ما أن تطأ قدمك مركز الجماعة الترابية تارميكت، الواقعة بالنفوذ الترابي للإقليم ورزازات، حتى تكتشف أنها ما زالت تعاني التهميش وركودا تنمويا مخيفا، وما زالت بثياب قرية نائية، حيث ما زالت الساكنة المحلية تنتظر المسؤولين المحليين والإقليميين والجهويين زيارتها لنفض غبار الحكرة والتهميش عنها، وإيصالها إلى ركب التنمية وإنصافها وإعطائها حقها المفقود في جميع المجالات. بالرغم من كون مركز الجماعة المذكورة لا يبعد سوى بكيلومتر واحد عن مركز مدينة ورزازات، فإنها تفتقر إلى أبسط ضروريات العيش الكريم، إلى درجة أن "الزائر" يحسب أنه أمام بنية ترابية تحتضر وأن المنطقة خاوية على عروشها ولا يسكنها بشر؛ وهو ما دفع الساكنة المحلية إلى وصف مركز جماعتهم ب"العجوز" التي قالوا إنها شاخت ملامحها وتعيش التهميش والإقصاء والإهمال من لدن المسؤولين المتعاقبين على تدبير شؤون المنطقة. تقع الجماعة الترابية تارميكت على بعد كيلومتر واحد عن مدينة ورزازات، بعض دواويرها تتميز بتضاريسها الوعرة، مركزها يوجد بالطريق الوطنية رقم 9، الرابطة بين ورزازات وزاكورة، ويبلغ عدد سكانها 40184 نسمة، حسب الإحصاء الأخير للمندوبية السامية للتخطيط، إلا أنهم يعانون من ويلات التهميش والحرمان لافتقارهم لأبسط شروط الحياة الكريمة؛ وهو ما جعلهم يصارعون من أجل البقاء، ويعيشون بشكل يومي في رحلات بحث دائم عن لقمة العيش، في ظروف قاسية يطبعها الفقر والحرمان اللذين فرضتهما السياسة التدبيرية للسلطات الإدارية والمنتخبة. هيئة الأزقة والشوارع الزيارة الاستطلاعية، التي قامت بها جريدة هسبريس الإلكترونية إلى مركز الجماعة الترابية تارميكت، كشفت أن هذه المنطقة لم تستفيد بعد من برنامج تأهيل الأزقة والشوارع؛ وهو ما يجعل الساكنة تعاني مشاكل عديدة مع الغبار المتطايرة، وكثرة الحفر الموجودة بجميع أزقة المركز. ولم تخف الساكنة المحلية ممن تحدثت مع الجريدة أن القائمين على تدبير الشأن المحلي للجماعة، من سلطات منتخبة وإدارية، مارسوا وما زالوا يمارسون "سياسة التهميش والإقصاء والتجاهل في حق المنطقة وساكنتها"، متسائلين ومستغربين في الوقت نفسه عن الأسباب التي حالت دون استفادة مركز جماعة تارميكت من البرامج التنموية، شأنه شأن باقي مراكز الجماعات الترابية الأخرى بإقليم ورزازات. وطالبت الساكنة، في تصريحات متطابقة، السلطات المنتخبة والإدارية محليا وإقليميا بضرورة تأهيل مركز الجماعة الترابية تارميكت، وتوفير جميع الشروط الممكنة لتشجيع المواطنين على الاستقرار بالمكان. محمد شعو، أحد سكان تكمي الجديد بالمركز ذاته، أوضح أن المنطقة في أمسّ الحاجة إلى تنزيل برامج تنموية مهيكلة تهم جميع القطاعات المهمة، كالصحة والبنية التحتية، مذكرا ب"أن خطاب العرش الأخير واضح، ويجب على المسؤولين العمل به أو ترك مناصبهم للراغبين في العمل بالجد والمعقول". وزاد المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، "بالرغم من أن مركز جماعة تارميكت يعتبر من بين المراكز المحدثة منذ عقود، فإن المسؤولين أهملوه ولم يعيروه لشكايات وصرخات المواطنين أي اهتمام"، مناشدا في الأخير جميع المتدخلين بضرورة تنزيل برامج خاصة لتأهيل مركز الجماعة في أقرب الآجال للمساهمة في خلق جو مشجع للزوار والساكنة للبقاء قبل أن يضطر الجميع بالهجرة. ماء غير صالح للشرب "هل يعلم المدير العام للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ومعه الجهات المسؤولة المكلفة بالماء أن ساكنة ورزازات وتارميكت تشرب مياه تشبه في مذاقها "الواد الحار"؟