توقّع الباحث الجزائري رضوان بوجمعة، أستاذ بكلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر رئيس تحرير المجلة الجزائرية للاتصال، أن ينتهي عهد الصحافة الورقية في الجزائر في غضون السنوات العشر القادمة، وقالَ إنّ الأزمة التي تتخبط فيها الصحافة الجزائرية ستؤدّي إلى موْت عدد من الصحف، ولن تبقى في الوجود سوى ما بين ستّة وعشر جرائد، المموّلة من طرف الحكومة أو التابعة لرجال الأعمال الذين لهم علاقة بالنظام. الباحث الجزائري قدّم صورة قاتمة عن واقع الصحافة الورقية بالجزائر، واستدل في عرْض ألقاه ضمْن جلسات مؤتمر "إصلاح الإعلام: المهنية والمأسسة"، المنظم ببيروت، بأرقام مديرية الصحافة المكتوبة بوزارة الاتصال الجزائرية، التي تكشف تراجع عدد الصحف الورقية بشكل كبير؛ "إذ لا تكاد تمر خمسة عشر يوما، حتى نحضر جنازة إحدى الصحف"، يقول رضوان بوجمعة. واستنادا إلى الأرقام التي قدّمها، فإنّ عدد العناوين المسجلة لدى مديرية الصحافة المكتوبة بوزارة الاتصال الجزائرية، سنة 2015 بلغ 280 عنوانا، من مختلف أصناف المنشورات، على رأسها اليوميات التي بلغ عددها 149 يومية، لم يتبقّ منها الآن سوى 120 عنوانا، بينما سجّل معدّل سحْب الصحف تراجعا كبيرا، من 2012 إلى 2017، تراوح بين 40 و60 في المئة. وكان المعدّل اليومي لسحب الصحف اليومية في الجزائر، إلى غاية 31 مارس 2015، يصل إلى 2.360.315، تستحوذ منها ثلاث صحف ناطقة بالعربية، وهي "الخبر" و"الشروق اليومي" و"النهار الجديد"، على مليون و200 نسخة، في حين تستحوذ سبعة عناوين بالفرنسية على حوالي نصف مليون نسخة يوميا، في حين تقتسم باقي العناوين (139 عنوانا) 660 ألف نسخة يوميا. وعزا رضوان بوجمعة، الذي تحدّث خلال الجلسة المخصصة لموضوع "الإعلام الرقمي الجديد ومستقبل الصحافة الورقية"، أسباب تراجُع مبيعات الصحف الورقية في الجزائر، دون استثناء، وموْت عدد منها، إلى مجموعة من العوامل، على رأسها "الفساد السياسي، وجعْل المؤسسات الإعلامية مؤسسات لتوظيف الأقارب"، موضحا أن "الكثير من العناوين الصحافية عبارة عن رئيس التحرير وصحافيّين اثنين أو ثلاثة؛ لأنّ وجوده مرتبط بالاستفادة من الإعلانات المتأتّية من الفساد السياسي". من العوامل الأساسية الأخرى التي أوردها بوجمعة، المنافسة الكبيرة للمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، وانتشار الهواتف الذكية؛ إذ بلغ عدد المشتركين في شبكة الأنترنت في الجزائر، إلى غاية نهاية السنة الماضية، 29.5 مليون مشترك، مشيرا إلى أنّ مجانية صحافة الويب أزّم وضعية الصحافة الورقية الجزائرية، خاصة وأنَّ ما يُنشر في هذه الصحف، هو نفسه ما يُنشر على مواقعها الإلكترونية. الأزمة التي تتخبط فيها الصحافة الورقية بالجزائر انعكست، بحسب رضوان بوجمعة، سلبا على وضعية الصحافيين؛ إذ عمدت الصحف إلى تقليص عدد الصحافيين المشتغلين فيها، وتجد صعوبة في أداء أجور المتبقين منهم، كما انعكست على شركات توزيع الصحف؛ إذ إنّ أكثر من 25 في المئة منها أفلستْ، خاصة في الغرب الجزائري، الذي يعرف أكبرَ تدنٍّ لقراءة الصحف الورقية.