عرف اجتماع المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، الذي انعقد الأسبوع الماضي، نقاشاً حاداً بسبب مشاركة نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب، في لقاء حول "الحوار العلماني الإسلامي في تركيا" نُظم من لدن مؤسسة قرطبة التي يوجد مقرها بجنيف. هذه المشاركة جرّت على نبيلة منيب، التي تقود الحزب اليساري نفسه، الكثير من الانتقادات من لدن متتبعين على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتقلت إلى البيت الداخلي، حيث وجه إليها أعضاء كثر انتقادات مباشرة. ووفق ما كشفه عضو من المكتب السياسي للتنظيم ذاته، فضّل عدم ذكر اسمه، فإن النقاش انتهى إلى التنصيص في بيان صادر عن الاجتماع على الخط الذي رسمه المؤتمر الأخير ل"حزب الشمعة"، والذي يشير إلى الدفاع عن "مشروعه الديمقراطي الحداثي النقيض للمشروعين المتجسدين في الأصولية المخزنية والأصولية الدينية"؛ وهو الخط الذي لم يحترم. وكشف المصدر الذي تحدث لهسبريس أن "الأمينة العامة لم تحترم الاتفاق الذي جرى، وعمدت إلى حذف الفقرة من البيان الصادر عن اجتماع المكتب السياسي"؛ وهو ما دفع أربعة أعضاء من المكتب السياسي، وهم مصطفى الشافعي وحياة تيجي ومحمد العيساوي وعبد اللطيف قليش، إلى مراسلة أعضاء المجلس الوطني لإطلاعهم على حيثيات القضية التي سبق أن واجهت فيدرالية اليسار الديمقراطي مثلها، خلال مسيرة وطنية بالرباط ظهر فيها أحد القياديين إلى جانب أعضاء من جماعة العدل والإحسان الإسلامية. الرسالة الداخلية التي وجهها الأعضاء الأربعة إلى المجلس الوطني، تتوفر هسبريس على نسخة منها، تشير إلى أن الأمينة العامة للحزب شاركت في ورشة الحوار العلماني الإسلامي في تركيا دون إخبار المكتب السياسي. واعتبرت الرسالة أن هذه الخطوة "تتعارض مع الموقف السياسي" لهذا الحزب اليساري، وخلص النقاش الحاد في اجتماع المكتب السياسي إلى إدراج فقرة في بيان الدخول السياسي تقول إن "المكتب السياسي يؤكد على ثوابت خطه السياسي المعتمد من قبل المؤتمر الأخير والمتمثلة في الدفاع عن مشروعه الديمقراطي الحداثي النقيض للمشروعين المتجسدين في الأصولية المخزنية والأصولية الدينية، وتجسيداً لذلك يرفض أي شكل من أشكال الحوار مع القوى الإسلامية غير الديمقراطية". أعضاء المكتب السياسي الغاضبون من نبيلة منيب قالوا، في رسالتهم الموجهة لأعضاء المجلس الوطني، "إننا إذ نضع بين أيديكم وأيديكن هذه الحقيقة، ونعتبر أن نشر البيان مع حذف الصيغة المشار إليها أعلاه في هذه الرسالة يترجم عدم الالتزام بمضمون أرضية الحزب في موضوع الحوار مع القوى الإسلامية غير الديمقراطية ومس بالديمقراطية الداخلية، وبالتالي هو لا يعني أعضاء المكتب السياسي الموقعين على هذه الرسالة". ولفتت الرسالة، التي ستخلف نقاشات داخل الهيئة السياسية التي توجد ضمن فيدرالية اليسار الديمقراطي، أعضاء المجلس الوطني إلى "اطلاعهم على الأمر لسمو المؤسسات والمسؤولية، وليكن الجميع أمام المسؤولية السياسية والتنظيمية". وكان بيان المكتب السياسي لحزب الشمعة، الذي صدر منذ أيام بمناسبة الدخول السياسي الجديد، قد أشار إلى أن الوضع في المغرب "يتطلب من الحكومة مراجعة الاختيارات اللاشعبية واللاديمقراطية التي فرخت ملايين العاطلين والمهمشين والمشردين والفقراء والمتسولين وقطاع الطرق، وارتفاع نسب البطالة إلى ما يزيد عن 40 في المائة، وانسداد الأفق حتى أمام حملة الشواهد العليا". واعتبرت الهيئة السياسية التي تقودها منيب أن "الأزمة الاجتماعية البنيوية باتت مقلقة، بسبب السياسات العمومية الفاقدة للبعد الاجتماعي وتخلي الدولة عن أدوارها تجاه الخدمات العمومية والحماية الاجتماعية، وتعطيل الحوار الاجتماعي".