، سؤال طرحته خديجة السعيدي، القاطنة بأحد الدواوير المحيطة بمركز الجماعة الترابية تارميكت، مطالبة بضرورة توفير ماء صالح للشرب أو إعفاء الساكنة من أداء فواتير هذه المادة غير الصالحة للاستعمال، بحسب تعبيرها. وأضافت خديجة السعيدي، ضمن تصريح أدلت به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الساكنة تضطر إلى أداء فاتورتين خاصة بالماء، الأولى يتم دفعها للمكتب الوطني للماء على مائه غير الصالح للشرب، والفاتورة الثانية لأصحاب السيارات والدراجات ثلاثية العجلات التي تزود الساكنة بهذه المادة. ووجهت المتحدثة رسالة إلى جميع المسؤولين قائلة "إذا كنتم تقتنون المياه المعدنية إلى منازلهم لكونكم تتوفرون على دراهم كثيرة، فاعلموا أن هناك أناسا لا حول لهم ولا قوة لا يملكون إلا ما سيأكلون في وجبة واحدة ويبحثون عن وجبة أخرى بعرق جبينهم فلا يجدون إلا أن يصبروا ويشربوا هذا الماء الذي تشعر منذ أن تضعه في فمك بأنك تشرب من الواد الحار". ولم تستبعد المتحدثة أن تقوم الساكنة المحلية بمركز تارميكت ومعها بعض الأحياء بمركز مدينة ورزازا، "رفض أداء الفاتورات الخاصة بالماء، في قرار سيتم اتخاذه بشكل جماعي ودون استثناء، لتصل الرسالة إلى الجهات المسؤولة مركزيا"، داعية السلطات الإقليمية والمحلية والمكتب الوطني المكلف بالماء إلى تحمل مسؤوليتهما، في حال عدم تدخلهم وإيجاد حل مناسب ومعقول لهذا المشكل. البطالة تقتل الشباب سعيد آيت داود، شاب يقطن بدوار تكمي الجديد، أوضح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الشباب، بدورهم، يعانون مشاكل البطالة وغياب مرافق للترفيه، بالرغم من مرور عقود من الزمن على إحداث الجماعة الترابية تارميكت، التي ما زالت لم تجد لنفسها مخرجا، خاصة في ظل سياسة التهميش واللامبالاة التي تنهجها الدولة في حق أبناء الجنوب الشرقي عموما". واستنادا إلى تصريح المتحدث ذاته، "فإن كل ركن من أركان مركز الجماعة الترابية تارميكت يئن في صمت بعيدا عن أعين المسؤولين، خاصة أن المنطقة تفتقد إلى العديد من المرافق العمومية، ناهيك عن البطالة التي نخرت أجساد الشباب الذين يجهلون مصائرهم المستقبلي، ليبقوا في قوقعة وبيئة منعزلة ولغياب الوعي". وفي السياق ذاته، أكد كمال حسني، ناشط جمعوي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن نسبة البطالة بالمنطقة جد مرتفعة إلى جانب ارتفاع نسبة الهدر المدرسي؛ وهو ما جعل الشباب يقعون فريسة في أيدي مجموعات من المنحرفين الذين يجدون ضالتهم في المخدرات والسرقة، حسب تعبيره. وتابع قائلا: "وما زاد من تدهور وضع الشباب، الذي راح ضحية الآفات الاجتماعية من جهة أخرى، غياب مرافق ثقافية وشبابية من شأنها توعية الشباب وفتح الآفاق أمامهم"، مؤكدا أن الجماعة تفتقر إلى مثل هذه المراكز التي تعتبر متنفسا لصقل مواهبهم. إحداث مركز الدرك الملكي بالرغم من أن الجماعة الترابية تارميكت، المعروفة محليا باسم "تابونت"، لا تبعد سوى بأمتار قليلة على مقر القيادة الجهوية للدرك الملكي لورزازات، فإن الساكنة طالبت أكثر من مرة بضرورة إحداث مركز ترابي للدرك خاص بجماع تارميكت، لاستبات الأمن، ووضع حد لجميع أشكال الجريمة ومحاربة مروجي المخدرات، وحماية ممتلكات المواطنين. من جهتها، قامت هسبريس بزيارة مقر الجماعة الترابية تارميكت، لأخذ رأي رئيسها في موضوع التنمية الغائبة؛ إلا أنه كان يوجد في حفل الولاء، ثم حاولنا الاتصال به عدة مرات إلا أن هاتفه ظل خارج التغطية.