وجّه الملك محمد السادس خطابا صارما إلى الأحزاب السياسية، وأبلغها رسالته بشكل حازم، عندما خاطب النخبة السياسية بشكل مباشر، وتأكيده على أنه لم يعد يثق في بعضهم، بل أنهم أفسدوا السياسة. ونزلت جملة "كفى اتقوا الله في وطنكم إما أن تعملوا أو انسحبوا"، كالثلج البارد فوق رؤوس المسؤولين الحزبيين والسياسيين، الذين بدؤوا يتحسسون كراسيهم التي قد تسحب منهم في أي وقت بعد الخطاب الناري للملك الذي ألقاه اليوم السبت بمناسبة تخليد عيد العرش المجيد. رشيد لزرق المتخصص في الشأن الحزبي والبرلماني، قال في تصريح للصحافة، بأن "الملك محمد السادس، تحدث من خلال خطابه اليوم كملك مواطن، يؤسس لثورة دستورية، حيث هاجم النخبة السياسية لأنها لو تؤسس لزمن الولوج إلى الحقوق الدستورية"، وبالتالي، يضيف لزرق، فهذا "الخطاب يواكب ثورة دستورية في المغرب عبر تفعيل نصوص الدستور التي تربط المسؤولية بالمحاسبة وهو ما قد يطيح برؤوس كبيرة ". وأوضح المحلل السياسي بأن خطاب الملك، يتوقع منه أن يؤدي إلى حراك سياسي داخل الأحزاب السياسية، باعتبار أن من يسيرها هي نخبة شعبوية وغابت في لحظة الأزمة، خاصة خلال أحداث الحسيمة، حيث تركت الأمنيين والسلطات لوحدهم في مواجهة الحراك. وأكد المتحدث، بأن الملك وجه رسالته هاته إلى الطبقة السياسية كاملة بما فيهم حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، وأحزاب التحالف الحكومي التي فشلت في احتواء أزمة الحسيمة، حيث لم يستثن أي حزب من المحاسبة ووضعهم جميعهم في خط واحد. وأشار لزرق، بأن خطاب الملك الصارم وحديثه عن ربط المسؤولية بالمحاسبة من خلال الفصل الأول من دستور 2011 ، سيؤدي لا محالة إلى سلسلة من الإعفاءات لوزراء ومسؤولين كبار والتي سيعلن عنها مباشرة بعد حفل الولاء ، مؤكدا بأنه سيكون هناك تعديل حكومي وشيك، سيرافقه حراك حزبي للإطاحة بالنخب الحزبية لأنها نخب أضحت نخب متجاوزة للزمن الدستوري. من جهتة قال، الباحث والمفكر، إدريس الكنبوري، ان « أهم ما في الخطاب هو التأكيد على ضرورة الرجوع الى بند ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي لم يتم العمل به منذ دستور 2011 » ،مضيفا أن تجميد هذا « البند المهم هو الذي يقف وراء العديد من الخروقات والاختلالات في الدولة، لأنه اولا يجعل المسؤول متحللا من اي شعور بان هناك مراقبة، وثانيا وهذا هو الخطير يعطي اشارة الى المسؤولين بان الدولة هي التي ترعى الفساد والا كانت طبقت ذلك المبدأ، وتعطي أيضا اشارة الى المسؤول بان الدستور مجرد وثيقة مكتوبة، مسجلا ان » ان الدستور محرد وثيقة مكتوبة » هو » شعور جميع المواطنين وهو ان الدستور يصوت عليه لكن لا يحترم ». في اتصال مع » فبراير ». وبخصوص إمكانية أن تطال حملة إعفاءات مسؤولين قال « أتوقع ان تعقب الخطاب إجراءات عملية كإعفاء بعض المسؤولين مركزيا وجهويا ومحليا، لان الملك من خلال الخطاب بدا جادا وقلقا من طريقة تدبير الشأن العام وهو ملتزم بما أعلنه امام الرأي العام الذي ينتظر من الملك الشيء الكثير ».