قرر أساتذة الجامعات مقاطعة الحوار الوطني الذي أطلقه خالد الصمدي، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتعليم العالي، حول ورش الإصلاح البيداغوجي، معتبرين أنه "جاء متسرعاً ولا جدوى منه غير إيهام الرأي العام بأن هناك انطلاقة لعملية إصلاح واقع التعليم العالي". وقالت النقابة الوطنية للتعليم العالي إن مكتبها الوطني قرر، بالإجماع، عدم مشاركة أجهزتها وطنيا وجهويا في هذا الحوار المرتقب الأسبوع المقبل؛ "لأن الحيز الزمني الممنوح له لا يسمح بعملية جدية للتقييم التي من المفروض أن تكون موضوع تقرير يعده خبراء ويشكل أرضية للحوار الوطني حول أعطاب التعليم العالي وسبل علاجه". وأوضحت النقابة، في بلاغ توصلت به هسبريس، أن "حوار الصمدي المتسرع، الذي لا ترى أي جدوى منه سوى تزكية تصور تقني تجزيئي لمنظومة LMD، معد سلفاً، كما تؤشر على ذلك بعض الخرجات الإعلامية في الآونة الأخيرة، بغرض الإيهام بانطلاق عملية الإصلاح، لكن في إطار الإبقاء على التوجه الرسمي القاضي بالتخلي التدريجي عن طابع المرفق العام للتعليم العالي من خلال تشجيع التعليم العالي بالأداء، المسمى التعليم العالي في إطار الشراكة؛ ناهيك عن التعليم العالي الخصوصي الذي تغدق عليه الوزارة معادلات الشهادات بسخاء يستدعي المساءلة والمحاسبة". في الصدد ذاته، أشار عبد الكريم مدون، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، إلى أن أساتذة الجامعات ليسوا ضد الإصلاح ولكنهم يرفضون الحلول الترقيعية، وقال في تصريح لهسبريس: "يستحيل أن نقوم بتغييرات تقنية في نظام الإجازة والماستر والدكتوراه والجامعة المغربية تتخبط في مشاكل كثيرة، من قبيل التأطير، والبنيات التحتية وآليات البحث العلمي المتخلفة". ويرى الباحث الجامعي أن "وزارة حصاد" تُعيد إنتاج حلول ترقيعية سبق تجريبها سنتي 2007 و2014، عندما قامت بتغييرات تقنية على مستوى الوحدات، ما يعني بحسبه أن "المسؤول عن القطاع يعبث ولا يتوفر على أي رؤية واضحة لإصلاح أعطاب الجامعة المغربية". واتهم مدون حكومة العثماني ب"تهميش التعليم العمومي العالي؛ وذلك عبر منح إمكانيات غير محصورة للمؤسسات الجامعية الخصوصية"، ولفت الانتباه إلى أن الدولة تُساهم ب40 في المائة في ميزانية تسيير هذه المؤسسات، في حين أن الجامعة تعاني من عجز على مستوى الميزانية. وخلص القيادي النقابي نفسه إلى أن "الحكومة تتهرب من إصلاح هذا الورش الحقيقي، وتريد فقط إصلاحات شكلية للتسويق والاستهلاك الإعلامي"، وزاد: "ونحن لا يمكننا أن نساهم في هذا العبث". من جهة ثانية، قال مصدر من المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إن "المقاربة التي اعتمدها الوزير محمد حصاد خلال الموسم الدراسي الحالي أبانت عن تهميش الجامعة على حساب المدرسة". كما زعم المصدر، غير الراغب في كشف اسمه، "وجود خلافات بين الوزير حصاد وكاتب الدولة خالد الصمدي، تعود سلباً على قطاع التعليم العالي الذي يُشرف على تدبيره الأخير".