في أول تعليق له على تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول مشروع "الحسيمة منارة المتوسط"، الذي عصف بوزراء ومسؤولين، قال محمد عبد النبوي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة بالمغرب، إن "التقرير لا يستوجب أية متابعة قضائية أمام القضاء الجنائي لأنه يخلو من جرائم يمكن أن يحاسب عليها الأشخاص الواردة أسماؤهم فيه". النبوي الذي حل اليوم الثلاثاء ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، للحديث عن موضوع "استقلال النيابة العامة أمام امتحان الممارسة وضمان مبدأ فصل السلط"، أشار إلى أن تقرير الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، كان دقيقا وواضحا عندما أكد أن الأخطاء المرصودة "لا تصل إلى درجة الاختلاس، بل هي فقط اختلالات كان لها علاقة بعدم احترام الآجال المحددة في تنفيذ المشاريع المتعثرة". وحول مدى تفاعل النيابة العامة مع تقارير المجلس الأعلى للحسابات، أشار عبد النبوي إلى أنه "يجب التمييز بين الاختلالات المحاسباتية وما بين الجرائم، ونحن نحرص على ذلك يوميا، والقضايا التي بالمجلس الأعلى للحسابات تكون محل مشاورات بيننا وبين الوكلاء العامين للملك". من جهة ثانية، بدد عبد النبوي مخاوف بعض الجهات الحقوقية والسياسية التي تشبثت بضرورة الاحتفاظ في هذه المرحلة بتبعية النيابة العامة لوزارة العدل التي تخضع لمراقبة البرلمان، بخلاف الصفة القضائية للرئيس الجديد للنيابة العامة، وقال: "رئيس النيابة العامة الحالي ليست له آليات للتحكم في أعضاء النيابة العامة لأن زمام أمر أعضاء النيابة العامة بيد المجلس الأعلى للسلطة القضائية". "الذين يقولون بأن الوكيل العام للملك تغوّل، يجب أن يعرفوا أنه إذا تغول فعلاً فهو بدون أنياب لأن القانون حقق للقضاة ما يسمى بالاستقلال الذاتي"، يورد أول رئيس للنيابة العامة، الذي أكد أن قضاة الأحكام هم الحراس الحقيقيون للحقوق والحريات، وليس النيابة العامة. وأضاف المسؤول القضائي أن رئاسة النيابة العامة "ليست لها أهداف سياسية كما كان في السابق لوزير العدل الذي ينتمي إلى حزب سياسي، وأنها حريصة على تطبيق مقتضيات الدستور بعيدا عن كل ما هو سياسي"، ولفت إلى أن مؤسسته الجديدة لن تعتدي على حقوق المغاربة، ولكن من خالف القانون يجب أن يتحمل مسؤوليته. وأورد في المقابل أن عدم خضوع النيابة العامة لمراقبة الحكومة والبرلمان لا يعني غياب المساءلة والمحاسبة، واعتبر أن هذا مبدأ دستوري يخضع له الجميع داخل الدولة المغربية بمقتضى الفصل الأول من أسمى وثيقة في البلاد، وقال إن الهدف هو "تحرر النيابة العامة من القيود السياسية بصفتها عين الدولة في تطبيق القانون". وتعهد المسؤول ذاته بأنه سيعمل على الحفاظ على هذه الاستقلالية وتنفيذ القوانين التي تضعها السلطة القضائية، وسيتفاعل مع السياسات العامة للدولة من خلال مد جسور التعاون مع كل السلطات من أجل مصلحة البلاد. وكان استقلال النيابة العامة عن السلطة الحكومية قد دخل حيز التنفيذ يوم السابع من أكتوبر الماضي، خلال حفل انتقال السلطة من وزير العدل محمد أوجار، باعتباره رئيسا للنيابة العامة وفق النظام القضائي السابق، إلى الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، بعد تعيينه من طرف الملك محمد السادس في السادس من شهر أبريل الماضي. وينص القانون الجديد على نقل اختصاصات وزير العدل، كرئيس للنيابة العامة ومشرف عليها، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض..