"ينقلون مرضاهم وموتاهم سواسية فوق النعوش"، يقطعون طريقا خطه واد الزات، الذي يحرمهم منه لحظة هيجانه وارتفاع منسوبه، لتنقطع سبل العودة على من قصد مركز جماعة تغدوين للتسوق، ومنهم من يقضي عيدا من الأعياد في ضفة وأسرته في الضفة الأخرى، هذه إحدى صور معاناة سكان دواوير الزات العليا، التي تعيش عزلة بسبب غياب القناطر والطريق. تحالف لئيم دواوير الزات العليا بجماعة تغدوين التابعة لإقليمالحوز كأسكا وتلوين وتنكن وتمجيب وزروون وتغزيرت، التي تقع على بعد 23 كيلومترا من مركز جماعة تغدوين، تعاني كذلك من ارتفاع أسعار المواد الغذائية (100 درهم لقنينة غاز)، بدون أن تتخذ الحكومة أي قرار بهذا الخصوص؛ لكن ساكنة هذه المنطقة تتحالف عليها قساوة الطبيعة وقلة ذات اليد، فنقل البضائع بالمركبات لا يتجاوز الكيلومتر 13، لتقوم البغال(70 درهما للطن) بهذه المهمة في ممرات ومنحدرات ضيفة، طولها 10 كيلومترات مشيا على الأقدام والخطر يتربص بهم. العزلة التامة التي تعيشها الدواوير سابقة الذكر مرجعها أن هذا المجال الجبلي تغيب به المسالك الطرقية، أو يعاني من سوء وضعية ما أنجز منها، وغياب القناطر على طول الواد الذي يفصلهم عن مركز المنطقة، الذي يقصدونه لقضاء كل حاجياتهم المعيشية وأغراضهم والإدارية، خلاصة استقتها هسبريس من بعض السكان والفاعلين الجمعويين بالمنطقة. "انفكو" الأطلس الكبير مصطفى خرازي، من كونفدرالية أدار تدرن لجمعيات تغدوين، شبه هذه المنطقة التي توجد بجبال الأطلس الكبير بمرتفعات أنفكو بالأطلس المتوسط؛ ف"المعاناة نفسها تتكرر في كل الدواوير الموجودة على مرتفعات هذه الجبال، بسبب غياب مسالك تيسر تنقل السكان، ما يجعلهم يقطعون مسافة 10 كيلومترات في 24 ساعة، يواجهون خلالها الخطر وهو يسلكون طريق واد الزات، قاصدين مركز الجماعة حيث السوق والإدارات والمركز الصحي". فتح القنطرة المؤدية إلى دوار "اكيس" يجب التسريع به، بالنسبة إلى خرازي، وإخراجها إلى حيز الوجود، لفك العزلة عن الدوار، مشيرا إلى أن "منطقة امركن وتغزيرت تحتاج إلى أكثر من ثلاثة قناطر، لتيسير تنقل الأشخاص والبضائع"، يقول هذا الناشط الجمعوي لهسبريس. الهدر المدرسي خالد بنشهيد، فاعل جمعوي بالجماعة ذاتها، أوضح، في تصريح لهسبريس، أن فك العزلة عن هذه المنطقة أصبح ضروريا؛ لأن القاطنين بها يعانون كبارا وصغارا. وأضاف المتحدث أن "غياب الطريق بهذا المجال الجبلي يشكل عائقا أمام متابعة التلاميذ لمسارهم الدراسي، كما يشكل معضلة حين يصاب أحد الساكنة بمرض مفاجئ أو لحظة تعرض كبار السن لوعكة صحية، حينها يعاني من يقطن بين أمركن وتغزيرت الأمرين؛ فالمواصلات مقطوعة لإخبار السلطة الإقليمية، ما يدفع الشباب إلى التشمير عن ساعدهم بحمل المرضى كما يحمل الراحلون عن حياتنا". غياب الطريق والوضيعة المتردية لبعض المسالك يعاني منه كذلك الأطفال المتمدرسون؛ فثلاث مدارس توجد بكل من تغزيرت زروون وتاليوين، مضيفا أن أطفال دوار تمجيت يتنقلون سيرا للدراسة إلى زروون وأطفال تنييكن يتنقلون إلى تالوين، مواجهين كل المخاطر. حلمي أحمد أبرجي، رئيس جماعة تغدوين، قال لهسبريس بنبرة متفائلة: "حملي أن نعقد دورة للمجلس الجماعي بدوار تغزيرت"، مؤكدا أن "هذه الطريق تم إدراج تعبيدها في برنامج سداسي انطلق من سنة 2017 وسيمتد إلى سنة 2022، وخصصنا لها 250000000 درهم"، مشيرا إلى أن عامل إقليمالحوز وعد بالبحث عن مصدر لتمويل إنجاز هذه المقطع الطرقي. وأورد الرئيس ذاته: "ندبر مجالا جبليا تختلف أولوياته من مشيخة إلى أخرى"، لذا فإن البرنامج سابق الذكر أخذ بعين الاعتبار مسالك عدة بكامل تراب الجماعة، كتوسيع وإصلاح مسلك مسطور تزكلة وتصورت أيت جودار على سبيل المثال لا الحصر، وكذا مسلك من دوار امركن إلى أسك ا(أربعة كليومترات)، مضيفا أن المجلس الجماعي برمج عدة قناطر لفك العزلة عن السكان وتنقل البضائع. لكن الفاعل الجمعوي مصطفى خرازي الذي يترافع عن منطقة الزات العليا وغيرها طالب كل من السلطة الإقليمية والمنتخبة ب"التعجيل بفتح هذا المقطع الذي يربط بين دوار امرگن وتغزيرت، مشيرا إلى أن طوله لا يتعدى 10 كيلومترات، وأن سكان الزال العليا عانوا طويلا، وآن الأوان لرفع الضرر عنهم، بفتح مسلك بجودة عالية، في انتظار توفير الغلاف المالي لتعبيده، فأهل المنطقة نفد صبرهم ولم يعودوا قادرين على انتظار 2022".