكن يوما ما نزيهة، فهذا لا يعني أن هناك فرصة أخرى لراعٍ جديد، وذلك لسببين، أولا إسرائيل لن تقبل راعيا آخر غير الولاياتالمتحدة، لا أوروبا ولا روسيا ولا غيرهما، ثانيا التسوية لم يعد لها سوقا ولا أمامها فرصة لأن الطرف الإسرائيلي يرفض الحقوق الفلسطيني ويرفض حتى حل الدولتين المتعارف عليه دوليا وفي السياسة العربية والفلسطينية الرسمية. فما الجدوى أن تبحث عن تسوية بينما الطرف الآخر رفض سلفا مناقشة ما يتعلق بالحق الفلسطيني والعربي وحسم موقفه في قضية العودة والقدس والأرض وغيرهم، إضافة إلى أن زعامة التسوية منحازون وبالتالي استمرار العبث فيها يضر كثيرا بمصالحنا الفلسطينية. العمق: هل وجود راعٍ آخر للسلام سيخدم القضية؟ لا يوجد حاليا راعٍ يمكن أن يحل مكان الإدارة الأمريكية لسبب واضح أن إسرائيل ترفضه، سبق أن حاول الأوروبيين وروسيا لكنهم رُفضوا لأن إسرائيل تريد راعيا على مقاسها والبيت الأبيض هو كذلك، ثم إنه لا جدوى من التفاوض مع إسرائيل، والذي لا يملك خيار الحرب والمقاومة وليست عنده أوراق بديلة لا يستطيع أن يفرض خيار السلام على الآخر، الذي يصنع السلام هو تعدد الخيارات وجاهزيتك لخيار الحرب والمقاومة. العمق: الملك محمد السادس قام بعدة مبادرات منها مراسلة ترامب والأمم المتحدة والاتصال بأبو مازن، كيف تقيم دور لجنة القدس من القضية الفلسطينية؟ موقف جلالة الملك محمد السادس يُشكر عليه في الموضوع الفلسطيني بخطواته بعد رسالته لترامب والمواقف التي عبر عنها المغرب رسميا وشعبيا والحراك الذي رأيناه في الشارع وتحركات البرلمان والقوى الحزبية، صراحة الأداء المغربي كان ممتازا، والأداء العربي والإسلامي عموما كان جيدا وممتازا في بعض الساحات، أوروبا أيضا كان موقفها جيدا، وهذا يبشر بخير كبير. فالعالم حين يرى الفلسطيني حاضرا في الميدان ومنتفضا على القرار ويقاوم المحتل الإسرائيلي، ويرى العرب والمسلمين على المستوى الرسمي والشعبي، غاضبين على قرار ترامب ويرفضونه بالقول والفعل ويتحركون على كل الأصعدة، عند ذلك العالم سيقتدي بنا وسنجد أنصارا كما وجدناهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما صوتوا ضد قرار ترامب، فالمغرب يُشكر على مواقفه، وأنا سعيد بوجودي في المغرب الذي يعبر عن مواقف إيجابية من القضية الفلسطينية دائما. العمق: خلال زيارتكم للمغرب التقيتم بعدد من الهيئات والأحزاب السياسية، كيف تقيمون الزيارة، وما هي أبرز العناصر التي تناولتموها؟ اهتمام كبير بالقضية الفلسطينية، شعور الجميع أن القضية قضيته، المتابعة والمواكبة الممتازة، المعرفة بالتفاصيل، المعنويات العالية والجاهزية لأداء الدور وارتفاع الروح المعنوية، هذا كله وجدناه، مع تأكيد كل الأطراف الحزبية والشخصيات التي قابلناها على أهمية المصالحة الفلسطينية ووحدة الصف الفلسطيني، وشرحنا لهم كل ذلك، فكان الحديث عن المصالحة وخطواتها الجارية وكيف نحاول تحقيقها وإتمام ملفاتها، وكيف نواجه معا كأمة وإنسانية ومع أصدقائنا في العالم قرارا ترامب وكيف نسقطه. العمق: التقيتم قبل أيام بنواكشوط مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز .. ما هي أبرز المجازر التي تناولتموها؟ موريتانيا كان لها موقف متميز من قديم حين أغلقت السفارة الإسرائيلية، وهذا يُحسب لفخامة الرئيس ولد عبد العزيز وحضوره لقمة غزة عام 2009 بالدوحة انتصارا لغزة ضد العدوان الصهيوني، والفعاليات الشعبية ممتازة ومواقف القوى الحزبية في الأغلبية والمعارضة، فوجدت في موريتانيا موقفا رسميا وشعبيا ممتازا، والرئيس أيضا له مواقف واضحة، وتبادلنا الرأي في كل هذه المسائل. العمق: ما هي رسالتكم للحكام والشعوب العربية؟ الشعوب أولا رهاننا عليها كبير، لأنها شعوب حية وقضية فلسطينوالقدس كانت وما زالت وستظل عميقة في الوجدان العربي والإسلامي، نطالبهم بالمزيد من الغضب الذي أظهروه في الأسابيع الماضية، ولكن نريده غضبا مستمرا بنفس طويل وتعدد الميادين والساحات والجبهات والإبداع في وسائل الرفض التي فعلا تتراكب لتجبر الإدارة الأمريكية على التراجع وأن يمتد هذا إلى أصدقائنا في العالم. بالنسبة للأنظمة والحكام بعضهم اتخذ مواقف ممتازة يشكرون عليها، بعضهم كان موقفه محدود، والبعض الآخر كان غائبا، نريد من الجميع ألا يغيبوا عن معركة القدس، معركة القدس واجب وشرف، ومن يغيب عن معركة الواجب والشرف فهو الخاسر وسيكون متهما أمام أمته، وسيسجل ذلك بحروف سوداء في السجل التاريخ ولا نحب لأحد أن يكون في هذا المربع، بل نريد من الجميع أن يكون معنا في المربع الصحيح وأن نكسب الجميع. العمق: هناك من اعتبر أن من بين أسباب حصار قطر هو دعمها واحتضانها للمقاومة الفلسطينية .. كيف تعلق على ذلك؟ قطر وبصورة مكشوفة وواضحة يدعمون القضية الفلسطينية ويدعمون الشعب الفلسطيني في صموده ولديهم مشاريع إعمار معروفة في غزة وليست سرا، وهم يعلنون ذلك وهذه هي الحقيقة، ويدعمون أبناء الضفة الغربية وعلاقتهم مع القيادة الفلسطينية في رام الله ممتازة وهم منفتحون على كل المكونات الفلسطينية من حماس وفتح والآخرين، وهذا الأمر ليس خافيا على أحد. فالسياسة القطرية واضحة وإيجابية تجاه القضية الفلسطينية، وذرائع الحصار مُختلقة، وقطر تؤدي واجبها تجاه القضية الفلسطينية، وموضوع فلسطين يجب أن يُحيد أمام أي طرف له خلاف ما مع قطر، ونحن لا نحب الخلافات بين العرب ونريد أن يكونوا موحدين وألا يصطنعوا خلافات ونزاعات لا مبرر لها، والخلافات بين الدول تعالج بالحوار والتواصل وليس بالقطيعة، وأن نعمل لمصلحة أمتنا ونتوحد لقضايانا المركزية وعلى رأسها قضية فلسطينوالقدس. العمق: أين وصلت المبادرة المصرية من أجل المصالحة الفلسطينية وماهي فرص نجاحها ؟ المصالحة الفلسطينية ليست مجرد مبادرة مصرية بل هي قرار فلسطيني والمصريين قاموا بدور الرعاية مشكورين، وبُذلت جهود كبير في الشهور الماضية، وقيادة حماس قطعت شوطا كبيرا وخطت خطوات كبيرة وكان المأمول أن يُستجاب لها بخطوات مماثلة لنقترب من طي صفحة الانقسام وإيجاد حلول حقيقية لكل ملفات المصالحة، للأسف حصل تباطؤ وأحيانا تعثر، لا شك أن قرار ترامب وفَّر بيئة أفضل للتقارب الفلسطيني وأن نتوحد في معركة القدس، ولا يجب تضييع هذه الأجواء الإيجابية بدون جهد حقيقي مباشر يصب في إنجاز المصالحة بكل ملفاتها ونأمل أن يتحقق هذا سريعا. العمق: من المسؤول عن هذا التباطؤ؟ لا نريد في الإعلام أن ندخل في هذه التفاصيل لأننا لا نريد تحديد المسؤوليات بقدر ما نريد توفير الأجواء الإيجابية لتحقيق المصالحة وأن يكون الجهد مشتركا من الجميع. العمق: علاقتكم بإيران أثارت نقاشا خاصة بعد موقفكم من الأحداث في سوريا .. هل عادت هذه العلاقة إلى سابق عهدها؟ هناك تطور في العلاقة مع إيران فنحن أصحاب قضية عادلة وحركة مقاومة نحتاج لدعم الجميع، إيران لنا معها علاقة سابقة ولا زالت مستمرة، لاشك أن علاقتنا معها تأثرت في السنوات الماضية لكنها لم تنقطع، ومن حقنا وواجبها أن ننفتح على الجميع فهذه سياسة مفتوحة مع إيران ومع غير إيران، وإيران قدمت دعما للقضية ولحمس من قبل وهذه الأيام أيضا ومشكورة على ذلك. بالمقابل، هناك أوضاع في المنطقة معروفة وأزمات للشعوب وجراح نازفة هنا وهناك، ونحن لا نتدخل فيها لكن واجبنا الأخلاقي والعربي والإسلامي أن نؤيد حقوق الشعوب في تطلعاتها نحو الإصلاح والحرية، وهذه مبادئ وقيم ليست مع العرب فقط بل مع الإنسانية، وأنا فلسطيني ولكن أنا أيضا عربي ومسلم وإنسان، فأنا سأكون دائما مع الإصلاح والتنمية والحق والديمقراطية وحقوق الإنسان وضد الظلم، سواء في ساحاتنا العربية والإسلامية أو في العالم، وهذه قيم ولا تعني التدخل في شؤون الآخرين ولا يمكن تجاهل معاناة الشعوب. وأن تسعى حماس لمصالحها المتعلقة بالقضية والصراع مع إسرائيل وتعزيز قوة المقاومة، فهذا مسار صحيح وحقنا وواجبنا، وأن نحتفظ بأخلاقنا ومواقفنا تجاه القيم المتعلقة بالشعوب والإنسانية، خاصة بأهلنا العرب والمسلمين، فهذا أيضا حقنا وواجبنا وهو مسار صحيح ولا تعارض بينهما. العمق: هناك بعض المؤاخذات على حماس من طرف بعض المتتبعين، إحداها متعلقة بالزيارة إلى مصر في حد ذاتها وحضور قيادتكم مع بعض الإعلاميين الذين كالوا تهما لا حد لها إلى حماس، بل إن أحد التهم الموجهة إلى رئيسها الشرعي محمد مرسي هو التخابر مع حركتكم، ما ردك؟ نحن في السياسة ضد القطيعة، نحن أصحاب قضية منفتحون على الجميع فكيف إذا كانا جارا لنا، نحن مع الانفتاح على الجميع القريب والبعيد، فمن باب الأولى أن نكون منفتحين على القريب خاصة إذا كان جارا وبحجم مصر، واللقاء مع الآخر لا يعني التطابق معه، نختلف ونتفق مع هذه الدولة أو تلك لكننا كأمة واحدة وأصحاب قضية وفي جوار جغرافي من الطبيعي أن يكون بيننا تواصل وعدم القطيعة حتى وإن اختلفنا معهم، فحماس ليست مع القطيعة بحال. والقطيعة مع الإعلاميين لا معنى لها أيضا، والإعلامي الذي شتمك في الماضي أو أساء إليك هو الذي أتى إليك الآن فلماذا أقاطعه، القطيعة جيدة مع الاحتلال الصهيوني وعدم التطبيع معه وليس فيما بيننا كعرب ومسلمين أو مع أي شعب في العالم لم يؤذينا. العمق: المؤاخذة الثانية متعلقة بالوثيقة السياسية التي أصدرتها حماس ماي المنصرم، حيث اعتبرها البعض تنازلنا عن عدد من الحقوق الفلسطينية، ما تعليقك على ذلك؟ حماس اجتهدت في سلوكها العملي طوال السنوات الماضية، وصممت وثيقة باعتبارها ورقة فكرية فيها إبداع وتوازن رصين بحيث لا تتنصل ولا تغير من استراتيجيتك وتمسكك بالثوابت والحقوق الوطنية، وفي ذات الوقت أنت تطور فكرك وأدائك السياسي بما يحقق المصالح ويخدم قضيتك وشعبك وبما يساعد على الالتقاء على قواسم مشتركة مع الآخرين، وهذا ينطبق على وثيقتنا التي تضم 42 بندا كما أعلناها في ماي الماضي. ثوابتنا في القضية الفلسطينية لم تتغير، فلسطين هي فلسطين حقنا فيها كامل ولا نتعرف بالاحتلال الإسرائيلي ومتمسكون بحق العودة والقدس والمقاومة والإفراج عن الأسرى، وفي المقابل البرنامج المشترك الذي يمكن أن تتقاطع عليه برامجنا مع شركائنا في الوطن، نلتقي عليه، طالما لا يتعارض مع تلك الثوابت والاستراتيجيات، هذا هو الإبداع الذي سعينا إليه، وهذا يُحسب لحماس وليس تهمة عليها. العمق: كيف هو حال المقاومة على الأرض .. خاصة التنسيق مع باقي فصائل؟ المقاومة من حيث الفكرة راسخة، وكذلك الإرادة والتصميم والإصرار، فشعبنا منذ 100 عام لم تتوقف عنده مسيرة النضال والمقاومة والانتفاضة، أما الأشكال تتغير وكل حقبة لها أشكالها وأدواتها، مرة مقاومة من داخل فلسطين مرة عبر الحدود مرة انتفاضة مرة ثورات، هذا إبداع الشعوب والشعب الفلسطيني مبدع في ذلك. المقاومة في غزة اليوم لها بنية عظيمة سواء حركة حماس أو الجهاد الإسلامي أو بقية الفصائل الفلسطينية، وبالتالي حالها مطمئن، وسلاح المقاومة غير قابل للمساومة لأنه موجه للاحتلال وليس للداخل الفلسطيني. أما الضفة الغربية فهي ساحة مواجهة، لأن فيها احتلال واستيطان وعربدة إسرائيلية وفيها القدس المستهدفة، وبالتالي هي الساحة الحقيقية الأكثر استدعاءً للمقاومة والاشتباك مع الاحتلال، لكن للأسف في هذه الساحة توجد عقبات كبيرة جزء منها متعلق بالضغط الأمني الإسرائيلي والملاحقات، وجزء منه يتحمل الفلسطينيون، ممثلين في السلطة، المسؤولية بحكم التنسيق الأمني وعدم السماح بالمقاومة وسلاحها، وبالتالي هناك خلل نأمل في ظل المصالحة أن نتوافق على استراتيجيات مشتركة لمواجهة الاحتلال في كل مرحلة. العمق: كيف تقيمون موقف حزب الله من المقاومة بين 2006 واليوم؟ حزب الله كمقاومة لنا تاريخ معه وعلاقتنا كانت من قبل ومن بعد ومعروف هذا في التاريخ، أما ما يتعلق بأدائه في سوريا فقد سبق أن أعلنا مواقفنا في تلك المسألة ولا داعي للعودة إلى هذا الموضوع، المقاومة ضد الاحتلال كلنا معها، وأي ممارسات أخرى في ساحات أخرى تحت عناوين أخرى، فهذا موضوع لا شك مختلف عليه ونحن نحدد موقفنا في كل لحظة، وتم هذا في الماضي ولا داعي للعودة إليه من جديد. العمق: سبق أن تعرضتم لمحاولة اغتيال شهيرة أقل ما قيل عنها أنها محاولة جبانة، هل تعرضتم لمحاولة مماثلة أو تحرش آخر من هذا النوع في مراحل أخرى؟ الجهاز الأمني في الحركة رصد محاولات أعقبت تلك المحاولة على أكثر من مرحلة، لكن كانت في بداياتها الأولى وأحبطت بفضل الله تعالى ولم تصل إلى مرحلة التنفيذ، لأنه ولله الحمد ليدنا عيون مفتوحة فبعض الأشياء كشفناها وبعضها الآخر لم نكشفه، والله سلَّم، ونحن ندرك أن الأجل هو الحارس الأول للإنسان، لأنه طالما لديك عمر فلن تموت إلا بعد أن تستوفيته، "وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا"، وهذا يعطينا يقين وشجاعة، ونحن لا نخاف من الموت وإذا جاء فهو الشهادة التي نتمناها. العمق: ليست هذه هي المرة الأولى التي زرتم فيها المغرب .. كيف وجدتم شعبه وأكله والجانب الثقافي والاجتماعي فيه؟ المغرب بلد جميل في تضاريسه، من السماء تراه جميلا وعلى الأرض تراه جميلا وبحره ومدنه والاخضرار والأشجار، وهو شبيه بالبيئة الفلسطينية، ونحن أبناء بيئة زراعية فيها المياه والجبال والسهول والأشجار والمزروعات وهذه بيئة البحر المتوسط، فلا شك أن الإنسان يستروح فيها، فكيف وهو يجد شعبا جميلا مضيافا، القضية الفلسطينية تعيش في قلبه، ويحب فلسطين وأهل فلسطين، وأيضا هذا الامتزاج بين الموقف الرسمي والشعبي، لا شك أن ذلك يبعث على السعادة، أنت تشعر على أنك في بلد قريب إليك وأنه معك رسميا وشعبيا، وعاداته الغذائية – بعضها جديد علينا – لكن فيها قواسم مشتركة وأنا أحب الصوت المغربي في التواشيح والأناشيد الجميلة، فالمغرب غني بشعبه ثقافة وسياسية وتجربة حزبية، ونبارك لكم ذلك.