انتقد الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة الذكرى الثامنة عشر لتربعه على كرسي العرش، ممارسات بعض المسؤولين المنتخبين التي "تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب، إلى العزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات"، مشيرا إلى أن ذلك راجع بالأساس إلى عدم "الثقة في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل". الباحث في قانون الأحزاب، رشيد لزرق، سار على المنوال نفسه؛ إذ اعتبر أن "الأزمة التي يعرفها المغرب تتمثل في عجز النخب السياسية على ضمان تحول يواكب الزمن الدستوري؛ بحيث أظهرت الحسيمة ارتباكا حكوميا في تدبير الملف والتهرب من المسؤولية السياسية من قبل الطبقة السياسية، الأمر الذي أبان عن عجز النخب السياسية الحالية في قدرتها على الضمان الفعلي للحق في الولوج إلى الحقوق الدستورية الجديدة، ما يجعلهم يتوجهون إلى الملك". وأوضح لزرق، في تصريح لجريدة هسبريس، أن خطاب الملك ليوم السبت هو "خطاب متعدد الأبعاد، افترض إحداث تغيير حقيقي في بنية الاستقبال الحزبي، ورفع مستوى النقاش السياسي إلى نقاش مشاريعي يكفل خلق شروط التحول السياسي ويواكب مستوى التعاقد الدستوري". ولفت المتحدث نفسه إلى أن "المغرب تغير في المبنى والمعنى ولا يمكن بأي حال من الأحوال العودة مجددا إلى زمن ما قبل دستور 2011، لكن مشكلتنا أن النخب السياسية التي تتصدر الشأن العام هي نخب لازالت تعمل بالمنطق نفسه، وهو منطق التكتيكات والمزايدة كهواية سياسية". وربط لرزق ما يجري من حراك في الريف واحتجاجات في مناطق عدة بالسياق السياسي المتعدد والمختلف عن المراحل السابقة، الذي يعرف تغييرات دولية وإقليمية يحاول فيها كل طرف التعبير عن وجوده، سواء من داخل الحكومة أو المعارضة، دون إهمال القوى الراغبة في إسقاط منظومة الدولة ككل. وشدد الباحث ضمن تصريحه على أن "الملك يهيئ لثورة مؤسساتية ستتضح بالملموس خلال خطاب ثورة الملك والشعب في 20 غشت". من جهته، قال أستاذ القانون الدستوري، عبد الرحيم العلام، إن "الملك بخطاباته المنتقدة للأوضاع بات يشكل دور الملك المعارض؛ إذ أصبحت هناك مقولة تتردد تقول: الملك يعارض كل عيد عرش". وأردف المتحدث أن خطابات الملك أصبحت تتضمن انتقادات للمواطنين الموظفين وللأحزاب السياسية، وتساؤلات عن مصير الثروة، ولوم للحكومة لعدم إعدادها لقوانين تنظيمية، و"كأننا في ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم". وأضاف العلام، ضمن تصريحه، أن هناك خروقات يومية من طرف ممثلي وزارة الداخلية (قياد، باشوات، عمال، ولاة) الذين يأتمرون بتعليمات وزير الداخلية التكنوقراطي، بمعنى أن "الوزير له علاقة مباشرة مع القصر الملكي على أرض الواقع بعيدا عن التوصيف القانوني". وأشار الباحث في القانون الدستوري إلى أنه "ما دام أن ما قاله الملك في خطابه هو نفسه ما قاله الزفزافي والأبلق ومعتقلين آخرين، فلماذا يتواجدون في السجن ولم يتم العفو عنهم؟"