عندما يفكر أي شاب في الزواج وتكوين أسرة، فإنه يفكر منذ الوهلة الأولى في فتاة بكر وأصغر منه سنا. لكن هناك بعض الاستثناءات القليلة جدا، والتي يحاول من خلالها بعض الشبان التأكيد على أن الحب لا يعترف بفارق السن، ولا يكترث بتجربة الزواج السابق لمن اختارها شريكة حياته. «المساء» سألت مجموعة من الشباب لمعرفة رأيهم حول فكرة الارتباط بالمطلقة وحصلت على الشهادات التالية: عزيز جحا «طالب جامعي» : توفر الانسجام الكافي بين أي طرفين يجب أن يتوج بالزواج هناك نفور من فكرة زواج العازب من مطلقة، أو زواج الفتاة البكر من شاب مطلق. ولا أعتقد أن المجتمع منصف في هذه القضية، لأن حياة الإنسان لا تتوقف بعد مروره بتجربة زواج فاشلة، بل لا بد أن يحصل المطلق أو المرأة المطلقة على فرصة أخرى من أجل بناء حياة أسرية جديدة، شرط أن تكون هذه الأخيرة مبنية على أسس ومقومات الزواج الصحيح . وبالنسبة لي، أرى أن توفر الانسجام الكافي بين أي طرفين يجب أن يتوج بالزواج بغض النظر عن الحالة الاجتماعية لأي منهما، رغم ثقتي بأن هذا الزواج سوف يقابل بمضايقات وانتقادات كبيرة، لكن الراحة النفسية في بيت واحد هي الأهم. عماد دراني «عامل» : أفضل أن أكون الزوج الأول في حياة زوجتي الزواج تجربة تحتمل النجاح أو الفشل، الذي قد يتسبب فيه أحد الطرفين، أو طرف ثالث، أو الأهل، أو ظروف خارجة عن إرادة الطرفين. بالنسبة لي، لابد أن أعرف سبب هذا الطلاق أولا، فإن كان نتيجة ظروف خارجة عن إرادتها فلا بأس من الارتباط بها، وإلا فلن أقبل أن أكون ضحية لتجربتها لأنها سترغب لا محالة في تصفية حسابها مع الرجل عموما، وسأكون بالتالي كبش فداء، لذلك أفضل أن أكون الزوج الأول في حياة زوجتي. مجيد مغفول «مصور» : المطلقة مؤهلة أكثر من غيرها لتكوين أسرة ليس لدي مشكل في الزواج من مطلقة، لأنه لا فرق بين التي مرت بتجربة زواج وتلك التي لا تزال عذراء، خاصة وأن جل فتيات هذا الزمن أصبحت لهن تجارب في سن مبكرة. ومن وجهة نظري فالمطلقة تمتلك التجربة والنضج المطلوبين، وتكون مستعدة أكثر من غيرها للاستقرار وتكوين أسرة، كما أن تجربتها السابقة ستساعدها أكثر على تجنب الأخطاء التي وقعت فيها خلال زواجها الأول، وحتى لو كان لديها أطفال فلا مانع لدي من تربيتهم، المهم أن أكون سعيدا في حياتي معها. محسن الشرفي «نادل» : الزواج بمطلقة ليس عيبا أو فضيحة مجتمعنا المغربي لا يرحم المطلقة، ويرى أنها لا تصلح لأن تكون ربه بيت وأما صالحة للأطفال، بحجة أنها فشلت في علاقتها الزوجية السابقة، وبالتالي يعتبرها إنسانة فاشلة، ولهذا السبب تحديدا لا يمكن لأي أسرة أن تتقبل فكرة زواج أحد أبنائها بامرأة فاشلة. أعتقد أن المرأة المطلقة ليست مذنبة في كل الأحوال، وليست دائما السبب الرئيسي في فشل تجربتها مع زوجها الأول، فقد يكون الزوج السابق في كثير من الحالات هو المسؤول عن انهيار العلاقة الزوجية، وعليه فإن الزواج بالمطلقة ليس فضيحة أو