يعيش إقليمالجديدة، هذه الأيام، على وقع أخبار سارة، نقلت طموحاته في التأهيل والتنمية والارتقاء الحضري، من حالة التمني، التي طالت كثيرا، إلى حالة تنزيل على أرض الواقع، في إطار مشاريع بلمسة تشاركية، رصد لها غلاف مالي بقيمة 115 مليارا، تعقد عليها آمال عريضة لجعله في الموعد مع مناسبات كبرى تستعد بلادنا لاحتضانها، وضمنها نهائيات كأس العالم. في هذا الروبورتاج، تسافر الصباح في جزئيات البرنامج الإجمالي لتأهيل إقليمالجديدة في الفترة بين 2025 و2027، الذي لن يكون سوى بداية برامج تأهيل مقبلة تعم سائر جماعاته بلمسة عدالة مجالية منصفة لسكانه. إنجاز: عبد الله غيتومي (الجديدة) * واقع الحال بالأرقام لن يكون متيسرا تكوين فكرة عن الوقع الذي ستخلفه مشاريع التأهيل والتنمية والارتقاء الحضري بين 2025 و2027، دون أن نستعرض واقع الحال بالعديد من المجالات التي ستستفيد من الغلاف المالي المرصود لتلك المشاريع، ولتكن البداية من الجديدة، التي وضعت في صلب التأهيل بالنظر لأنها عاصمة الإقليم، التي من المفروض أن تعكس حجم التطور الحاصل فيه، وأشواط التنمية التي قطعها. ويبدو أن التنمية المجالية بها بحاجة إلى "دفعة قوية" لإعادة الحياة إلى مدينتها العتيقة، "الحي البرتغالي"، التي لم تعرف أي لمسات حقيقية لإعادة الاعتبار إلى مآثرها التاريخية وتثمينها وجعلها رافعة لتنمية السياحة الثقافية، المرتكزة على موروث مشترك، مغربي برتغالي. فباستثناء مبادرات ترميم جزئية قام بها الرئيسان السابقان للبرتغال ماريو سواريش وجورج سامبايو، ظل حلم تأهيل شامل للحي البرتغالي يراوح مكانه، في إطار توصيات تمخضت عن أيام إقلاع اقتصادي وثقافي، احتضنتها عمالة الجديدة في 1989، على عهد المرحوم الطاهر المصمودي، الرئيس الأسبق لبلدية الجديدة. وليست أزمور بأحسن حال، فهي في أمس الحاجة إلى التفاتات تأهيل حقيقية، لأنها بمؤهلات تاريخية لم تستغل لحد الآن بالشكل الصحيح، ليتم تسويق مدينة "مولاي بوشعيب الرداد" بالشكل الأمثل، الذي يوفر فيها رواجا ثقافيا له وقعه الإيجابي على نواح متعددة. وبمولاي عبد الله أمغار، حاضرة "تيط"، وإحدى الحلقات القوية في الحمولة التاريخية لدكالة، يبدو أن رياح التأهيل لم تهب إطلاقا على ضريح الولي الصالح، ولا كذلك على الأسوار التاريخية التي لحقها دمار واضح وضربات قوية من معاول استغلال بشري له روافده في البناء العشوائي الذي أطبق عليها من كل جانب. وعرفت قصبة بولعوان انهيارات واضحة للعديد من معالمها، ولم تتعد التدخلات لإعادة ترميمها عتبة أمان، نجد لها رجع صدى في إطار "بكاء على الأطلال" لمناسبة كل اجتماع رسمي، خاصة بمقر عمالة الجديدة، وأبرزه ذلك الذي ترأسه محمد الأعرج، وزير الثقافة الأسبق، والذي وعد بمبلغ مليارين لترميم القصبة، ومليار لأسوار مولاي عبد الله، وهو وعد مات لحظة مغادرة الوزير "علامة الأربعين" لحاضرة الجديدة. * الكلمة للعامل ورئيس المجلس الإقليمي في معرض كلمته، لمناسبة الدورة الاستثنائية، التي عقدها المجلس الإقليمي للجديدة، أخيرا ، أكد محمد العطفاوي، عامل الإقليم، أن المبلغ المرصود لتفعيل شراكات تأهيل الجديدة الكبرى بين 2025 و2027، يندرج ضمن الرؤية الملكية، الرامية إلى