اعتبر فوزي برهوم، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، والمتحدث باسمها في قطاع غزة، أن أي تطبيع أو نسج علاقات مع الاحتلال على أي مستوى كان هو «أكبر خطر على القضية الفلسطينية»، وهو يعني «شرعنة واضحة للعدو الصهيوني وهو بمثابة إعطاء الغطاء للمزيد من الجرائم الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني»، وأكد القيادي في حماس في حوار مع «التجديد»، أن الربيع العربي والنهضة الإسلامية، تركا الأمل في «تحقيق حلم فلسطيني لاستعادة العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية الذي غيب على مدى خمس عقود من الزمن». ويرى برهوم أن « مسيرات القدس العلمية دليل على أن هناك نقطة تحول تاريخية حصلت في تاريخ الصراع مع الاحتلال، وهي بمثابة حالة نهوض وإسناد غير مسبوق للقضية الفلسطينية». ❍ أين وصلت مساعي المصالحة الوطنية الفلسطينية؟ بعد صمت طويل، كانت المصالحة في فترة معينة في اتجا المسار الصحيح، وتحديدا بعد اللقاءات المتعددة بين السيد خالد مشعل والرئيس محمود عباس في القاهرة، مرورا بإعلان الدوحة ثم اللقاء الذي حصل بين الدكتور موسى مرزوق والرئيس محمود عباس في القاهرة قبل أيام، لكن الخطى باتجاه تحقيق المصالحة هي خطى بطيئة، لأنه مازال هناك ضغوط أمريكية وإسرائيلية وأوروبية على حركة فتح والرئيس محمود عباس وعدم التصالح مع حركة حماس ومحاولة الابتزاز السياسي ، بكافة أشكال الضغط، وأيضا شروط الرباعية لازالت حاضرة في المعادلة الفلسطينية بشكل قوي وضاغط، وهناك انشغال عربي كبير بما يجري داخل الدول العربية بعيدا عن الاهتمام بتشكيل شبكة أمان للمصالحة الفلسطينية من الدول العربية، رغم ذلك حركة حماس قدمت الكثير بين يدي رجال المصالحة في الكثير من الملفات، منها ملف اعتقالات أبناء فتح أو قيادات حركة فتح بقطاع غزة، أو حرية التعبير والرأي وإعطاء «فتح» مساحة واسعة للتحرك وترتيب شؤونها الداخلية بقطاع غزة، أيضا في ملف المصالحة المجتمعية حركة حماس قدمت بين يدي اللجنة كل المتطلبات، وفي ملف تسليم بيت أبو مازن الموجود في قطاع غزة، وافتتاح مقر اللجنة المركزية المشرفة على الانتخابات، بالمقابل في الضفة الغربية هناك تيار متغلغل في الأجنحة الأمنية لا يريد المصالحة، وكلما اقتربت حركة فتح من التوصل إلى اتفاق مع حماس يبدأ بالتصعيد الميداني والإعلامي والأمني، لازالت في الضفة الاعتقالات السياسية والإستدعاءات والهجوم على حركة حماس، هذا التيار متضرر جدا من المصالحة وهو موجود بشكل كبير في الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، رغم ذلك لقاء أبو مازن وموسى أبو مرزوق كان لقاءا إيجابيا، تكلموا عن ضرورة الشروع في تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة التي يترأسها الرئيس محمود عباس، وحماس جاهزة للنقاش حول تفاصيل الحكومة المؤقتة ذات المهام الانتقالية، إلى حين الترتيب لإجراء انتخابات جديدة، نتمنى من حركة فتح أن تلتقط هذه المؤشرات الإيجابية، وتبدأ هي أيضا في وضع المصالحة على سلم الأولويات بعيدا عن التجادبات مع الأمريكان أو الإسرائيليين. ❍ وضع المقاومة الفلسطينية الآن ودورها في مستقبل القضية؟ حركة حماس معروفة عن احتضانها للمقاومة، وضحت بالكثير من القيادات من أجل هذا المشروع، ونحن لا نبني مشروعنا في حماس إلا على خط واحد، هو خط المقاومة في صراعنا مع الاحتلال، لأن السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير جربوا عشرين عاما من المفاوضات وفي النهاية لم يحصلوا على شيء، وحصل العدو الصهيوني على الشيء الكثير، من خلال غطاء المفاوضات مع السلطة والاحتلال، المقاومة في غزة قوية وفاعلة وحاضرة للجم العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، وحرب الفرقان أكبر دليل على استبسال قيادات المقاومة. في الضفة الغربية للأسف الشديد هناك استئصال للمقاومة، من بوابة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال، حيث توجد اتفاقية أسلو المشئومة وخارطة الطريق، وبالتالي كوادر المقاومة في الضفة مغيبة في السجون، سواء سجون السلطة أو سجون الاحتلال، فإذا خرجت قيادات المقاومة من سجون الاحتلال تودع في سجون السلطة وكذا العكس، وهذا أكبر خطر على مشروع المقاومة، ورغم ذلك نحن نؤمن بأن الطريق الوحيد لاسترداد الحقوق وطرد الاحتلال هي المقاومة. ❍ كيف تلقيتم المسيرات العالية من أجل القدس في ذكرى يوم الأرض؟ هذا دليل على أن هناك نقطة تحول تاريخية حصلت في تاريخ الصراع مع الاحتلال، وهي الربيع العربي وسقوط الديكتاتوريات وسقوط خط الحماية الأول للاحتلال الصهيوني، وهي بعض الأنظمة العربية الدكتاتورية التي غيبت القضية الفلسطينية وشجعت الاحتلال الصهيوني على التمادي في البطش بحقوق الشعب الفلسطيني، وبالتالي نعتبر أن ما حصل يوم الجمعة، «يوم الأرض»، هو بمثابة حالة نهوض وإسناد غير مسبوق للقضية الفلسطينية وحقنا في فلسطين وحقنا في القدس، والمسجد الأقصى، وهذا تأكيد على أن العد و الصهيوني بدأ ينحصر وينعزل، وأن القضية الفلسطينية باتت على طاولة كل صناع القرار في العالم، وهي أكبر حالة إسناد حصلت للقضية الفلسطينية في هذا اليوم، نتمنى أن نبني على ما حصل في مسيرة القدس العالمية بمزيد من الفعالية على كل المستويات، ونعتبر أن تلك المسيرات داعمة لحقنا في القدس والمسجد الأقصى المبارك، ونعتقد أن هذا اليوم هو يوم الأمل بالنسبة للشعب الفلسطيني، جعل الطريق إلى القدس أقصر من أي وقت مضى. ❍ ألا تعتقدون أن مسيرات القدس العالمية شهدت تعتيما إعلاميا ملحوظا؟ الإعلام تناول ما جرى، لكن كان لابد أن تعطى مساحات أكبر في كل وسائل الإعلام العربية والإسلامية والدولية، الإعلام مازال على مستوى العالم تتحكم فيه السياسات ومصالح كثير من الدول، لكن الحدث فرض نفسه بقوة على الكثير من وسائل العلام بالرغم من أنه كان يفترض أن يعطى له وقت أكثر وتفاصيل أكثر، لكن واضح أن الماكينات الإعلامية في كثير من البلدان لازالت تحكمها أنظمة وأجندة سياسية معينة، نتمنى أن يتحرر الإعلام العالمي من قبضة التحكم الرسمي ليصبح إعلاما يدعم حقوق الشعوب والحريات والشعب الفلسطيني ولابد أن يدعم الإعلام العربي والإسلامي قضية فلسطين كقضية أولوية حتى يكون هناك فضح لجرائم الاحتلال وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني. ❍ في المغرب أيضا شهدت الدارالبيضاء مسيرة ضخمة شاركت فيها جميع القوى السياسية وحضرها مآت الآلاف من المواطنين، كيف تقيمون التضامن المغربي الرسمي والشعبي مع القضية الفلسطينية؟ قضية فلسطينوالقدس قضية حاضرة في الوجدان المغربي على المستوى الرسمي وعلى المستوى الشعبي، والمستوى الميداني والمؤسساتي، ولمسنا هذا التغير في كثير من المحطات في المغرب الشقيق، والمغرب ظل حاضرا أيضا بقياداته وأبناءه ومؤسساته في مسيرات يوم القدس العالمي ، أتمنى أن يكون هناك المزيد من التواصل مع الشعب الفلسطيني ومع مؤسسات الشعب الفلسطيني ومع أهلنا في قطاع غزة على المستوى الرسمي والشعبي والمؤسساتي والجماهيري في المغرب الشقيق، لنحقق التراكم في هذا العمل الإيجابي بما يضمن علاقة فلسطينية مغربية قوية ومتينة، فالمغرب حاضر في المعالم الفلسطينية فهناك حارة المغاربة في القدس، وبوابة المغاربة من بوابات المسجد الأقصى المبارك، وهناك شهداء مغاربة لديهم مقبرة هناك في القدس، وبالتالي