رغم عدم وجود أي تأكيد رسمي من السودان، تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي خبر زيارة مرتقبة للرئيس السوداني، عمر البشير، إلى المملكة يوم الثالث من شهر غشت القادم. وهو الخبر الذي استند إلى قصاصة صغيرة صاغتها إحدى المواقع الالكترونية السودانية ضعيفة المقروئية وغير واسعة الانتشار. ومع ذلك، فالمعطى غير الرسمي، الذي تشير مصادر سودانية مقيمة بالمغرب إلى أنه لم يلق اهتماما من لدن الجالية المقيمة بالمملكة نظرا لعدم رسميته، انتشر بشكل مكثف على مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من الصحف الورقية والالكترونية المغربية، وكانت القصاصة المؤلفة من سطرين اثنين فقط كافية لإثارة تنديد عدد من النشطاء الحقوقيين بالزيارة المحتملة. وتقول القصاصة ذاتها، وفقا لصحيفة سودانية تدعى "آخر لحظة": "من المنتظر أن يزور رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في الثالث من أغسطس المقبل دولة المغرب، وعلمت (آخر لحظة) أن ملك المغرب قد وافق على دعوة الرئيس البشير لزيارة الخرطوم، وكان البشير قد تلقى دعوة رسمية من ملك المغرب الملك محمد السادس لزيارة الرباط". السودان، التي تجمعها علاقة جيدة مع المغرب، سبق لها في 19 ماي الماضي أن وجهت دعوة رسمية إلى الملك محمد السادس، عبر المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية، الفريق علي عصمان طه، للقيام بزيارة إلى السودان؛ وهي الدعوة التي قبلها الملك الذي أشاد وقتها بجودة العلاقات المغربية -السودانية الثابتة وممتدة الجذور، وأكد عزمه تطوير هذه العلاقات "من خلال إضفاء دينامية أكبر على اللجان الوزارية المشتركة". وكان آخر موعد زار فيه عمر البشير المغرب هو دورة "كوب 22" الأممية بمراكش، في نونبر من العام الماضي، إلى جانب قادة وزعماء عدد من دول العالم؛ وهو الحضور الذي أثار جدلا واسعا بحكم أن الرئيس السوداني مطلوب للعدالة الدولية بتهم تتعلق بالحرب الدائرة ما بين عامي 2003 و2008 بدارفور، غربي السودان. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية بين عامي 2009 و2010 أمري اعتقال دوليين بحق البشير الذي تتهمه بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية خلال الصراع العرقي الدامي الذي اندلع في دارفور عام 2003. واتهامات مماثلة وجهت إلى وزير الدفاع آنذاك، عبد الرحيم محمد حسين، وإلى وزير الداخلية السابق، أحمد هارون، وزعيم ميليشيا ال"جنجويد"، علي قشيب، ولم يعتقل أي منهم بسبب رفض البشير تسليمهم. وترفض مجموعة من الدول الافريقية، التي يزورها البشير لحضور محافل ومناسبات دولية وإقليمية، طلب المحكمة الدولية بتسليمه، كما أن الخرطوم تأبى الاعتراف بالمحكمة، وتصفها بأنها "مسيسة وأداة استعمارية ضد القادة الأفارقة"، وتمكنت من استصدار قرار من الاتحاد الأفريقي، في قمة سرت 2010، يمنع الدول الأعضاء في الاتحاد من التعامل مع المحكمة. واستبق الناشط الحقوقي أحمد عصيد الزيارة المرتقبة للبشير بصياغته لموقف يطالب فيه من وصفها "الضمائر الحية بالمغرب" برفض الزيارة، و"أن تعتبرها انتكاسة للمغرب الذي يدعي احترام سيادة القانون ويناهض الفظائع التي ارتكبها هذا النظام العنصري السوداني في حق القبائل غير العربية في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق". وتابع عصيد، في مقالة دوّنها تعليقا على الخبر، بالقول: "بدل استقبال مجرم حرب هارب من العدالة الدولية، يجب على المغرب أن يكمل عضويته في المحكمة الجنائية الدولية ويصادق على قانون روما"، متسائلا: "أية رسالة يريد المغرب أن يرسلها للعالم: احتقار ضحايا نظام من أبشع الأنظمة في المنطقة؟ أم احتقار وتحدٍّ للقانون الدولي وللعدالة الدولة؟"، على حد تعبيره.