عيبا، ولذلك لن أتردد في الارتباط بامرأة أرتضيها لنفسي زوجة فقط لأنها مطلقة. أيوب الناجي «صانع مفروشات» : لا أقبل أن أكون الرجل الثاني لشريكة حياتي لا أقبل إطلاقا أن أكون الرجل الثاني في حياة من أختارها لتكون شريكة حياتي، لأني أخاف أن أصبح ضحية ما عانته من ألم نفسي ناجم عن فشل تجربتها الأولى، حيث ستحاول تفادي أخطائها والتعامل معي بحذر، وكأنني نسخة طبق الأصل من زوجها السابق، وكلنا يعلم جيدا أن نفسية المرأة تتأثر بشكل كبير حينما تفشل في علاقتها الزوجية الأولى، فتتولد لديها الرغبة في الانتقام، ولذلك يكون زواجها الثاني في الغالب نابعا من رغبتها في التخلص من نظرات الأهل والأقارب، والتخلص من صفة مطلقة . وحيد احميمصة «طالب جامعي» : لا يهمني ماضي من أختارها زوجة لي إذا كنت مرتبطا عاطفيا بالمرأة التي أنوي الزواج منها فلا يهمني إن كانت مطلقة أم لا، وسأتزوجها بغض النظر عن ماضيها، وسأعتبر الأمر قدرا كتب عليها، وكما يمكن للرجل أن يفشل في علاقته الزوجية فكذلك الأمر بالنسبة للمرأة، وما ذنبها إذا لم توفق في اختيار الشريك في أول تجربة لها. لذلك سأتزوجها ولن أكترث لمعارضة عائلتي التي لن تقبل امرأة مطلقة كزوجة لي . رأي علم الاجتماع : المجتمع المغربي يعتبر الزواج بمطلقة شذوذا وخروجا عن المألوف عزوف الشبان المغاربة عن الزواج من المرأة المطلقة راجع إلى عوامل ثقافية، وكل مجتمع يحتكم في عاداته ومعاملاته وطبيعة علاقة أفراده إلى طبيعة الثقافة التي تحكم هذا المجتمع وتميزه، بحيث تطبع تصرفاتهم، وتحدد اختياراتهم، وتوجه مواقفهم في غالب الأحوال. وزواج الشبان المغاربة من المطلقة نادر وقليل ومعظمه –إذا وجد- يعود إلى أسباب نفسية أو اجتماعية اقتصادية، حيث ترسخ في ثقافة المجتمع المغربي أن القاعدة في الزواج هي الزواج من البكر العذراء التي لم يطمثها زوج من قبل، لما في ذلك من إثبات لفحولة الرجل عبر افتضاض البكارة، أما ماعداه من أنواع الزواج الأخرى فهو شذوذ وخروج عن القاعدة والمألوف، ومما زاد من تكريس هذا الفهم ما نلحظه في بعض الطقوس التي تسبق الزفاف أو تصاحبه أو تعقبه، ويمكن الوقوف بكيفية موجزة على يوم الدخلة التي تلجأ فيه النساء في بعض المناطق إلى الاحتفال والرقص والغناء على سروال العروس الملطخ بدم البكارة، مع إشهاره ومدح العروس والتشفي في الخصوم والأعداء...وهذا ما يزيد في تكريس ثقافة إعطاء الأولوية الاجتماعية في الزواج للبكر على المطلقة. كما أن صورة المرأة المطلقة التي تكرسها ثقافة مجتمعنا تميل إلى السلبية. فهي في نظر الغالبية عنصر ناقص لأنها من لم تستطع الحفاظ على علاقاتها الزوجية السابقة، والعيب في الغالب يتسلط عليها، كما أن الزوجات يتجنبنها ولا يستطعن الاطمئنان لوجودها في بيوتهن مخافة أن تسطو على الزوج، وفي الغالب تكون محط الشكوك والإشاعات والأقاويل السيئة، وكل هذا يؤسس رؤية سلبية تجاه المرأة المطلقة، فينفر منها أغلب الشبان والرجال.