هناك نظرية في علم النفس تقول بأن الإكثار من سب الآخرين بأسماء الحيوانات هو نوع من التنفيس عن الذات مما تشعر به من تقارب أو تشابه مع الحيوان المعني. وذلك يستتبع أن ارتفاع منسوب السباب يعني بالتبعية كثافة الشعور إياه. مناسبة هذا القول ما جاء على لسان السيد البقالي في ركنه اليومي بجريدة العلم يوم السبت 27 غشت الجاري. إن السيد عبد الله يوجه نقده «السياسي» لبعض قادة حزب الأصالة والمعاصرة قبل أن يعممه على الحزب كله، وهذا من حقه، لكنه يردفه بسباب رخيص ومضحك من قبيل: كلاب، قرود، قطط... أي أسماء الحيوان حصراً. لا أدري بالمناسبة هل يدرك السيد البقالي معنى كلمة «حيوان». ولعلم السيد عبد الله فكلمة «حيوان» تعني في القواميس والمعاجم وفي القرآن الكريم كل ما يحمل الحياة، تقابلها كلمة «مَوَتان» وتعني كل ما به موت بالمعنى الحرفي أو المعنى المجازي. ولا نشك أن ما بالسيد عبد الله هو بالضبط هذا الشعور الذي يعكس الموت ويحقد على الحياة. إن السيد عبد الله ينعتنا بأقدح النعوت وأسفل الأوصاف لأثر عملنا السياسي على الشأن العام. وإذ أهمس في أذنه بأننا قادرون على نقد أخطائنا بمحض إرادتنا لا بإرادة الغير، أزيد فأذكره بأنه لو قام بمقارنة بين عدد السنوات التي قضاها حزبه في تدبير الشأن العام منذ الستينات وبين عدد السنوات التي لم نقضها نحن، لتَواضعَ وصمتَ. ولكنه الحياء عملةٌ قليلة. لذلك لا يتردد في نعتنا ببقايا أوفقير. ونحن نوكل للمؤرخين ليحكموا من وضع يده في يد هذا الأخير، ومن جالَس إدريس البصري في الحكومات المتعاقبة منذ 1972، حين كان هؤلاء الذين ينعتهم السيد عبد الله بأحقر النعوت يصرخون في وجه الطغيان ويقضون عقوبات طويلة يوم كانت الشجاعة الأدبية يُؤَدَّى عنها بالعملة الصعبة... أما اليوم فالظروف غير الظروف، والحقبة غير الحقبة، تجعل من خذلتهم الشجاعة وقت العاصفة يركبون الجياد الخشبية ويستعرضون بطولاتهم في ساحات الفولكلور، كمن يذهب إلى الحج والناس عائدون، بل ولا يترددون في مهاجمة الأسماء اللامعة في سماء ذاكرتنا وفي المقدمة منهم رجل مثل المهدي بنبركة.. يجدر بنا أن نسألكم: أهكذا تريدون الاستمرار في حكمنا في ظل الدستور الجديد يا أصحاب الحزب الحاكم؟ أهذا هو نموذج الكتابة الصحفية المهنية الذي يقدمه السيد نائب الكاتب العام لنقابة الصحفيين لجمهرة رجال ونساء الصحافة؟. منذ شهور ونحن نسمع هذا اللازمة المكرورة. وآثرنا عدم الرد لأن المواطن ينتظر من الفاعل السياسي شيئا آخر من قبيل مناقشة المشاريع والأفكار...شيئا آخر غير السب واللعن والتجريح... لكن ما حيلة المرء إذا ابتليَّ بعشاق المعاجم الاسطبلية... هذا نصيبنا من الرد الصحفي ونحتفظ بحقنا كاملا في الرد القضائي. "خنازير، كلاب، قطط، حمير، جرذان..." ذاك معجم الأنظمة الشمولية وآخرها نظام القذافي المنهار. أفلا تتعظون؟؟؟؟؟