تعيش ساكنة أحياء مركز جماعة ترميكت المعروفة محليا ب"تابونت" واقعا تنمويا مزريا وكارثيا، نتيجة انعدام المشاريع التنموية والعديد من المرافق الضرورية، كما أنها تفتقر إلى متطلبات العيش الكريم، على الرغم من أنها توجد على مسافة لا تتعدى كيلومترا واحدا عن مدينة ورزازات، المعروفة بدورها بهوليود إفريقيا. عدد من المواطنين الذين يقطنون بأحياء مركز جماعة ترميكت التابعة لإقليمورزازات أجمعوا، في لقائهم مع جريدة هسبريس الإلكترونية، على أن الجماعة تعاني من العزلة وافتقارها إلى أدنى شروط الحياة الكريمة، موضحين أنها أضحت مع مرور الوقت مهملة بفعل العزلة المفروضة عليها بسبب عدم تأهيل الأزقة والشوارع وخلق فرص الشغل للشباب. وعبّر هؤلاء المواطنون عن امتعاضهم للواقع المر الذي يعيشونه نتيجة الوضعية المزرية التي تعرفها الجماعة، سواء تعلق الأمر بالمركز أو الدواوير التابعة لها، مشددين على أن المنطقة بحاجة إلى التفاتة من طرف السلطات المعنية لانتشالهم من قوقعة التهميش والفقر، وفق تعبيرهم. تهميش تنموي واقتصادي لا يختلف اثنان أن جماعة ترميكت تعاني من التهميش التنموي والاقتصادي. وعلى الرغم من وجودها بالقرب من مدينة السياحة والسينما والطاقات المتجددة، فإنها ما زالت ترتدي ثياب قرية نائية، ولا شيء بها يوحي للزائر بأنه بجماعة تجاوز مدينة بكل تلك المواصفات. كمال العمراوي، ناشط جمعوي بهذه المنطقة، أكد أن الجماعة تشبه كثيرا دوار بعيد، بسبب غياب برامج تنموية وفرص الشغل، موضحا أن الوضع الحالي دفع الساكنة إلى وصف مركز هذه الجماعة ب"العجوز" التي قالوا إنها شاخت ملامحها وتعيش التهميش والإقصاء والإهمال من لدن المسؤولين المتعاقبين على تدبير شؤون الجماعة، وفق تعبيره. وكشف الجمعوي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن جماعة ترميكت لم تستفيد من نصيبها في برنامج تأهيل الأزقة والشوارع؛ وهو ما يجعل الساكنة تعاني مشاكل عديدة مع الغبار المتطايرة، وكثرة الحفر الموجودة بجميع أزقة المركز، موضحا أن "القائمين على تدبير الشأن المحلي للجماعة الحاليين والسابقين مارسوا سياسة التهميش والإقصاء والتجاهل في حق المنطقة وساكنتها"، يضيف المتحدث. حياة امزوغ، من ساكنة تكمي الجديد، أكدت أن الجماعة تعاني مشاكل عديدة انطلاقا من غياب التهيئة والمساحات الخضراء، مشيرة إلى أن الساكنة المحلية متضررة من غياب هذه الضروريات وغيرها، ملتمسة من الجهات المختصة التدخل من أجل حث المسؤولين على تنزيل برامج تنموية قادرة على تحقيق انتظارات الساكنة المحلية، وفق تعبيرها. وطالبت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، السلطات المنتخبة والإدارية محليا وإقليميا بضرورة تأهيل مركز الجماعة الترابية تارميكت، وتوفير جميع الشروط الممكنة لتشجيع المواطنين على الاستقرار بالمكان، مشيرة إلى أن جميع الشوارع والأزقة لم تشملها برامج التأهيل باستثناء الشارع المؤدي إلى ورزازات. وأضافت أن المنطقة في أمس الحاجة إلى تنزيل برامج تنموية مهيكلة تهم جميع القطاعات المهمة، كالصحة والبنية التحتية، مذكرا ب"أن خطاب العرش الأخير واضح، ويجب على المسؤولين العمل به أو ترك مناصبهم للراغبين في العمل بالجد والمعقول". البطالة تنخر الشباب "الجماعة لا تعاني فقط من ضعف تنزيل البرامج التنموية المتعلقة بالبنية التحتية والمساحات الخضراء وغيرها، بل تعاني أيضا من البرامج الاقتصادية القادرة على انتشال الشباب من بين مخالب الفقر والحاجة"، يقول عبد الصمد أمغار من ساكنة الجماعة أحد الحاصلين