على بعد ساعات من مدينة مراكش، بإمكان زائرها مشاهدة أحد أكثر المناظر الطبيعة جمالا، إنها سلسلة جبال الأطلس الكبير؛ فهذا جبل توبقال الذي كسب شهرته العالمية، وهذه شلالات ستي فاظمة، وعلى طرف آخر تقبع جماعة أربعاء تغدوين، ذات الطبيعة الجبلية، والتي تحتوي مناطق خلابة، يعرفها مغاربة وسط المغرب بعين سيدي وافي، أو "العوينة". فماذا يخفي هذا الجمال الطبيعي؟ وما هي المشاكل التي يعاني منها سكان المنطقة؟ وكيف السبيل لتنميتها سياحيا لتوفير فرص شغل لشباب تغدوين وما جاورها؟...من أجل الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، قطعت هسبريس ما يقارب 64 كيلومترا، لزيارة الجماعة، وملاقاة بعض سكانها وزوارها، والمسؤولين عن شأنها المحلي. الماء والخضرة والبحيرات بالسير انطلاقا من مدينة مراكش في اتجاه ورزازات عبر الطريق الوطنية، وبعد قطع 40 كيلومترا، تجد مفترق طرق "إمينا لرك"، لتنعرج يمينا، حيث تلوح في الأفق جبال أيت إنزال، ونهر الزات تؤثثه أشجار الزيتون وحقول لزراعة الخضراوات؛ ما يشجع سكان بهجة الجنوب والسائح الداخلي على زيارتها. "لا يعرف الناس من هذه المنطقة سوى "عين سيدي وافي"، وما خفي أجمل"، يقول حميد شكور، عن جمعية "تيزي نلايلات" التي تعنى بالتنمية السياحية، مضيفا: "يعج هذا المجال الجغرافي بمناظر طبيعية خلابة، لم تكتشفها بعد عين السائح، مثل منتجع "يكور"، حيث النقوش الصخرية التي تحكي تاريخ الأمازيغ، ومنبع وادي الزات الذي يقطع مسافات ليصب في نهر تانسيفت، وجبل "ملتسين" (3600) الذي يعد ثاني مرتفع بعد توبقال". "بهذه المنطقة أيضا رأسمال مادي ولامادي، منه مواقع إيكولوجية عبارة عن بحيرات مائية، "كإفراون وياكور"، وجبل "أوركوس" بدوار أيت وكسان، الذي يتغير لونه حسب فصول السنة، وتنتشر به زراعة المدرجات، إضافة إلى وحدات صناعية لإنتاج الفخار، بدوار "تلتاست""، يورد الفاعل الجمعوي سابق الذكر. "حنا عائلة من كازا، راجلي من دمنات، أول مرة جيت للعوينة، عجباتني بزاف"، هكذا أجابت سيدة من الدارالبيضاء، صادفتها هسبريس لدى أحد تجار المنطقة، مستدركة بأن "الطريق الضيق والمتردي الوضعية لا يساعد على تكرار الزيارة، لأنه لا يسمح بمرور سيارتين، ما قد يعرضه أي سيارة للانقلاب"، على حد قول القادمة من العاصمة الاقتصادية. جمعويون يطالبون بالتأهيل "نتوفر على رأسمال لامادي وجمال الطبيعة الخلاب، ومنطقتنا مازالت تنتظر وصول قطار التنمية، لإنقاذ البلاد والعباد والقضاء على الفقر والعوز اللذين يعاني منهما سكان الجماعة، لأنها خارج تفكير من يهندسون لمخططات التنمية في هذا الوطن"، هكذا قال محمد أيت عيسى، الفاعل الجمعوي والحقوقي، خلال لقاء لهسبريس بمجموعة من السكان والفاعلين الجمعويين. "أكبر مشكل يعاني منه سكان الجماعة أنهم يوجدون في ضفة، والخدمات في ضفة أخرى، والقنطرة التي تعرضت للهدم منذ زمان، بسبب فيضانات وادي الزات، هي المنفذ الوحيد لعبور أهل المداشر، وكذا السائح الذي يريد زيارة عين سيدي وافي، وغيرها من المناظر الخلابة بأيت إينزال الجبل والزات السفلى والعليا"، يزيد المصدر ذاته. وعبر الفاعل الجمعوي عن أسفه لافتقار المنطقة إلى البنية التحتية التي تساعد على جعل الجماعة القروية تغدوين مقصدا سياحيا، وزاد: "الزائر يلمس للوهلة الأولى واقعا مريرا نعاني منه، فالمسالك مهترئة وغير معبّدة، والمركز الصحي لا يوفر أدنى الخدمات، ما يزيد من معاناة الساكنة، أضف إلى ذلك غياب ثانوية تأهيلية بالمنطقة، ما يجبر التلاميذ على قطع مسافة 30 كيلومترا تقريبا إلى توامة أو أيتاورير". المجلس القروي يبرمج أحمد أبرجي، رئيس جماعة تغدوين، أوضح في تصريح لهسبريس أن المجلس الجماعي يبذل كل ما في وسعه للنهوض بتنمية منطقة 90% من مجالها الترابي جبلي، لوعيه بالرأسمال المادي واللامادي التي تحتويه؛ "فالقنطرة مثلا برمج إصلاحها بغلاف مالي يقدر ب11 ميلون درهم، ساهمت فيه الجماعة بنسبة 74%، 7) ملايين) وعمالة إقليمالحوز ب26 % (4 ملايين ونصف)"، مضيفا: "أظفرتها ستفتح خلال شهر غشت المقبل، وسنفك العزلة عن عدة دواوير، وعين سيدي وافي، ومنبع وادي الزات، وجبل يكور". وأضاف المسؤول ذاته أن "طريق جماعة تغدوين جد خطيرة لضيقها انطلاقا من مفترق الطرق "إمين أرك"، على الطريق الوطنية 9"، مؤكدا أن تقويتها وتوسعتها تم الشروع فيه، "ما سيجعل الوصول إلى المنتجع، الذي يشكل مقصدا لعشاق السياحة الجبلية، سهلا وممتعا، لما يحتويه محيطها من مناظر خلابة، حيث خرير مياه النهر والأشجار الباسقات". "أما الطرق الداخلية فهي الأخرى يعمل المجلس الجماعي على إصلاحها"، يورد الرئيس ذاته، وزاد أن "طريق الزات السفلى، التي يبلغ طولها 22 كيلومترا، خصص لها غلاف مالي يقدر ب50 مليون درهم، وينتظر الانتهاء من إصلاحها خلال شهر؛ أما طريق الزات العليا، التي أنجزت منها الجماعة سابقا 6 كيلومترات بإمكانياتها الخاصة، فقد خصصت لها أخيرا عمالة الإقليم 25 مليون درهم؛ فيما ستتكلف الجماعة بإنجاز دراستها"، على حد قوله. أما مصطفى جادر، المكلف بالمراكز الصحية بإقليمالحوز، فأوضح أن الصحة بتغدوين بألف خير مقارنة مع جماعات أخرى مجاورة، كأيت حكيم ذات 20 ألف نسمة، والتي تتوفر على ممرض واحد، "لأن المركز يتوفر على طبيبة وحارسة عامة ومولدتين وممرضين"، مطالبا الحكومة بالرفع من ميزانية وزارة الصحة، "التي تبذل مجهودها بخصوص الموارد البشرية"، على حد قوله.