إرساء أسس تنمية مندمجة ومستدامة ذات أبعاد جهوية، تجد سندها القوي في ترسيخ مبدأ الشراكة الفعالة والتعاون بين مختلف الفاعلين في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتنمية المستدامة، وزاد موضحا أن ما ينتظر إقليمالجديدة من برامج تنموية هو رجع صدى لما تعرفه جهات وأقاليم المملكة من أوراش مهيكلة، ومدعمة للمكتسبات، التي حققتها بلادنا، والتي جعلتها تحظى بمكانة دولية متميزة، كانت أساس ثقة حظوتنا بتنظيم كأس العالم 2030. وتابع العطفاوي أنه "من هذا المنطلق، يأخذ إقليمالجديدة نصيبه القوي، في هذه التحولات الكبرى، وأن البداية اليوم باتفاقية شراكة تأهيل وارتقاء تهم الجديدة الكبرى، دون أن ننسى الوسط القروي، الذي يحضر في اهتماماتنا من خلال تدعيم بنية الطرق والكهرباء به، ومواصلة تجويد الولوج إلى الماء الشروب ودعم النقل المدرسي". وختم عامل الجديدة بأن عائدات المجلس الإقليمي من كازينو مازغان، والتي تصل إلى 30 مليون درهم سنويا، ستكون "الخميرة لاستنهاض فكر تشاركي يمس كل الميادين دون إقصاء، وبلمسة عدالة مجالية وقطاعية"، وختم بأنه حان الوقت أن نعطي لقطاع السياحة بالإقليم المساندة التي يستحق، بالنظر لما يزخر به من تنوع وعوامل جذب. ولدى تناوله الكلمة، أكد محمد زاهيدي، رئيس المجلس الإقليمي، أن إقليمالجديدة الذي يوجد على مرمى حجر من البيضاء، واحدة من مدن المونديال، يؤهل نفسه اليوم، لأنه يعتبر نفسه في صلب الدينامية العامة لإنجاح الحدث العالمي الهام، وأن بنيته الرياضية وطاقته الإيوائية وطبيعته الخلابة وحمولته التاريخية، تجعله قاعدة خلفية تغري جمهور المونديال بالاستمتاع والاكتشاف. وبعد أن أثنى على الطريقة التي ترافع بها محمد العطفاوي لدى المصالح المركزية لجلب دعم مالي غير مسبوق لتأهيل الجديدة الكبرى، وصف الدورة الاستثنائية سالفة الذكر، بأنها محطة تنزيل برامج تنموية، وقع عليها الإجماع من خلال جولات عامل الإقليم بمختلف الجماعات الترابية، والاستماع إلى نبضها ومتطلباتها، واعتبر إحداث شركة التنمية المحلية "الجديدة الكبرى للتنمية" إطارا فعالا للتعاطي مع المشاريع من "منظور إقليمي" شامل، قمين بالرفع من جاذبية الإقليم وتحسين مناخ الاستثمار به لمزيد من فرص الشغل لشبابه. * تأهيل بلمسة رد الاعتبار والتثمين إن إلقاء نظرة على ديباجة اتفاقيات التأهيل، ضرورية لمعرفة دوافعه، ومقاصده، ورصد الغايات ووقعها على المجالات المعنية بالتأهيل، وأيضا الارتدادات الإيجابية على السكان والمحيط. ومن المهم أن نلاحظ أن السياق العام يندرج دائما في إطار توجيهات ملكية سامية، لصون الموروث الثقافي والعمراني، واتخاذه رافعة للاستثمار الذي يستهدف إحداث الرجة الثقافية والسياحية، المعول عليها لتجويد المعيش اليومي للسكان. ومن منطلق تصنيف الحي البرتغالي تراثا إنسانيا في 2004 من قبل "اليونسكو"، ورغبة في إعادة دمجه في الدينامية العامة للجديدة، رصد لذلك غلاف مالي يبلغ 247 مليون درهم بمساهمة المديرية العامة للجماعات الترابية، ووزارة إعداد التراب الوطني والإسكان وسياسة المدينة، ووزارة الثقافة والشباب والتواصل، والمجلس الجهوي للبيضاء سطات. كما خصص المساهمون أنفسهم 150 مليون درهم لتأهيل