في الوقت الذي تتصاعد فيه الانتقادات الموجهة من لدن عدد من المنظمات والجمعيات الحقوقية بالمغرب إلى الدولة واتهامها بالتراجع عن المكتسبات المحققة في مجال حقوق الإنسان والتضييق على الحريات العامة، يحتضن مقر المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان بالرباط، اليوم الأربعاء وغدا الخميس، لقاء لتبادل التجارب والممارسات الفضلى حول التخطيط الإستراتيجي في مجال حقوق الإنسان. ويندرج اللقاء، الذي حضره فرناندو ري مارتنيز، رئيس لجنة إعداد خطة العمل الوطنية الثانية لإسبانيا، وغاب عنه المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلفة بحقوق الإنسان في حكومة سعد الدين العثماني، في سياق تحيين مشروع الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، من لدن الوزارة، واعتمادها في أفق سنة 2018، تماشيا مع برنامج الحكومة في ولايتها الحالية. المحجوب الهيبة، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، في الكلمة الافتتاحية للقاء، أكّدَ على ضرورة وضْع آليات لمتابعة تنفيذ الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي أطلق المغرب مسلسل إعدادها شهر أبريل سنة 2008، استجابة لتوصيات مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان المنعقد سنة 1993، ووضع برنامج محدد وأجندة خاصة لتنفيذها، مشيرا إلى أنَّ النهوض بحقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية "هو التزام عامّ للدولة لا رِجعة فيه". وأردف المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان أنّ العديد من مقتضيات الخطة سالفة الذكر وجدتْ مكانا لها ضمن الوثيقة الدستورية لسنة 2011، داعيا إلى ترصيد الجهود المبذولة في مجال النهوض بحقوق الإنسان، ووضع مؤشرات لقياس الإنجازات المحققة، لمعرفة حجم تطورها. وينصّ البرنامج الحكومي 2016-2021، في الشق المتعلق بحقوق الإنسان، على دعم الخيار الديمقراطي ودولة الحق والقانون، وترسيخ الجهوية المتقدمة على صوْن حقوق وكرامة المواطن، وتعزيز الحريات والمساواة، وذلك باعتماد سياسة حكومية مندمجة في مجال حقوق الإنسان وفق تخطيط استراتيجي تشاركي، ووضع إجراءات مصاحبة لتحقيق هذه الغاية. وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان استعرضتا أمام المسؤولين الأوروبيين التجربة المغربية المتعلقة بالتخطيط الإستراتيجي في مجال حقوق الإنسان، منذ وضع أوّل دستور للمملكة سنة 1908، وخاصّة في مرحلة ما بعد الاستقلال إلى الآن. وقال محمد مصطفى الريسوني، عضو كتابة لجنة الإشراف على إعداد الخطة الوطنية في مجال حقوق الإنسان، إنّ وضعية حقوق الإنسان في المغرب "عرفت تموّجات تسير تارة في اتجاه الانفتاح، وتارة في اتجاه التضييق". واستعرض الريسوني جملة من القرارات والإجراءات المتخذة في هذا السياق، كإصدار عفو شامل عن المعتقلين السياسيين، والسماح بعودة المعارضين من المنفى، وتعديل القانون المنظم للسجون، وتعديل قانون الحريات العامة، ومراجعة القانون الجنائي، والاستفتاء على دستور 2011، "الذي يشكّل آلية لتعزيز الديمقراطية وتطويرها، وحماية حقوق الإنسان"، يقول المتحدث. ويشمل برنامج اللقاء، الذي يحتضنه مقر المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، استعراض التجربتين المغربية والإسبانية في موضوع التخطيط الإستراتيجي في مجال حقوق الإنسان، وبلورة الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.