دماء المغاربة اختلطت بدماء الفلسطينيين، ولابد إذا أن نحيي هذه الذكرى بما يضمن متانة وصلابة مغربية فلسطينية سيتم تعزيزها بالصمود الفلسطيني والتلاحم العربي الإسلامي الفلسطيني حتى نبدأ في مرحلة توحيد الموقف العربي الإسلامي لنواجه كل مؤامرة أمريكية إسرائيلية ضد حقوقنا كعرب ومسلمين وفلسطينيين. وبهذه المناسبة، نحن نحيي هذا الاهتمام المغربي الكبير بالقضية الفلسطينية، ونتمنى للإعلام المغربي أن يخصص حيزا مهما للقضية الفلسطينية لتظل حاضرة في وجدان المغاربة، لأن الدم المغربي والدم الفلسطيني أريق على بوابات القدس والمسجد الأقصى، والاهتمام بالقضية سيحيي هذه المعرفة والفهم الحقيقي لطبيعة الاحتلال، وأتمنى من الشعب المغربي أن يكون بمثابة إسناد كبير لعدالة القضية الفلسطينية، لتظل القضية حاضرة دائما نصب أعين المغاربة، ففلسطين بحاجة لكل المؤسسات الإعلامية المكتوب والمسموع أو المرئية. ❍ هل تكفي المسيرات العالمية لنصرة الأقصى والقدس الشريف؟ المسيرات العالمية هي البداية وليست النهاية، لكننا نعتبرها البداية على طريق التجديد في التبني الجماهيري والرسمي لعدالة قضيتنا الفلسطينية، لابد من أن تتم المراكمة بأنشطة وفعاليات ودعم حقيقي ورسمي للمؤسسات ماديا ومعنويا وبجل أشكال الدعم لأهلنا في القدس، لابد أن يتم وضع استراتيجية عربية على مختلف المستويات لدعم حقنا في القدس وتعزيز صمود المقدسيين، نتمنى أن يكون هذا اليوم هو يوم الانطلاقة العربية والإسلامية لنصرة القضية الفلسطينية وتحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك، ونؤكد أن الطريق بات أقصر إلى القدس، والمطلوب المزيد من التلاحم والتكاثف العربي والإسلامي مع الفلسطينيين. ❍ هل استفادت القضية الفلسطينية من الربيع العربي، وما تأثيراته المستقبيلة؟ بالتأكيد الربيع العربي بعث الأمل لدى الفلسطينيين ولدى العرب، وأن الربيع العربي تبعه نهضة إسلامية، فعندما يكون ربيع عربي ونهضة إسلامية هذا يحقق الحلم الفلسطيني لاستعادة العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية الذي غيب على مدى خمس عقود من الزمن، ولكن اليوم بعد هذا الربيع العربي هذا النهوض الإسلامي أصبح لدينا اطمئنان كفلسطينيين على أن لدينا سند عربي وإسلامي كبير لم يكن موجودا من قبل بفعل الكثير من المؤامرات الإقليمية والدولية على الفلسطينيين وبسبب الهيمنة الأمريكية على مخططات الشعوب وقرارات الدول، أعتقد أن الربيع العربي هو أكبر رافعة للقضية لفلسطينية. ❍ كيف تنظرون لمسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني ما بعد الربيع العربي؟ أي تطبيع أو نسج علاقات مع الاحتلال على أي مستوى هو أكبر خطر على القضية الفلسطينية، وهو يعني شرعنة واضحة للعدو الصهيوني وهو بمثابة إعطاء الغطاء للمزيد من الجرائم الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني، أعتقد أن الربيع العربي سيكون بمثابة قطع الطريق على أي دولة أو أي مسئول عربي ينوي نسج علاقات سياسية أو اقتصادية أو غيرها مع الكيان الصهيوني، وبالتالي الربيع العربي جاء كي يقطع الطريق على كل هذه النوايا من أي طرف، ونحن نحذر من أي تطبيع مستقبلي مع الاحتلال، ونطلب من السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية أولا أن تقطع كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، وأن تكون المرحلة المستقبلية عنوانها الصراع من أجل القدس ورفع الشرعية عن الاحتلال، وبالتالي يجب التأكيد أن المرحلة المستقبلية على المستوى العربي والإسلامي يجب أن تكون صراع من أجل القدس، وصراع من أجل تحرير فلسطين وإنهاء أي حالة من التنسيق والتطبيع مع العدو.