على الإجازة في القانون، مشيرا إلى أن الشباب يعانون نتيجة غياب فرص الشغل؛ وهو ما دفع بالعديد منهم يهاجرون إلى مدن الداخل أو أوروبا هروبا من جحيم الفقر، وفق تعبيره. أحمد آيت موسى، من شباب مركز جماعة ترميكت، لم يخف أن البطالة منتشرة بكثرة في صفوف شباب المنطقة مثل باقي مناطق الجنوب الشرقي، موضحا أنه "ليست هناك بوادر انفراج في ما يخص توفير فرص الشغل للشباب في الوقت الراهن"، مقترحا "تنزيل الخطاب الملكي الذي ألقاه بمناسبة الذكرى العشرين لعيد العرش لأرض الواقع لتغيير الوضع الحالي من خلال الاستغناء عن بعض الرؤوس التي تسير الشأن المحلي والتي لم تعد قادرة على مسايرة البرامج التنموية"، وفق تعبيره. وكغيره من آلاف الشباب بترميكت وضواحيها، يعيش معاذ بن داود، الحاصل على الماستر في الجيولوجيا، بين سندان البطالة ومطرقة الفراغ القاتل، ولم يشفع له مستواه الدراسي لظفر بوظيفة لضمان لقمة عيشه وعيش أسرته، كما أنه أصبح يفكرا جديا في الهجرة السرية نحو "الفردوس المفقود" أوروبا، وفق إفادته. وفي هذا الإطار، يؤكد عضو ضمن أغلبية جماعة ترميكت، غير راغب في الكشف عن هويته للعموم، إن ما قيل حول البطالة المنتشرة وسط الشباب لا يمكن للعقلاء الاختلاف عنها، مشيرا إلى أن الجماعة غير قادرة حل مشكل البطالة نظرا إلى ميزانيتها الضعيفة جدا، داعيا جميع المتدخلين إلى عقد لقاء إقليمي من أجل دراسة وضع الشباب والبطالة قد إيجاد حلول آنية ومعقولة، وفق تعبيره. استغلال مؤهلات لتنمية المنطقة تقع الجماعة الترابية تارميكت على بُعد كيلومتر واحد عن مدينة ورزازات، بعض دواويرها تتميز بتضاريسها الوعرة، مركزها يوجد بالطريق الوطنية رقم 9، الرابطة بين ورزازات وزاكورة، ويبلغ عدد سكانها 40184 نسمة، حسب الإحصاء الأخير للمندوبية السامية للتخطيط، إلا أنهم يعانون من ويلات التهميش والحرمان لافتقارهم لأبسط شروط الحياة الكريمة؛ وهو ما جعلهم يصارعون من أجل البقاء، ويعيشون بشكل يومي في رحلات بحث دائم عن لقمة العيش، في ظروف قاسية يطبعها الفقر والحرمان اللذان فرضتهما السياسة التدبيرية للسلطات الإدارية والمنتخبة. جماعة ترميكت تتوفر على مؤهلات كثيرة قادرة على تغيير من ملامح هذه الجماعة، خصوصا في القطاع الفلاحي والسياحي ومآثر تاريخية، إلا أن الساكنة المحلية ترجع عدم تحريك عجلة التنمية بها عبر استغلال هذه المؤهلات إلى عدم كفاءة من هم يسيرون الشأن العام المحلي، مشددين على أن الوقت حان لتغييرهم بالوجود الشابة. نعيمة أخماسي، فاعلة جمعوية بترميكت، قالت إن التنمية يمكن تحقيقها من لا شيء ومن أبسط شيء، مشيرة إلى أن المنطقة معروفة منذ القدم بوجود بها عدة حرف ومهن والفلاحة والسياحة؛ لكن لا أحد من المسؤولين المحليين مهتم بهذه الأمور التي يمكن أن يحققون من خلالها نتائج كبيرة لفائدة التنمية الاجتماعية والاقتصادية. المتحدثة ذاتها طالبت بضرورة استغلال جميع المؤهلات التي تزخر بها ترميكت والعمل على توفير فرص الشغل للشباب، مشيرة إلى أن الجماعة في حاجة إلى أبنائها، مضيفة "كفانا من التهميش والإقصاء والتفقير"، مبرزة "أن عامل إقليمورزازات، بصفته ممثل الملك بالإقليم، هو الوحيد الذي يعمل ليل نهار من أجل هذا الإقليم ومن أجل مواطنيه ومن غيره لا أثر لمسؤول آخر"، وفق تعبيره. ومن أجل نيل تعليق رئيس جماعة ترميكت حول ما أثير من تصاريح حول التنمية بالجماعة، اتصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية؛ لكنه اعتذر لكونه كان في حفل الولاء، وبعده لم يعد يجيب عن مكالماتنا الهاتفية.