مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد، يكتوي أولياء التلاميذ الذين يتابعون دراستهم في مدارس التعليم الخصوصي في المغرب بلظى أسعار الكتب باهظة الثمن، ورسوم التسجيل والتأمين التي تفرضها هذه المدارس، والتي قدْ تصلُ إلى 3000 درهم. تكاليف باهظة تقول فاتن: "أنا أستاذة.. هذه السنة اضطررت إلى تسجيل ابني في مدرسة خصوصية تضمّ قسم باكالوريا دولية. تكاليفُ التدريس بهذه المدرسة تلتهم، تقريبا، نصف راتبي". أمّا الكتُب المستوردة من فرنسا وبريطانيا، تضيف المتحدثة، فيتجاوزُ ثمن بعضها 300 درهم. في شهر شتنبر الجاري ستكون فاتن مُجبرة على دفْع حوالي 5000 درهم لتسجيل ابنها في قسم الباكالوريا الدولية، وتشمل هذه المصاريف رسوم التسجيل والتأمين والقسْط الشهري، دون احتساب كُلفة الأدوات المدرسية. عدد من الأمهات والآباء الذين تحدثوا لهسبريس حول هذا الموضوع أفادوا بأنَّ المدارس الخاصة تفرض عليهم التوجّه إلى مكتبات معيّنة، تربطها بها شراكات، لاقتناء الكتب، ولا تترك لهم حريّة الاختيار، في حينِ أنّ بعض المدارس تبيع الكتب بشكل مباشر. يقول يوسف، وهو أبُ تلميذ يدرس في التعليم الخصوصي، إنّ المدارس الخصوصية، وإن لم تفرض على أولياء التلاميذ اقتناء الكتب من مكتبات معيّنة، فإنّها توجّههم بطريقة غير مباشرة، مضيفا أنّ الكتب الأكثر غلاء هي كتب الفرنسية والإنجليزية، في حين أنّ كتب العربية هي نفسُها التي تُدرَّسُ في مقرر التعليم العمومي. بالنسبة لعبد الرحمان، فإنَّ معاناة أولياء التلاميذ الذين يدرسون في التعليم الخصوصي لا تكمن فقط في غلاء الكتب، بل، أيضا، في غلاء الأدوات المدرسية، إذ يفرض أرباب المدارس الخاصة أدوات باهظة الثمن، زيادة على طلبات يعتبرها المتحدث "غريبة"، مثل المناديل الورقية، وورق الطباعة..رغم دفع رسوم التسجيل. شمس الدين العبداتي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، حمّل مسؤولية فرْض كتبٍ باهظة الثمن على أسَر تلاميذ مدارس التعليم الخصوصي لأصحاب هذه المدارس، ووزارة التربية الوطنية، باعتبارها مسؤولة عن مراقبة التعليم، سواء العمومي أو الخاص. وتساءَل العبداتي: "كيف تسمح وزارة التربية الوطنية لأرباب المدارس الخاصة بفرْض اقتناء كتب باهظة الثمن، ورسوم تسجيل مرتفعة، علما أنّهم يستفيدون من عدد من الامتيازات الضريبية والتسهيلات؟"، مضيفا أنّ أرباب بعض المدارس يتواطؤون مع أرباب المكتبات لبيْع الكتب بأسعار مرتفعة، ولا يتركون أيَّ خيار للمستهلك. رسومٌ غيرُ مبرّرة وإذا كان آباء وأمهات التلاميذ المتابعين لدراستهم في مدارس التعليم الخصوصي يشتكون من غلاء الكتب، فإنَّ رسوم التسجيل والتأمين تقضُّ مضجعهم أكثر. فاتن تعتبر هذه الرسوم غيرَ مبرّرة، متسائلة: "واش المؤسسة التعليمية بالفعل غادي تخلص تأمين على الطفل؟ وشحال قيمتو؟ وشحال قيمة التعويض إذا تعرض لحادث لا قدر الله؟". تبلغ رسوم التسجيل والتأمين في أقسام الباكالوريا الدولية، حسب نموذجِ رسومِ مدرسة خاصة اطلعت عليه هسبريس 2200 درهم. ويعلّق محمد صلوح على ارتفاع تكاليف التأمين على التلاميذ في القطاع الخصوصي ساخرا: "واش الدراري كيمشيو ب120 كيلومتر في الساعة داخل المدرسة". جهاد، واحدة من الأمهات اللواتي يعانين من ارتفاع تكاليف تدريس بناتهنّ وأبنائهن في مدارس التعليم الخصوصي، ومن الآن تفكّر كم سيكلّفها تدريس طفلتها الصغيرة، حين تلتحق بالتعليم الابتدائي، علما أنّها تدفع، حاليا، 1000 درهم للحضانة، لا تتضمن لا النقل ولا التغذية. تقول جهاد إنّ أرباب مدارس التعليم الخصوصي لا يفرضون على أولياء التلاميذ أداء رسوم تسجيل وأقساط شهرية مرتفعة، بل يفرضون اقتناء وزرات جديدة في كل دخول مدرسي جديد، بأثمان مبالغ فيها، على حدّ تعبيرها، مضيفة: "في كل سنة دراسية التلميذ خاصو طابلية جديدة، واخا تكون هاديك باش قرا العام الفايت ما زالا كتجي قدو". شمس الدين العبداتي دعا وزارة التربية الوطنية إلى التدخّل، ووضع مسطرة محدّدة لرسوم التسجيل، وعدم ترك لائحة الأسعار مفتوحة؛ "لأنّ المدارس الخاصة هي مؤسسات خدماتية، وليست مؤسسات تجارية، ولا بد أن يكون التعويض الذي تتلقاه لقاء الخدمات التي تقدّنها ملائما للقدرة الشرائية للمواطن المغربي"، حسب تعبيره. من جهة أخرى مازالت المؤسسات التعليمية، سواء الخاصة أو العمومية، التي تضمّ المسالك الدولية للباكالوريا، والتي رخّصت لها الدولة، لم تتوفر بعد على مناهج ومقررات خاصة بها، وتكتفي فقط بترجمة الكتب المعربة. وتعلق فاتن قائلة: "كارثة وصافي وحنا خانعين".