إعلانات الانترنت تقصم ظهر أعتى واكبر الصحف في العالم دون رحمة أو شفقة، صيحات فزع يطلقها الخبراء علها تجد أذانا صاغية في نفوس أصحاب الصحف الورقية لينقذوا ما يمكن إنقاذه في عالم أصبح يتكلم تكنولوجيا وليتكيفوا مع العالم الرقمي المتسارع الخطى. ف"لويدز لست" أقدم صحيفة ورقية في العالم أعلنت أنها ستتحول اعتبارا من ديسمبر إلى نسخة إلكترونية فقط، وستوقف إصدار نسخ مطبوعة بسبب تراجع الطلب على تلك النسخ الورقية.
وشهدت الصحافة الورقية خلال السنوات الأخيرة أزمة حقيقية، أخذت تتفاقم من سنة إلى أخرى في العديد من الدول الغربية المتقدمة نتيجة لثورة الاتصالات والمعلومات وظهور شبكة الإنترنت.
وتتمثل هذه الأزمة في عزوف الكثير من القراء عن اقتناء أو مطالعة الصحف الورقية ونشوء جيل جديد لم يعد يتعامل مع الورق.
وقد لجأت مجموعة كبيرة من الصحف ذائعة الصيت إلى تقليص أرقام توزيعها وإلغاء آلاف الوظائف وتسريح عدد كبير من العاملين فيها، بينها صحف، واسعة الانتشار مثل "شيكاغو تربيون"، "بوسطن غلوب" و"انجلوس تايمز"، وحتى المجلة الأوسع انتشارا في العالم وهي مجلة "تايم" الأميركية الشهيرة.
ويبلغ عدد قراء الصحف الورقية في العالم حالياً نحو 1.7 مليار شخص. ولكن في مقابل هؤلاء فإن هناك حوالي 2.5 مليار من البشر يتعاملون مع الإنترنت وصحافته الالكترونية، التي تكتسب مزيدا من الجمهور القارئ بمضي الزمن.
ويرى الملياردير روبرت موردوك، الذي يملك أكبر امبراطورية إعلامية في العالم أن كثيرا من الصحف الحالية في المملكة المتحدة ستتلاشى في القريب العاجل، ولن يتحمل سوق الصحف أكثر من صحيفة واحدة في كل سوق صحافية. وقد بينت الإحصائيات والاستبيانات الأخيرة صحة ما ذهب إليه موردوك.
وتعود أسباب انتعاش سوق الإعلانات الالكترونية إلى التوسع في خدمة الانترنت فائق السرعة، بالإضافة إلى الشعبية الواسعة التي تتمتع بها محركات البحث على الانترنت كغوغل وياهو ومواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة.
ويرى الخبراء أن ما تحققه سوق الإعلانات عبر الانترنت ليس إلا البداية فقط بالنظر إلى حداثتها وتطورها المستمر في اقتصاد عالمي بات يعتمد التكنولوجيا بشكل رئيسي للتسويق.
ويتوقع خبير إعلانات أميركي مزيد اتجاه المعلنين لوسائل الإعلام الإلكترونية في المرحلة القادمة، لأنها الأسرع والأقل تكلفة مقارنة بإعلانات وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.
وأشارت دراسة حديثة إلى أن شركة "غوغل" باتت تستحوذ على نحو ثلث عائدات سوق إعلانات الإنترنت حتى الآن في عام 2013.
وأوضحت الدراسة التي قامت بها شركة بحثية أميركية أن حصة "غوغل" من عائدات إعلانات الإنترنت بلغت نسبتها 32.84بالمئة من إجمالي العائدات، لتتفوق بفارق بعيد على أقرب منافسيها شبكة "فيسبوك"، التي بلغت حصتها نحو 5.41بالمئة فقط.
وأعلنت خدمة مشاركة الصور "انستغرام" عن بدء حملة لبيع الإعلانات عقب تجاوز عدد مستخدميها حاجز 150 مليون مستخدم نشط شهرياً.
وزاد عدد مستخدمي الخدمة 20 مليون مستخدم منذ يوليو الماضي.
وحققت عائدات الإعلان على الانترنت في الولاياتالمتحدة نمواً كبيراً العام الماضي، إذ وصلت إلى 31 مليار دولار أميركي، لتقفز بنسبة 22بالمئة عن العام 2010، وذلك بحسب دراسة نشرتها شركة "ايب" المتخصصة في دراسة سوق الإعلان الالكتروني.
وكشفت نتائج دراسة متخصصة ان الجيل الجديد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "يديرون ظهورهم" تدريجيا للصحافة الورقية مقابل تزايد شغفهم بتصفح الانترنت الذي يأخذ من وقتهم أزيد من ثلاث ساعات يوميا.
وقالت الدراسة التي أعدتها "ديجيتال انسياتس"، ان مستخدمي الانترنت في المنطقة يمضون ساعات أطول في تصفح الانترنت من الاطلاع على المجلات ومشاهدة التلفزيون، مما يدفع المحللين إلى توقع مستقبل واعد لسوق الإعلانات على الانترنت.
ويرى مراقبون أن المسوقون الذين يتمسكون بالطرق التقليدية بدلا من تبني استراتيجيات التغيير والاستفادة من عالم الإنترنت لن يجلبوا لأنفسهم إلا الخراب. إذ إن المزيد والمزيد من الناس يتجهون إلى الإنترنت كمصدر أساسي للمعلومات، ومعدلات توزيع الصحف في انخفاض مطرد منذ سنوات.
وتستغرق الحملات الإعلانية التقليدية أسابيع أو شهورا للانتهاء من تصميمها وتنفيذها. فالإعلان الفاشل يكلف الكثير وإجراء التصحيحات اللازمة يتطلب عملية مرهقة تتمثل حرفيا في العودة إلى نقطة البداية.
إلا أن شبكة الإنترنت أحدثت ثورة حقيقية في مجال الإعلان حيث يمكنك تغيير صورة من الصور في غضون دقائق، أو حتى إلغاء صفحة على الإنترنت وإحلال أخرى محلها. كما يمكنك تغيير الصفحة الرئيسية كل أسبوع، وعن طريق الإنترنت يمكنك اختبار البدائل من خلال تجارب متعددة
وأشارت دراسة قديمة إلى أن ازدياد عدد المواقع المجانية للإعلانات القصيرة حرم الكثير من الصحف الأميركية من مصدر عائداتها الرئيسي مما يفاقم من الأزمة التي أدت في الفترة الأخيرة إلى إقفال العديد من الصحف أو إعلان إفلاسها.