عادة ما يخيم الحزن والأسى في محيط المرأة عند انتهاء كل علاقة زوجية؛ لكن الأمر مختلف في الأقاليم الجنوبية، إذ تقيم المرأة الصحراوية حفلا بشروط محددة احتفاء بانفصالها عن زوجها. وتستقبل المطلقة في منزل أهلها بالزغاريد ونحر الإبل، إغاظة لزوجها السابق وحفظا لكرامتها وكرامة أهل القبيلة، إضافة إلى إشهار طلاقها للراغبين في طلب يدها من جديد. انتصار ونكاية "تعدد طلاقي هو انتصار وانتقام ونهاية للألم، لا يمكن أن أقبل برجل يخضعني لسلطته ورقابته"، تقول زغلانة في حديثها لهسبريس. وكشفت المتحدثة الصحراوية أنها تزوجت خمسة رجال، بعضهم أنهت معه حياتها الزوجية بسبب "التحكم" في حياتها، وآخرون رحلوا إلى دار البقاء، لتكمل حياتها في الغناء في الأعراس والمناسبات، لضمان قوت أبنائها. وعن تعدد طلاقها، تحكي: "تزوجت بالرجل الأول واستمر زواجنا خمس سنوات، كان قاسياً في التعامل معي.. ومن جهتي لا يمكن أن أقبل برجل يجعل مني دمية يتحكم فيها كيف ومتى يشاء، وهو الحال ذاته الذي حصل مع زواجي الثاني وزواجي الثالث"، وزادت "الاحتفال بالطلاق في ثقافتنا أمر لا بد منه، إعلانا عن نهاية فترة طويلة من المعاناة النفسية، وبداية حياة أخرى جديدة". "الاحتفال بعد الطلاق لدى المرأة الصحراوية يعبر عن تعويض نفسي، عن خطوة صعبة مرت منها في حياتها، وبأنها بالرغم من طلاقها تظل لها قيمة اعتبارية كبيرة في مجتمعها؛ وهو ما يجعلها مرغوبًا فيها للزواج من جديد"، توضح نكية أبو عيلة. وتضيف ابنة مدينة الداخلة: "الاحتفاء بالمرأة المطلقة، الذي تقيمه عائلتها أو الخطيب الجديد بعد مرور فترة العدة، بتقديم الحلويات والتمر والهدايا وتصل إلى نحر الإبل، حسب الظروف الاجتماعية لكل عائلة، تستقبلها عائلتها بالزغاريد وعبارات الثناء على ما تتمتع به من جمال، في حين يرون في الرجل الذي طلقها "تعيس حظ" وهم يرددون أهازيج وأغان شعبية تتنبأ للمطلقة برجل أكثر وسامة ومالا ومكانة اجتماعية".. إقبال على المطلقة بعد كل نهاية لحياة زوجية تعيسة، تنطلق حياة سعيدة لكل امرأة مطلقة، ويقبل عليها الخطاب بكثافة لأنها أصبحت أكثر نضجًا من الناحية الجسدية (الزواج الأول يكون غالبا في سن صغيرة)، وأكثر خبرة بالحياة العائلية، توضح نورة عبيدي رئيسة الجمعية المغربية لعلوم الأسرة والمستهلك. ويعتبر طلاق المرأة وزواجها من جديد لمرّتين أو ثلاث، تضيف عبيدي، من الأمور العادية جدًا في القبائل الصحراوية ولا تحط أبدًا من قيمة الأنثى؛ فيبقى مهرها دائمًا مرتفعًا، ويمكنها أكثر من ذلك أن تضع الشرط المعروف ب"لا سابقة ولا لاحقة"، بمعنى ألا تتزوج من رجل سبق له الزواج، وألا يتزوج عليها امرأة أخرى وإلا غادرت منزل الزوجية. وتضيف أن الرجل الصحراوي لا يتخذ أي موقف من المرأة المطلقة بالمرة، بل بالعكس تكون المرأة التي فشلت في تجربتها الأولى مرغوبا فيها؛ لأنها تعتبر أن لديها تجربة في الحياة الزوجية، عكس الفتاة البكر، كما أن الإقبال عليها يكون أكثر ومهرها يكون أغلى، مهما كان سنها ومهما كانت سنوات الزواج الذي قضتها مع الزوج الأول.