صبيحة أمس الجمعة، الذي صادف الاحتفال بذكرى المولد النبوي، عبرت حشود قادمة من كل فج مدينة كلميم متوجهة صوب مدينة آسا للمشاركة في موسم زاوية آسا الديني. بعد أزيد من ساعة ونصف من الزمن في طريق متهالكة ينقصها الكثير لتيسير عبور وفود القبائل الصحراوية القادمة من معظم مناطق الأقاليم الجنوبية للمملكة، وصلنا إلى "مدينة الصالحين"، كما يسميها أهلها. كل شيء يوحي بأن المدينة تعيش يوم عيد استثنائي. الإبل في كل مكان استعدادا لنحرها في ساحة الزاوية، فقد اعتادت القبائل الصحراوية تقديمها ذبائح تقربا إلى الخالق سبحانه. وبالإضافة إلى طقوس نحر الإبل صبيحة ذكرى المولد النبوي، تشيد خيمة الشعر للتباري في المدح النبوي والتغني بتاريخ القبيلة وأمجادها وإخلاصها للعرش العلوي. كما يتضمن الموسم عددا من الأنشطة، مثل سباق الهجن، وهو سباق للإبل، يعرف باللز، وهو موروث ثقافي مرتبط بتاريخ أهل الصحراء، وتكمن رمزيته في أنه ينبع من عمق التراث الحساني. ويعد هذا الموسم فرصة أيضا لصلة الرحم بين أبناء العمومة من جميع أنحاء العالم، حيث يحج إليه المواطنون المغاربة من جل بقاع العالم. عبد الرحيم بوعيدة، رئيس جهة كلميم وادنون، قال، في تصريح خص به جريدة هسبريس، إن "هذا الموسم هو نافذة على التراث الحساني، ويعد بوابة للتلاقح الثقافي بين كل قبائل الصحراء"، مشيرا إلى أن هذا الموسم من المنتظر أن يدرج ضمن التراث اللامادي لمنظمة اليونيسكو، لما له من إشعاع ثقافي وروحي لأبناء الصحراء، مبديا دعمه لهذا التصنيف الدولي لملتقى الصالحين. وأضاف بوعيدة أن مجلس جهة كلميم وادنون ظل وفيا لدعمه السنوي لموسم آسا، مشيرا إلى أن "المجلس قدم على غرار السنة الماضية منحة مالية لدعم تنظيم الملتقى بغية الحفاظ على استمرارية هذا النشاط السنوي الذي تحيا به مدينة آسا تجاريا وروحيا". مصطفى عماي، أحد القياديين الشباب في قبائل أيت أوسى، اعتبر أن هذا الموسم الديني والروحي هو بمثابة محج لأبناء قبائل أيت أوسى أينما وجدوا، مضيفا أنه ملتقى لكل قبائل الصحراء، وفرصة للتسامح وصلة الرحم، وأنه محطة سنوية للتداول في شؤون المنطقة وسبل الرفع من تنميتها وحكامة تدبيرها، حسب تعبيره. كما أوضح أن "إغلاق الحدود مع الجارة الجزائر بسبب حرب الصحراء أفقد الموسم بعده الإفريقي والتجاري، حيث كان ملتقى لقوافل الصحراء في طريقها إلى إفريقيا".