منذ مدة والمغاربة ينتظرون الترخيص للبنوك التشاركية من أجل إنقاذهم من ثقل سعر الفائدة المرتفع لدى البنوك التقليدية. ومع مرور الوقت بدأت بعض العلامات التجارية لبعض البنوك التشاركية المرخص لها تزين شوارع بعض المدن الكبرى للمملكة. خلال هذا المخاض العسير كثرت تساؤلات المغاربة حول ما يميز منتجات هذا النوع من البنوك عن غيرها. وتكونت لدى عامة الناس عدة أفكار خلال هذه الفترة، ومنهم من رحب بها ومنهم من اعتبرها مثلها غيرها. أخيرا علقت العلامات التجارية وفتحت الأبواب ودخل من يهمهم الأمر إلى الوكالات البنكية الإسلامية ليسمعوا من موظفيها ما لديهم من تحفيزات ومنتجات، ليكتشفوا أن التعامل معها ليس بالسهولة التي كانوا يتصورونها، فلا بد من ضمانات تتعلق بالعقار من جهة وبالزبون من جهة ثانية. ومن الإجراءات التي وضعتها البنوك التشاركية إجراء يعرف ب"هامش الجدية"، وهو مبلغ يقدمه الزبون يمثل 10% من ثمن العقار، على أساس أن يسترده مباشرة بعد توقيع عقد المرابحة بينه كزبون وبين البنك كبائع؛ فمثلا إذا كان ثمن العقار هو 400.000 درهم يجب على الزبون دفع مبلغ 40.000 درهم للبنك ليقوم الأخير بعد ذلك بشراء العقار وبيعه للزبون بعد زيادة هامش الربح وإرجاع 40.000 درهم له بعد توقيع عقد المرابحة. بالنسبة لي كموظف سابق في عدة بنوك تقليدية، وبخبرة تزيد عن 6 سنوات في ميدان التوثيق، أرى أن إجراء "هامش الجدية" المزمع تطبيقه من طرف البنوك الإسلامية سيكون عائقا كبيرا بالنسبة لمجموعة من زبناء هذه البنوك، خصوصا أن البنوك التشاركية لا تمنح زبناءها قروضا مالية. بالإضافة إلى "هامش الجدية" المتمثل في % 10 من ثمن العقار سيكون على الزبون توفير ما بين % 7 و8 % من قيمة عقد المرابحة، كواجبات التسجيل % 4 والمحافظة 1.5% والرهن البنكي % 1 من ثمن القرض، بالإضافة إلى واجبات التنبر؛ ما بين 1000.00 و2000.00 درهم، حسب قيمة القرض وحسب الموثق. للتوضيح أكثر، سيشتري البنك العقار مثلا ب400.000 درهم، وسيدفع الزبون 40.000 ك"هامش للجدية"، للبنك، ليسترجعه بعد إتمام البيع. هذا العقار الذي اشتراه البنك ب400.000 درهم لن يبيعه بأقل من 650.000 درهم، تسدد على 25 سنة كأقصى مدة. الزبون سيكون مطالبا بدفع 8 % من ثمن عقد المرابحة للموثق من أجل التسجيل والمحافظة 650.000 *8 % أي 54.000 درهم تقريبا، إذا أضفنا واجبات التنبر؛ وبالتالي سيكون مجموع ما يجب دفعه قبل الحصول على القرض هو 54000+40000= 94.000 وهو 20 % تقريبا من قيمة العقار، وهو مبلغ يصعب توفيره بالنسبة لفئة عريضة ممن يرغبون في شراء عقار عن طريق قروض بنكية. بالنسبة للزبناء الذين لا يتوفرون على هذا المبلغ المسبق سيكونون مضطرين للتعامل مع البنوك التقليدية التي ستمنحهم واجبات التسجيل والتحفيظ، بالإضافة إلى ثمن العقار، ولا تطالبهم بدفع 10% من قيمة العقار ك"هامش للجدية". إذن كيف ستتعامل البنوك التشاركية مع من لا يتوفرون على مبلغ "هامش الجدية" ولهم راتب وظيفي جيد؟ بالإضافة إلى ذلك، وبما أن البنوك التشاركية لا تمنح قروضا مالية لزبنائها، كيف يمكن لها تقديم واجبات التسجيل والمحافظة للزبنائها؟ هل ستقدم لهم ما يسمى"القرض الحسن"، وهو قرض مالي بدون فائدة، أم سيبقى الحال على ما هو عليه حتى تشتد المنافسة مع البنوك التقليدية وعندها ستكون البنوك التشاركية مجبرة على تقديم تنازلات وتحفيزات لزبنائها. * باحث في العلوم الاقتصادية والدراسات الإسلامية