رغم بساطة فكرته، إلا أنّ بذرته حملها معه منذ 17 سنة، قبل أن يحولها إلى عمل سينمائي بعنوان "عرق الشتا"، حصد عددا من الجوائز الوطنية والدولية. ويحكي الفيلم السينمائي، الذي يعرض في القاعات السينمائية المغربية، حسب مخرجه حكيم بلعباس في حديث لهسبريس، "قصة فلاح بسيط يحاول إنقاذ أرض أجداده من البيع بعد أن غرق في الديون وعجز عن تسديد قرض بنكي، لاسيما بعد رفض السّماء أن تجود على الأرض بمائها، وبالتالي أصبحت أرضه مهددة بالضياع". ويسترسل المتحدث: "أمام هذا الوضع اضطر الفلاح إلى البحث عن الماء في باطن الأرض بفأسه بمساعدة زوجته، ليضطر في لحظة ما لبيع كليته لتسديد ديونه التي تراكمت بفعل الجفاف..بالتوازي مع ذلك تحيط بالفلاح عوالم مختلفة في علاقته بمحيطه وأسرته تتسم بالصمت الرهيب، بدءا بوالده، زوجته، وابنه من ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يصفه ب"خليقة" لأنه لا يمكن أن يعول عليه لإنقاذه من أزمته". وكشف بلعباس أن أيوب خلفاوي، الذي جسد دور ابن الفلاح، "قلب موازين السيناريو في لحظة استسلم فيها لأحاسيسه"، موردا: "أصرّ أيوب على حفر الأرض بأظافره، رغم طلبنا منه التوقف عن ذلك، لاسيما أن سيناريو الفيلم لا يتحدث عن ذلك.. استمر في الحفر إلى أن وصل إلى الماء، وفي تلك اللحظة قررنا تغيير السيناريو وفق الأحداث الجديدة، وتحويل نهاية الفيلم من سوداوية إلى سعيدة". وتابع المخرج السينمائي المغربي: "هذه التجربة جعلتني أعيد النظر في علاقتي بالصناعة السينمائية..تخلصت بشكل كبير من القيود المهنية والحرفية، لأنها لا تفيد في شيء أمام الوجدان"، واسترسل: "طالما عرّفت السينما بأنّها نحت في الزمن، لكن لا يمكن أن أحكي اليوم قصة بلسان وعيون عالم أيوب، وما يمكن أن أنقله هو قنطرة بين الحكاية والمشاهد". وعن أصل القصة يوضح المخرج: "القصة تعود بذرتها إلى 17 سنة مضت..ظللت أحملها معي طيلة هذه السنوات، رغم انشغالي بأفلام أخرى، إذ كنت في مسقط رأسي بأبي الجعد، وإذا بي أرى رجلا كهلا يرتدي جلبابا شفافا يظهر تفاصيل جسده..تساءلت في نفسي عن الظروف التي جعلت هذا الرجل يمشي شبه عار". وزاد "تبادلت معه أطراف الحديث لدقائق فإذا به يحكي لي عن قصته التي ظلت راسخة في ذاكرتي طيلة هذه السنوات إلى أن تبلورت في فيلم سينمائي"، وتابع: "عنوان الفيلم السينمائي أيضا جاء على لسانه عند سرده الحكاية".