من المرتقب أن يدشن المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، هورست كولر، أول جولة رسمية للقاء طرفي النزاع بعدما جرى تعيينه خلفاً لكريستوفر روس، وبعد نهاية ولاية بان كي مون التي عرفت شداً وجذبا مع الرباط. وقال بيان صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غتيريس، إنه يرحب باعتزام مبعوثه الشخصي إلى الصحراء هورست كولر السفر إلى المنطقة. لكن لم يتم تحديد التاريخ بالضبط، مشددا على "أهمية الزيارة للمساعدة في إعادة إطلاق العملية السياسية بروح وديناميكية جديدتين، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2351 (2017)". البيان أضاف أن "كولر يتطلع إلى السفر إلى المنطقة والانخراط مع الطرفين بروح الثقة والتسوية"؛ وذلك بعد أسابيع من توليه المنصب الجديد، إذ التقى كبار مسؤولي الأممالمتحدة وممثلي الأطراف والدول المجاورة والدول الأعضاء ومفوض الاتحاد الأفريقي للسلم والأمن. وكان قرار مجلس الأمن حول الصحراء رقم 2351 في أبريل الماضي مدد الولاية للمينورسو إلى أبريل المقبل، وأعاد التأكيد على مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب في أبريل من عام 2007، واعتبر أن جهود المغرب "تتسم بالجدية والمصداقية للمضي قدماً بالعملية صوب التسوية". كما رحب مجلس الأمن ب"الخطوات والمبادرات الأخيرة التي اتخذها المغرب، والدور الذي تؤديه لجنتا المجلس الوطني لحقوق الإنسان اللتان تعملان في الداخلةوالعيون، وبتفاعل المملكة مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة". وتأتي الجولة الأولى للرئيس الألماني السابق هورست كولر بعدما عاش المغرب تطورات عدة، خصوصاً العودة إلى مؤسسة الاتحاد الإفريقي بعد غياب طويل، إضافة إلى التوتر الذي كانت عرفته منطقة الكركرات الحدودية بين المملكة وموريتانيا. ويرى عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن مهمة كولر ليست بالسهلة، خصوصاً أنها تأتي بعد أحداث الكركرات ورجوع المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وهما الحدثان اللذان ضيقا هامش المناورة على خصومه. وأضاف البلعمشي، في تصريح لهسبريس، أن هذه الزيارة المرتقبة لهورست كولر إلى المنطقة سبقتها تحركات من طرف الجزائر، وقال إن "مهمة المبعوث الشخصي واضحة، تتمثل على وجه الحصر في بناء الثقة وعودة المفاوضات ومساعدة الأممالمتحدة على إيجاد حل". لكن الباحث في العلاقات الدولية يرى أن "هذا الأمر لا يعني أن شخصية وتوجه الأمين العام الجديد للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي لن يساهما أيضاً في توجيه النقاش داخل مجلس الأمن من أجل المساهمة أيضاً في تسوية الملف؛ وهو ما يتعين على المغرب أخذه بعين الاعتبار". وأضاف البلعمشي: "يتعين على المغرب أن يؤسس خطابه وتعامله مع المبعوث الجديد إلى الصحراء على أساس البرنامج التنموي الجديد للأقاليم الصحراوية، خصوصاً أن لديه تكوينا اقتصاديا بالأساس، وهو من أنصار حل النزاعات الإقليمية والحدودية بناءً على أبعاد تنموية واقتصادية". وأشار المتحدث إلى أنه "يمكن للمغرب أن يدفع بتسويق جيد للبرنامج التنموي الذي أعلنه الملك قبل سنتين من العيون في ذكرى المسيرة الخضراء"، موضحاً أن تكوين وتجربة كولر على المستوى الدولي يستشف منهما أن "الموقف السياسي الضيق لا يروقه في التعامل مع مثل هذه القضايا، وبالتالي فالتركيز على البعد الاقتصادي والتنموي سيعطيه فرصة كي يوجه التقارير المقبلة وطريقة تفكير مجلس الأمن حول هذا النزاع". كما يشير الباحث إلى بعد آخر وجب استثماره، وهو التركيز على "ربط المجهودات التي يقوم بها المغرب على مستوى القضايا الأمنية، خصوصاً أن المنطقة تعيش نوعاً من التوتر، باستثناء الأقاليم الصحراوية التي تتميز بنوع من الاستقرار". ولم تتوقف جبهة البوليساريو عن التحرك قبل هذه الزيارة الأولى المرتقبة إلى المنطقة، فقد استغلت لقاءً عابراً لأحد أعضائها في أروقة الأممالمتحدة في نيويورك مع كولر، واستغلته الجزائر عبر الوكالة الرسمية للأنباء بتقديمه كلقاء رسمي، رغم أن الأممالمتحدة لم تشر إليه، ولم تبدأ بعد اللقاءات الرسمية بين طرفي النزاع.