أحمد بوز صاحب ملف"كذبة بترول تالسينت"ورئيس تحرير جريدة الصحيفة وقت نشر ما أطلقت عليه الصحافة المقربة من دوائر القصر كذبة تالسينت انتهى به المطاف مجرد مستشار تقني في ديوان وزير استقلالي ليس سوى سعد العلمي الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان فيما اعتبر محاولة للإنقاذ من بطالة أصابت جسما صحفيا شكلت إلى وقت قريب تصريحاته و كتاباته المناوئة للمخزن "بعبعا"من ورق عملت الدوائر الاستخباراتية ما في و سعها لإسكات صوته. أما محمد حفيظ مدير نشر الصحيفة المقبورة فيستعد على قدم وساق لإصدار جريدة جديدة بعنوان "الحياة" بعدما تمت تصفية الصحيفة و تقاضى أصحابها والطاقم الصحفي العامل بها حسابه وافيا مستوفيا ،لكن وراء أكمة توظيف بوز وإصدار جريدة الحياة ظلال من الأسئلة لم يستطع بيان الصحيفة وهي تطلق على نفسها رصاصة الرحمة ان يوضحه. و بالعودة إلى تفاصيل الحادث نكتشف أنه في دجنبر من السنة الماضية نشرت يومية"الصحيفة"ملفا عن بترول تالسينت في صفحتهاالأولى تحت عنوان"أسرار تنشر لأول مرة حول كذبة بترول تالسينت". حيث نقرأ في الملف الذي وقعه رئيس تحريرها أنذاك أحمد بوز أن مايكل كوستين رئيس شركة سكيد مور للطاقة الأمريكية، الشركة التي تكلفت بالتنقيب عن البترول في منطقة تالسينت بالمغرب الشرقي"يوجه رسالة إلى محمد السادس تكشف عن معلومات صادمة" وأن "الرسالة التي تنفرد الصحيفة بنشرها تؤكد اكتشاف البترول فعلا وتتهم السعوديين بالوقوف وراء عرقلة استغلاله." وزعم صاحب الرسالة أن "الملك تلقى هدية من السعوديين بمبلغ 13 مليون دولار أمريكي. "" وفي اليوم ذاته اعتذرت الصحيفة عما ما أسمته خطا و احتجبت عن الصدور عقابا لنفسها قبل ان تعود إلى الصدور بحلة جديدة لم تمكنها من الاستمرارية لتفاجئ قراءها باختفاء عزاه بيان صادر عن رئاسة التحرير إلى قلة الموارد المالية و رفض فاضل العراقي ضخ المزيد من الاموال. فاضل العراقي وسواء أثناء التوقيف الأول أو الثاني النهائي حملت التبيريرات جملة من التناقضات حيث في بيانها الإعتذاري الأول قالت "أن الرسائل التي توصلت بها من رئيس الشركة المذكور كانت متناقضة و تحمل في طياتها الكثير من التعارض في الأفكار و التناقض في الوقائع، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح هو : لماذا لم تظهر هذه التناقضات قبل نشر المقال ؟ ثم كيف وبهذه السرعة يتم نشر بيان تكذيبي؟ ولماذا توقف الصحيفة إصدارها وبشكل ذاتي وطوعي بحجة إختلالات في التسييروالتدبير الداخلي للجريدة؟..وهل تعرضت الصحيفة لضغوط جعلتها تتراجع بكل سهولة وطوعية عن ما كتبته و نشرته ، و لكن لكل شيء مقابل، فيا ترى ما هو المقابل يا صحيفة؟ محمد حفيظ لا يمكن أن نفهم المقابل دون أن نلتفت لهاته السابقة النادرة التي سجلها محمد السادس بعدم ملاحقة يومية " الصحيفة المغربية" قضائيا على اثر نشر ملف صحفي حول اكتشاف البترول في منطقة تالسينت. وإذا كان هذا الخبرقد أغضب الجهات الرسمية وغير الرسمية المقربة من القصر فإن قرار توقف يومية "الصحيفة" في نفس اليوم عن الصدور "لفترة مؤقتة" وتقديمها للاعتذار عما نشرته،فتح مجال التأويل على مصراعيه خاصة وأن محمد حفيظمدير النشر و أحمد بوز رئيس التحرير ليسا سوى عضوي المكتب السياسي للاشتراكي الموحد،الحزب اليساري الذي سعت اليد اليمنى للملك فؤاد عالي الهمة جاهدا إلى إجلاسه على طاولة الداخلية ،فيما اعتبر انذاك صفقة خاسرة قادها الساسي و مجاهد وحفيظ،وأدت في النهاية إلى حصد الحزب نتائج مخيبة في الانتخابات التشريعية الاخيرة ،مما أرغم محمد الساسي على الاستقالة من منصب نائب الامين العام للحزب الاشتراكي الموحد. خطورة خطوة الملك بالتراجع عن متابعة الصحيفة نابعة من خطورة ملف بترول تالسينت ومن خطورة الاتهامات التي وجهتها الصحيفة ل"حامي حمى الملة و الدين امير المومنين" حيث اتهمته بالارتشاء بمقابل 13 مليون دولار مهداة من السعوديين خاصة و أن الملك محمد السادس سبق وأعلن بنفسه في خطاب رسمي بثته التلفزة المغربية بمناسبة "ثورة الملك والشعب" في 20 غشت 2000 عن اكتشاف حقل للبترول والغاز الطبيعي "بجودة عالية وبكميات وافرة" في منطقة تالسينت التابعة لإقليم بوعرفة في الجنوب الشرقي شمال المغرب. وبشرت حكومة الوزير الأول اليوسفي آنذاك بهذا الاكتشاف وتحدث اليوسفي عن "الآفاق الواعدة التي تترتب عنه بحول الله ستمكن في المدى المتوسط من التخفيف من حدة الإكراهات المالية على الدولة." الألغاز المحدقة بإقبار تجربة الصحيفة و تعويضها بالحياة تقود إلى التساؤل عن موقع ما ما نشرته الصحيفة حول ما سمي كذبة تالسينت في إغلاق الجريدة ؟ و ماحقيقة الصفقة التي تم تمريرها لقبول إقبار الصحيفة المنبر الصحفي الذي كانت له جراة كتابة"الملك أخذ هدية من السعوديين بمقدار 13مليون دولارلقاء إخفاء بترول تلسينت؟ تكتسي هاته الأسئلة أهميتها من سوابق المخزن المغربي في التعامل مع الصحافة و محاولة تليين مواقفها منه كلحظة مؤسسة للشرعية ،إذ اختلفت الوسائل بين إعدام الصحف ماليا عبر تقنية إغلاق صنابير الإعلانات او تحريك سيف القضاء ضدها كما حصل مع علي المرابط والايام التي اضطرت إلى تليين خطها التحريري و لوجورنال التي أرغم مديرها على الإستقالة تحت طائلة الخنق المادي أما الخيار الثالث فهو منح الامتيازات وإرشاء الصحفيين ودعم الصحف فيما يشبه سياسة العصا و الجزرة. وهنا لا بد من استحضار التفاوض الذي قاده محمد السادس عندما كان وليا للعهد مع بوبكرالجامعي حينما أقدم الجامعي الابن على إصدرا جريدة لوجورنال من فرنسا، حيث تنبه الملك الراحل الحسن الثاني بحدسه السياسي الرفيع إلى خطورة الخطوة،وارسل إليه ولي العهد أنذاك الملك الحالي محمد السادس لمفاوضته في شأن طباعة الجريدة بالمغرب عوض فرنسا و دخل خالد الجامعي الاب على الخط رافضا التأثير على ابنه مدير لوجورنال بحجة استقلالية الابن عن الاب في اختياراته وتوجهاته ،لكن لغز طبع لوجورنال بالمغرب وعلاقة ذلك بالامير الاحمر مولاي هشام لا تزال تحتاج إلى توضيح .ويزداد اللغز خطورة مع المنعطفات التي عصفت بجريدة الصحيفة التي ظلت توأم الجريدة الفرانكوفونية لوجورنال بعد لغز بيعها إلى محمد حفيظ و انسحاب بوبكر الجامعي واكتفائه بإدارة لوجورنال قبل ان يغادر المغرب نهائيا بمبرر 300مليون ذعيرة الحكم القضائي . وحسب العديد من متتبعي الشأن السياسي والإعلامي في المغرب فإن إقبار جريدة الصحيفة وخطها المشاكس شكل موضوع صفقة سياسية تلقى ثمنها غير ناجز أعضاء في الاشتراكي الموحد وخاصة محمد حفيظ و أحمد بوز وعناصر أخرى وذلك بالتنسيق مع فاضل العراقي نجل رئيس دوان المظالم الذي عينه الملك و اقر حفظ مصالحه الاقتصادية . . ويبدو أن هذا التحليل يجد وجاهته في المأزق الصحافي والأخلاقي والسياسي الذي كانت تشكله الصحيفة و تعارضها مع رؤية الممول الرئيسي الذي تهمه مصالحه الاقتصادية و ما تمثله رمزية رئاسة والده لديوان المظالم المؤسسة التي تعتبر من المنظمات الموازية للمؤسسة الملكية و أذرعها الخفية. وأمام هذا المازق كان لا بد من تنفيذ توصيات فؤاد عالي الهمة و الخروج بتبرير أن "رواج المطبوعة وتحصيل الإعلانات"لا يكفي لسداد تكاليف الطبع ليتم إطلاق رصاصة الرحمة على «الصحيفة» مع ترك فرصة للخروج من القبر ثانية، والبحث عن ممول آخر. وكان الصحفي خالد الجامعي قد حذر في رسائل للساسي نشرت لمدة خمسة أيام متوالية على صفحات الاحداث المغربية من الخطر المحدق بتجربة الصحيفة كما انتقد جلوس الساسي و حفيظ و أعضاء الاشتراكي الموحد مع فؤاد عالي الهمة و اعتبر الامر تمريغا لوجه اليسار في وحل المخزن الجديد وشبه اللقاء بانه لقاء غير قانوني و خطا سياسي لا يغتفر" لما جلسوا معه لم يكن الأمر بوصفه كوزير منتدب في الداخلية، إنما وكأنه الصدر الأعظم، حيث ناقشوا معه شؤون ليست من اختصاصه وغير مؤهل دستوريا لخوض نقاش بخصوصها، لذلك أقول إن هذا اللقاء لا يمكن تشبيهه إلا باللقاء مع البصري بنفس القدر، لأنهم لما قبلوا بالجلوس معه خرجوا من دولة المؤسسات ودولة القانون، ونهجوا طريقا يتناقض مع توجههم في الدفاع على إقرار الدولة في دفاعهم على تقوية مؤسسة الوزير الأول. . وهنا يبدو التساؤل مشروعا "هل فعلا تحاور الساسي و حفيظ مع عالي الهمة في شان إقبار الصحيفة ؟" لم يستبعد خالد الجامعي ذلك " لماذا يتحاورون مع الهمة في أمور بعيدة عنه بحكم الدستور، صحيح أني شخصيا أرفض رفضا باتا، بأن أرى الدولة المغربية في شخص فؤاد عالي الهمة، الدولة ليست هي "المخزن" إنما هي المؤسسات، أقول هذا مع احترامي الكامل والواجب لكل من الساسي وحفيظ وجميع الإخوة في الحزب الاشتراكي الموحد، هنا تجدر الإشارة إلى أني صحبة مجموعة من الإخوان وصلنا معهم إلى مفترق الطرق، حيث إنهم يقولون بأن موازين القوى في الحاضر هي لصالح "المخزن" وليس لنا أي خيار.".