مع كل فصل شتاء تتجدد معاناة سكان دواوير عدة بجبال الأطلس الكبير بإقليمالحوز، بعد هبوب موجة برد قارس وتساقطات ثلجية كثيفة، تجعل هذه المداشر في عزلة عن العالم الخارجي، من مراكز قروية أو حضرية، ما يزيد من محنتها في ظل ما تعيشه من تهميش وإقصاء اجتماعي، باعتبارها جزء من المغرب المنسي. ويواجه سكان الجبل بكل من أوكايمدن وإمليل وستي فاطمة وتغدوين ورزقطن وغيرها من الجماعات، إثر هذه التساقطات الثلجية المهمة، والانخفاض الشديد في درجات الحرارة، وغياب وسائل التدفئة العصرية، ومنعهم من البحث عن الحصب بالغابات المجاورة، صعوبات جمة في تدفئة أجسادهم وحمايتها من الموت. معاناة وفرح وفي ظل هذا الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، يعاني سكان الدواوير التي توجد في عمق الجبال، من انقطاعها عن العالم الخارجي، ففي منطقة تيمنكار بجماعة ستي فاظمة، يشكو كل من دوار "اكركار" و"أنفكاين"، أما في منطقة ايت غدو أو ما يصطلح عليه باعباسن، فإن 15 دوارا تواجه الصقيع وهي تعاني الهشاشة الاجتماعية، كأكرض نورتان، والميتر وتيمكيست وتيميشي وأمنزال وتماترت. التساقطات الثلجية تحول حياة الدواوير السابق ذكرها، إلى جحيم لا يطاق حيث تفرض العزلة نفسها، على سكان فقراء يعانون من التهميش، ما يجعل 11 دوارا بهذا المجال الجبلي، في أمس الحاجة إلى المساعدات، التي يتعذر إيصالها بسبب غياب الطريق، بحسب تصريحات متطابقة لفاعلين جمعويين طالبوا عبر هسبريس، لجنة اليقظة بإقليمالحوز، بإبداع طرق تمكن القاطنين بعمق الجبل مما هم في أمس الحاجة إليه، وفق تعبيرهم. وإذا كان هذا هو حال بعض مداشير جماعة ستي فاظمة، فإن حميد شكور من جماعة تغدوين، قال لهسبريس، "رغم قلة الامطار التي عرفتها منطقة ايت وكسان ولحسن حظ الفلاحين ومحبي الطبيعة، فإن الثلوج كانت في الموعد، لتكسو قمة جبل "اوركوس" بأيت "وكسان" بحلة بيضاء جعلتها كالعروس، إلى جانت التساقطات المطرية، التي أحييت الأمل لدى مجموعة من العائلات، خاصة المعوزة نظرا لغياب أي وسائل أخرى تضمن مدخول قار، يحجب حقيقة الوضعية الاقتصادية المزرية، لأن الفلاحية المعيشية هي النشاط الرئيسي، الذي تزاوله نسبة مهمة من سكان المنطقة، على حد قوله. لجنة اليقظة تتحرك ولمواجهة موجة البرد والصقيع احتضن مقر باشوية مدينة تحناوت، أخيرا لقاء تواصليا لوضع اللمات الأخيرة بخصوص الإجراءات الاحترازية المتخذة من أجل مواجهة ذلك، ودعم الأسر المتضررة، بتنسيق مع المؤسسات المنتخبة، حيث استنفرت السلطات الإقليمية بعمالة الحوز جميع أجهزتها، للرفع من مستوى يقظتها والتعبئة الشاملة خوفا من وقوع خسائر بشرية بسبب الفيضانات، التي يشهدها الإقليم بسبب التساقطات المطرية والثلجية. وفي هذا السياق انتقل أمس السبت، العامل عمر التويمي رفقة فريق مكون من ممثلي السلطة المحلية، ومؤسسة محمد الخامس للتضامن والدرك الملكي والوقاية المدنية، إلى منطقة "اميركن" بمشيخة