عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر" ،قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وفي الباب عن أبي أمامة أخرجه أحمد في مسنده ، وابن ماجه والطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان وعزاه المنذري في الترغيب إلى ابن ماجه وقال إسناده صحيح ، وفي الباب أيضا عن أبي عبد الله طارق بن شهاب البجلي الأحمسي : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع رجله في الغرز أي الجهاد أفضل قال : "كلمة حق عند سلطان جائر" ، رواه النسائي ، قال المنذري في الترغيب : إسناده صحيح. كلمة "إرحل" التي رفعتها الشعوب في وجه الطغاة العرب الذين سرقوا أموالها وباعوا خيراتها، وأذلوها أمام أعدائها، هي اليوم من أعظم الجهاد، وسيكون لها ما بعدها، هذه الشعوب التي خذلتها المعارضة الرسمية، وخذلها علماء السلطان الذين يقولون كلمة باطل عند سلطان جائر، فيباركون عبثه بثروات الأمة ويزيّنون له سياساته الهوجاء، هذه الشعوب اليوم تكتب التاريخ بدمائها مصداقا لقوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر). كلمة " الشعب يريد ..." التي تعبر عن إرادة لطالما صادرها الطغاة بالتزوير والاحتقار، وحرموا هذه الشعوب من حقها في اختيار من يحكمها وبم يحكمها، ها هي ذي ترفع مدوية في وجوههم تدمّر كل جبار عنيد، وتفتح للأمة بابا من الأمل عتيد، إنها كلمة حق عند من كان لا يعرف للعدل ذوقا، ولسان حاله يقول : "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"، شعاره " الحاكم يريد...والشعب يطيع"! فلما استنصرت الشعوب ربها جاء النصر من عند الله، مصداقا لقوله تعالى : )وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ(. ها هو ذا الطاغية "مبارك" لا بارك الله فيه ونجليه وبطانته الفاسدة، يقفون في قفص الاتهام مصفدين كما تصفد مردة الشياطين في هذا الشهر العظيم،ينظرون من طرف خفي، وينتظرون كلمة الشعب فيهم، وقد كانوا بالأمس القريب يضعون في تلك الأقفاص كل من يعارضهم بحق أو بباطل من أبناء هذا الشعب المغلوبين على أمرهم، بل لم يستحيوا أن يضعوا شعبا بكامله في "غزّة" في قفص من حديد، يمنعون عنه الغذاء والدواء إرضاء لسادتهم في تل أبيب وفي البيت الأبيض، ظنا منهم أن الكون يسير بأمر هؤلاء، ( نسوا الله فنسيهم)، فليدعوا آلهتهم في البيت الأبيض لينقذوهم من الذل والهوان الذي نزل بساحتهم بعد أن أحاطت بهم خطيئاتهم ودعوات المظلومين التي ليس بينها وبين الله حجاب! اللهمّ لا شماتة. ولن يكون مصير الجنرال بنعلي وآله الذين كانوا أول الفارّيين من تسونامي "إرحل"، ولا الأخ القائد معمّر الذي لم يكن في مشيته ينظر إلى الأرض تكبرا وتعاظما واحتقارا للناس، فإذا به وسيفه مستخفين كالجردان تحت الأرض، ولا علي عبد الله صالح الذي اسودّ وجهه في الدنيا قبل يوم القيامة، لن يكون مصير هؤلاء أولى من مصير فرعون مصر وعصابته المصفدين، يكفيهم اليوم الخوف الذي يحيط بهم وهم يرون كبيرهم يواجه مصير المحاكمة والعقاب الدنيوي: (ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) .بل يكفيهم أنهم طردوا من رغد العيش والسلطة والخدم والأبهة التي كانت عليهم، قال تعالى : (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ). أما "بشار" سوريا الذي أطلق أيدي حزب البعث يعبث بأرواح الشعب، ويهلك الحرث والنسل،فهو يسير على خطى والده المجرم الذي أحرق "حماة" في مطلع الثمانينات، لكن "حماة" هذه ستحرق نظامه الطائفي، وسيقدم للمحاسبة على جرائمه النكرء،(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون). ليست الأمة اليوم في حاجة لعلماء يفتونها في حكم جواز "نكاح الجثث" من عدمه، أو "جماع الدمى البلاستيكية"، أو عن حكم ممارسة " الجنس الفموي"، لكنها بحاجة لمن يفتيها في حكم الركوع لغير الله، وفي حكم بيع ممتلكات الشعب للأجنبي، وفي حكم تزوير الانتخابات، ، وفي حكم استعمال الفن لإفساد الأخلاق، وفي حكم غض الطرف من طرف السلطات عن العبث بحرمة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، حيث أضحى الشارع المحاذي له يسمى "شارع الحب" لكثرة العشاق المتلاصقين فيه أمام المارة دون حياء أو احترام لقداسة المكان!! الأمة اليوم في حاجة لفتاوى تتعلق بحكم قمع التظاهرات السلمية، وحكم قمع الأئمة المطالبين بالحد الأدنى من الكرامة ليقوموا بواجبهم في التصدي للتطرف الديني والإرهاب باسم الجهاد، وحكم إتلاف المال في المهرجانات الماجنة واستقدام نجوم الزنا والشذوذ الجنسي ليتخذهم الشباب مثلا عليا، وحكم الدعوة للإفطار العلني في رمضان، وحكم فرنسة الإدارة وإضعاف اللغة العربية...