قال المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان المحجوب الهيبة، أول أمس الثلاثاء، بالصخيرات، إن المغرب جعل من حقوق الإنسان بعدا أساسيا لدبلوماسيته وعلاقاته مع مجموع شركائه، بناء على التزامه بالدفاع عن حقوق الإنسان في مفهومها الكوني وتكاملها وعدم قابليتها للتجزيئ. وأوضح الهيبة، في كلمة خلال افتتاح أشغال ندوة دولية حول موضوع "تتبع توصيات آلية الاستعراض الدوري والشامل والتخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان.. التجارب المقارنة والممارسات الفضلى"، أن المغرب جعل من حقوق الإنسان، حماية وثقافة، بعدا أساسيا لدبلوماسيته وعلاقاته مع مجموع شركائه، سواء في إطار منظومة الأممالمتحدة، أو في إطار جواره المغاربي والعربي- الإسلامي والأورو- متوسطي والإفريقي، وكذا اتجاه مختلف فضاءات التعاون والشراكة جنوب- جنوب. وأكد المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، خلال هذه الندوة، التي تتواصل أشغالها على مدى يومين، أن مسار الإصلاحات الهيكلية الذي انخرطت فيه المملكة منذ سنوات يشهد تحولا نوعيا منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، بالانتقال من التبني الصريح للقيم والمعايير الكونية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي تم تتويجها بالإصلاح الدستوري للمملكة، إلى مباشرة ترجمة هذه الحقوق على أرض الواقع في مختلف السياسات والبرامج القطاعية. وأوضح الهيبة أن المغرب حرص، منذ سنة 2006، باعتباره عضوا ومؤسسا لمجلس حقوق الإنسان، والذي سيواصل مجددا عضويته بهذا المجلس للفترة ما بين 2014 و2016، على العمل بصورة متواصلة من أجل تعزيز روح التعاون والحوار البناء والصريح لصالح قضايا حقوق الإنسان عبر العالم. وحسب المندوب الوزاري، عمل المغرب على اتخاذ مبادرات مهمة في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، منها، على الخصوص، القرار المنشئ للإجراء الخاص حول النهوض بالحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، والقرار المتعلق بالمساعدة التقنية للدول النامية، والقرار المتعلق بالاختفاءات القسرية، والإعلان المشترك حول الآثار السلبية للرشوة على التمتع بحقوق الإنسان. كما ساهم المغرب بكيفية نشيطة، يضيف الهيبة، في دعم ومساندة مجلس حقوق الإنسان في إنشاء عدة إجراءات خاصة، منها فريق العمل المعني بمسألة التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة، والخبيرة المستقلة في مجال الحقوق الثقافية، والمقررين الخاصين المعنيين بالحق في الماء الشروب والتطهير والحق في التجمع السلمي. وأكد، في سياق متصل، أن دسترة أولوية القانون الدولي بالنسبة للقانون الوطني، وتكريس الاعتراف بالتعدد الثقافي واحترامه، وتجريم التعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، بالموازاة مع قرار المملكة الانفتاح على كل الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، شكلت منعطفا حاسما يعزز الالتزام الإرادي والملموس للمملكة في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. وأشار المندوب الوزاري إلى أن هذه الندوة الدولية تؤكد حرص المملكة على تفعيل التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان وتعميق انخراطها في هذا المضمار، بالنظر لأهمية الموضوع الذي تتناوله، وهو دور التخطيط الاستراتيجي في تنفيذ التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية لحقوق الإنسان، سيما آلية الاستعراض الدوري الشامل، انطلاقا من التجارب الدولية في هذا الباب. من جهته، قال رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، في كلمة مماثلة، إن المغرب عمل خلال السنوات الأخيرة، وبفضل مجهود جماعي مدعوم من طرف المنتظم الدولي، لاسيما الاتحاد الأوروبي، على بلورة آليتين أساسيين للتخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان، أولاهما خطة العمل الوطنية من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأوضح اليزمي، في هذا الصدد، أن الوقت حان للمصادقة على هذه الآلية، التي ساهم في إعدادها على مدى سنتين مختلف الفاعلين المؤسساتيين المعنيين وهيئات المجتمع المدني، مضيفا أن عددا من الخبراء المستقلين أكدوا بوضوح على المقاربة التشاركية التي سادت بلورتها. وأشار إلى أن الآلية الثانية للتخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان، التي أضحى يتوفر عليها المغرب، هي الأرضية المواطنة من أجل التربية على ثقافة حقوق الإنسان، التي تتضافر ضمنها جهود المنظمات غير الحكومية والسلطات العمومية ويتولى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمانتها العامة. وأكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أهمية تحقيق أكبر قدر من الالتقائية والتناسق بين مختلف هذه الآليات، التي ينضاف لها المخطط الوطني لمتابعة تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل ومعاهدات الأممالمتحدة، مثمنا كون ثلث مواد الدستور المغربي تعنى بمجال حقوق الإنسان. يشار إلى أن هذه الندوة الدولية المنظمة من طرف المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان بتعاون مع مكتب برنامج الأممالمتحدة الإنمائي في المغرب، تندرج في إطار إعمال المقاربة التشاركية التي اعتمدتها المندوبية في مجال التفاعل مع آليات الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بشكل عام، وفي مجال إعداد التقارير المقدمة إلى هذه الهيئات بشكل خاص. كما يشكل هذا اللقاء، الذي ينظم في سياق اعتماد التقرير الوطني برسم الجولة الثانية من الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان، مناسبة لتقاسم التجارب والممارسات الفضلى للمنظمات الدولية والحكومات في مجال بلورة التقارير المرحلية ومتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن آلية الاستعراض الدوري الشامل، وتمكين مختلف الأطراف المعنية على الصعيد الوطني من هذه التجارب، وذلك تمهيدا لإعداد وتقديم التقرير المرحلي للمغرب في شهر ماي 2014.