وتثمين المدينة العتيقة لأزمور، ونالت قصبة بولعوان 50 مليون درهم من المديرية العامة للجماعات الترابية ووزارة الثقافة والشباب والتواصل، والمجلس الجهوي للبيضاء سطات. وتم مبلغ 36 مليون درهم في إطار شراكة بين جماعة مولاي عبد الله والمجلس الإقليمي، لتهيئة فضاء ضريح مولاي عبد الله ومحيطه، للرفع من جاذبية فضاء الموسم. وأخذا بعين الاعتبار ما لحديقة محمد الخامس من رمزية كبيرة في الذاكرة الجمعية، المحلية والوطنية، وبأنها احتضنت أجمل الاحتفالات بعيد الشباب، التي أحياها الراحل الملك الحسن الثاني في يوليوز 1994، وتختزن المشترك بين أهل الجديدة وزوارها، خاصة من المراكشيين، على فترات طويلة، فإنه رصد لها مبلغ 28 مليون درهم في إطار شراكة بين جماعة الجديدة والمجلس الإقليمي لتهيئتها وإعادة الاعتبار إليها. وشمل باقي المبلغ المرصود للتأهيل الطريق الإقليمية 3402 وإنارتها ودمجها في التنمية السياحية المنشودة، وتهيئة كورنيش وادي أم الربيع، انطلاقا من أسوار أزمور إلى المصب، والضفة اليمنى بسيدي علي بن حمدوش، والتأهيل الحضري لمداخل الجديدة، وإعادة تأهيل كورنيش الجديدة مولاي عبد الله والحوزية، وإعادة هيكلة حي الوطى بالغديرة، وتهيئة المساحات الخضراء بالجديدة، وتهيئة شارع النصر بها، وتهيئة الشبكة الطرقية بالجديدة ومولاي عبد الله، وتأهيل المجال الحضري بأزمور، وتأهيل المركز والسوق الأسبوعي لسبت أولاد احسين، وتجديد الإنارة بالجديدة وتأهيل الفضاءات التجارية بها بما في ذلك السوق المركزي. * مشاريع ب "مونطاج مالي" تشاركي ترسيخا للفعل التشاركي، فإن التركيبة المالية لمشاريع التأهيل والارتقاء التي سيعرفها إقليمالجديدة بين 2025 و2027، تفرض، من باب الموضوعية، الكشف عن قيمتها التي تبلغ 1150 مليون درهم، موزعة في إطار مساهمات على الشكل التالي: وزارة الداخلية ب 285 مليون درهم، ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ب 249 مليون درهم، والمجلس الجهوي للبيضاء سطات ب 211 مليون درهم، والمكتب الشريف للفوسفاط ب 120 مليون درهم، وجماعة الجديدة ب 65 مليون درهم، ووزارة التجهيز والماء ب 60 مليون درهم، وجماعة مولاي عبد الله ب 55 مليون درهم، والمجلس الإقليمي ب 49 مليون درهم، ووزارة التجارة والصناعة ب 30 مليون درهم، وجماعة الحوزية ب 25 مليون درهم، وجماعة أزمور بمليون درهم. وتبقى هذه المبالغ تقديرية ولن تكتسي صبغة مضبوطة إلا بعد تفويت كل الصفقات، وفي حال تجاوزها الكلفة المرصودة، تعهد كافة الشركاء بتعبئة اعتمادات مالية إضافية كل حسب نسبة مساهمته في تمويل برامج التأهيل والارتقاء سالفة الذكر، مع تحويل كل المساهمات المالية الإجمالية لحساب المجلس الإقليمي باعتباره "حامل ميزنة"، والذي يتولى انتداب "شركة التنمية المحلية الجديدة الكبرى" لإنجاز كل المشاريع المصادق عليها في الفترة بين 2025 و2027. * على سبيل الختم يعتبر المشرفون على البرنامج العام لإنجاز مشاريع التأهيل والتنمية والارتقاء الحضري للجماعات الترابية بإقليمالجديدة، أن محطات تنموية أخرى سيتم الإعلان عنها في إبانها، تستفيد منها جماعات ترابية أخرى، ترسيخا لمبدأ العدالة المجالية والقضاء على الفوارق بتراب الإقليم.