الزات بجماعة تغدوين، للإشراف على عملية توزيع مساعدات غذائية على الساكنة المحلية. وقامت السلطات الإقليمية، بتنسيق مع السلطات المحلية، بتوزيع أطنان من حطب التدفئة على مؤسسات تعليمية، توجد بمناطق جبلية نائية، وذلك بسبب موجة البرد الحادة التي تعرفها المنطقة، وفق قول مصدر من لجنة اليقظة طلب من هسبريس عدم الكشف عن هويته، مشيرا إلى أن هذه العملية ستشمل جميع المؤسسات التعليمية الواقعة بالمناطق المتضررة بفعل موجة البرد القارس، وأن قوافل اجتماعية موجهة لفائدة ساكنة الدواوير القروية النائية، التي تحاصرها الثلوج، ستنظم من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن، لدعم الأسر الفقيرة التي ستفيد من مواد غذائية وأفرشة وأغطية جديدة"، وفق تعبيره. التنمية الشمولية والمقاربة الاحسانية محمد أيت عيسى، الفاعل الجمعوي والحقوقي، عبر لهسبريس عن رفضه لما وصفه" بالمقاربة الاحسانية القائمة على تقديم المساعدات للدواوير بين حين وآخر"، وبعدها" يتركون يواجهون مصيرهم لوحدهم"، مطالبا "الجهات المسؤولة بالتدخل بتحسين المسالك المؤدية إلى الزات وإلى ايت انزال الجبل وإصلاح الطرق، وبناء القناطر، ما سيساعد على فك العزلة عن دواوير عدة، هي في غنى عن مسكنات لا تسمن ولا تغني من جوع"، مضيفا أن" المنطقة في حاجة ماسة لفتح المستوصفات المغلقة منذ مدة رغم أهميتها، وفتح مسلك "تغزيرت"، بحسب تعبيره. كل ما تحتاجه المنطقة، يورد أيت عيسى، هو "تنمية شاملة تستثمر المعطيات والامكانيات الطبيعية التي تميز المنطقة، كتحسين قطيع المواشي خاصة المعز، والأعشاب وأشجار الجوز وغيرها، مما يحتاج إلى تقوية البنية التحتية، لتحويلها إلى مشاريع مدرة للدخل، من خلال شبه تصنيعها، ما سيوفر فرص الشغل، ويغني السكان عن المقاربة الاحسانية"، مطالبا ب"فتح المستوصفات المغلقة ناهيك عن المعاناة التي يشكو منها ساكنة ايت انزال لوطا". أما حسن أوسكتك من جماعة أوكايمدن، فقد أوضح لهسبريس، أن الحالة مستقرة بدوار "اوسرتك"، الذي يوجد وراء محطة التزحلق الدولية، والأمر نفسه أكده عمر أديف من جماعة سكساوة التي توجد في عمق جبال الأطلس الكبير بإقليمشيشاوة. يذكر أن التساقطات الثلجية التي شهدتها مناطق عدة بإقليمالحوز، جعلت جبال"اوكيمدن" تسجل تساقطات قياسية، ما تسبب في انقطاع الطريق الرابطة بين المحطة السياحية وأوريكة، لكن تدخل لجنة اليقظة عبر مصالج وزارة الجهيز التي وفرت كاسحات لإزاحة الثلوج، مكن من إعادة حركة السير إلى طبيعتها. وكانت الطريق رقم 9 الرابطة بين إقليمالحوز وورزازات، قد أغلقت صباح أمس السبت، بسبب الكمية الكبيرة من الثلوج التي تساقطت بجماعة زرقطن وخصوصا بمنطقة جبل تيشكا، لكن تدخل مصالح كل من مديرية التجهيز بالإقليمين المذكورين مكن من فتحها، وفق تصريح الجيلالي شيتا، المدير الإقليمي لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك بإقليمالحوز لهسبريس.