من كافة الأعمار والمستويات الاجتماعية اجتمعن، وبعيدا عن وسائل الإعلام عملن، وبمجهود شخصي استطعن في غضون سنوات قليلة، رسم بسمة أمل على شفاه مئات الأطفال والعجزة والأرامل من اللاجئين السوريين والفلسطينيين، وكذلك من المواطنين اللبنانيين. إنهن أكثر من ثلاثين سيّدة لبنانية مسلمات ومسيحيات، اتحدّن مع بعضهن وقررن الوقوف بوجه كل المصاعب لإزالتها قدر المستطاع وتحدّي الفقر الذي يطبق على محتاجين يقيمون في عدد من القرى في البقاع اللبناني، شرقي البلاد. السيدات الثلاثين تعرفت على بعضهن قبل سنوات بالصدفة عبر "الفيسبوك"، واندمجن في العمل الخيري لمساعدة المحتاجين طوال العام وخاصة في شهر رمضان، بعيدا عن أي منظمات أو جمعيات، أو حتى إعلام، باعتبار أن هدفهن الأساسي "المساعدة" وليس "التباهي". اندماج كان هدفه سدّ ما يرونه "تقصير الدولة اللبنانية ووزاراتها المعنية والجمعيات الخيرية فيها"، تجاه المحتاجين من لبنانيين وغير لبنانيين سواء لاجئين سوريين أو فلسطينيين، حيث دشن مبادرة لمساعدة هؤلاء بعيدا عن أي إطار رسمي أو تنظيمي. وبحسب القائمات على المبادرة، فإن أكثر من 100 عائلة تستفيد من المساعدات التي تجمعها السيدات على مدار العام، وخلال شهر رمضان المبارك تصل المساعدات إلى أكثر من العدد المذكور بكثير. فعلى مدار الشهر الكريم تحديدا، تجتمع النسوة في منزل إحداهن كل يوم، ويقمن بتحضير الأطعمة والسلطات والحلويات، ثم يقمن بتوزيعه على عائلات نازحة من سوريا وغيرها، إلى جانب العائلات اللبنانية. هنادي المعلم، سيدة لبنانية عادت من سويسرا حيث أمضت هناك سنوات طويلة مع عائلتها، إلى لبنان وتحديداً إلى قريتها "قبّ الياس" في البقاع اللبناني، وتعرّفت على سيدة ناشطة تُدعى يسرا مجذوب، كانت تقوم بأعمال خيرية في محافظة البقاع والجميع يسمع بها وبأعمالها. وفي حديث مع "الآناضول" قالت هنادي: "لم أكن أعلم أن هناك حالات فقر شديدة في القرى البقاعية ولكن بعد تواصل مع يسرا تشجعت على المساعدة وكنا نزور بيوت المحتاجين من كافة الأديان في جميع المناسبات، ومع الوقت طوّرنا جهودنا وأصبحنا كل أسبوع (في غير رمضان) نجتمع كنساء من البلدة ونذهب لتوزيع المعونات وتقديم المساعدات العينية والطبية". وفي رمضان، تقوم يسرا مجذوب، وبعض المتطوعات معها، بزيارة كل مخيّمات اللاجئين ومنازل الفقراء لتوزيع حصص غذائية قبل حلول الإفطار، بجهد جبار لا يقوى عليه الرجال. وفي هذا الصدد، قالت يسرا مجذوب، في حديثها مع الأناضول، إنها لا تثق "بإعطاء أي مبلغ أو تبرع لجمعية أو شيخ أو غيره، بل هي من تشرف على كل شيء وهي من تزور العائلات وتسلمهم الأمانات بنفسها كي تطمئن إلى أين عمل الخير ذاهب، لا سيما مع كثرة السرقات واستغلال البعض لأعمال الخير في تمويل جيوبهم، بدلا من مساعدة الآخرين". وأضافت: "ما أقوم به جهداً فردياً خاصاً بدأته في بلدتي قبل اندلاع الأزمة السورية في العام 2011 وتطوّر بعد ذلك، وتعرفت لاحقاً على هنادي ومن ثم توسع نشاطنا مع عدد من السيدات ولكل واحدة منا دورها الفردي وجهدها الخاص".