بدا واضحا انشغال فرنسا العميق بمحاربة الإرهاب الدولي حين استعرض الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، المحاور الثلاثة الرئيسية التي ستقوم عليها دبلوماسية بلاده خلال ولايته الرئاسية؛ تتقدمها "مكافحة إرهاب الجماعات الإسلامية المتطرفة". فرنسا التي عانت من ويلات أكثر من حدث إرهابي دام، منذ هجمات باريس في نونبر 2015 التي أوقعت أزيد من 230 قتيلا، تتوجه إلى تنظيم مؤتمر دولي للتعبئة ضد تمويل الإرهاب مطلع 2018 في "عاصمة الأنوار"، في وقت يشدد فيه المغرب على أنه دائم التنسيق مع البلد الأوروبي على المستوى الأمني والاستخباراتي. ويأتي في هذا السياق تأكيد سابق لعبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع ل"ديستي"، أشار فيه إلى وجود تعاون أمني واستخباراتي من الجانب المغربي مع حلفائه في أوروبا، ظهرت أبرز تجلياته في إمداد المصالح الأمنية المغربية لنظيرتها الفرنسية بمعلومات استخباراتية مكنت من إحباط العديد من الهجمات الإرهابية التي كانت تستهدف فرنسا. وفي أول خطاب له خلال قمة "سفراء فرنسا"، المنعقدة بباريس، أورد إيمانويل ماكرون أن محاربة إرهاب من وصفها ب"الجماعات الإسلامية المتطرفة" ستكون أولوية لدبلوماسية بلاده، وقال إن "ضمان أمن الفرنسيين يجعل من مكافحة الإرهاب الإسلامي أولى أولوياتنا"، بتعبيره. ولم يفوت الرئيس الفرنسي الموعد دون إعلان نيته رفع حالة الطوارئ التي تم فرضها بأرجاء فرنسا عقب "هجمات باريس"، قبل عامين، وأسفرت عن مقتل نحو 129 شخصا، متعهدا في الوقت ذاته بفرض إجراءات أمنية مكثفة ودائمة لمكافحة التطرف والتهديدات الإرهابية. طارق أتلاتي صرح لهسبريس بخصوص أهمية ملف الأمن لدى الجمهورية الفرنسية، مشيرا إلى أنه "ظل سياسة عامة ومحددة للتوجه الرئاسي في البلد الأوروبي"، قبل أن يشدد على "الجهود الكبيرة التي بذلتها الأجهزة الأمنية المغربية في إطار التنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية، والتي أعطت أكلها بشكل كبير تمثل في الحد من الضربات الإرهابية بالأسلحة النارية والمتفجرات". ويرى رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية أن التنسيق المشترك بين البلدين بدا واضحا على مستوى أرض الواقع وليس فقط عبر تبادل المعلومات، "وجعل من فرنسا حاملة لمشعل التصدي للإرهاب في أوروبا بعد هجمات برشلونة الأخيرة. وهو ما ظهر من خطاب ماكرون الأخير"، فيما أورد أن "هذا التعاون الأمني بين الرباطوباريس ليس وليد اليوم، لكن تجسد أكثر في فترة عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني".