"ما لنا غيرك يا ألله" ترددت هذه الكلمات كثيرا على مسامعنا في الشهور الأخيرة،،، يا ترى ما السبب في ترديدها والتأكيد عليها في كل مكان وفي كل آونة!!! هل تُرك الشعب السوري فعلا لوحده لم يدعمه أحد؟ أم من المقصود من هذا النداء والاستغاثة؟ في جولة حول ألمانيا حاولنا رصد دعم الشعب السوري من الشعوب والمؤسسات العربية خصوصا، لنقف على هوية المساعدات التي يقوم بها هؤلاء!!. وجاءت جولتنا لألمانيا تحديدا بحكم إقامتي بها،، فقد كان لنا لقاء مع مؤسسة الإغاثة الإسلامية في المانيا Islamic Relief Deutschland، لنتعرف عن مشاريعها لإغاثة الشعب السوري، وقد أكدت المؤسسة على صعوبة تقديم العون للأهالي بداخل سوريا، فيما تقوم بمشاريع متعددة خارج الأراضي السورية وتحديدا في لبنان والأردن، حيث لم يتغير الوضع كثيرا في لبنان منذ مايو 2011م فيما يتعلق بنزوح السوريين عن ديارهم، وربما المستجد في الأمر وفقا لإحصائيات مفوضية الأمم المتحددة لشؤون اللاجئين UNHCR، هو أن أكثر من 50٪ من النازحين قاصرين لم يتجاوزوا سن 18 وغالبيتهم من الإناث والأطفال. وتقوم الإغاثة الإسلامية بجانب منظمات غير حكومية أخرى في لبنان بتقديم المساعدة للنازحين السوريين والذين وصل عددهم وفقا لاحدث الارقام الصادرة عن المفوضية UNHCR: 27.000 نازح: 60% في محافظة شمال لبنان، 35% في وادي البقاع، وتبقى نسبة 5% في بيروت ونواحيها. ويعتمد هؤلاء اللاجئين اعتمادا كبيرا على المساعدات الإنسانية لانهم لا يحملون تصاريح تمكنهم من التنقل بحرية وحق العمل داخل لبنان. واصلت الإغاثة الإسلامية فرع لبنان IRL جهودها لتقديم الدعم والمساعدة للنازحين السوريين في مشروع يتضمن طرود غذائية، حليب وحفاظات للأطفال، مفارش وبطانيات، شموع ومستلزمات نظافة ومستلزمات المواليد الجدد والأسرة، والملابس ومستلزمات المطبخ ويستفيد من المشروع من 600 إلى 700 عائلة نازحة، فيكل من وادي خالد شمال لبنان والبقاع وطرابلس القبة وصيدا ومناطق أخرى في جنوب لبنان. أما بالنسبة لعمل الإغاثة الإسلامية بالأردن فقد ساهمت المؤسسة في التخفيف من معاناة النازحين هناك، والذين وصلت أعدادهم بحسب تصريحات أردنية إلى 140.000 لاجئ سوري. عدد المسجلين رسميا وفق المفوضية هو 31879 فرد ويتوزعون في عدد من المدن الأردنية كإربد وعمان وعجلون وجرش والبلقاء والزرقاء والمفرق ومعان. والمثير للقلق هو زيادة النازحين إلى الاردن حيث سجل لدى الأممالمتحدة خلال الأسبوع الماضي وحده أكثر من 3000 نازح سوري، عدد لم يسبق له مثيل منذ بداية الأزمة في 15 مارس 2011م. وأمام زيادة أعداد النازحين في البلاد لابد من زيادة التنسيقات بين العاملين في المجال الإنساني في الأردن لتجنب الازدواجية أو الفائض في المساعدات لبعض الناس. وهناك بعض التحديات التي يواجهها العمل الإنساني حاليا في الأردن هو النقص المستمر في الأموال بالإضافة إلى ندرة التمويل لقطاعين مهمين وهم حماية الطفل والعنف القائم على نوع الجنس. ويجري الآن على قدم وساق بناء أول مخيم للاجئين السوريين في صحراء المفرق التي تبعد نحو 80 كيلومترا عن عَمّان، لاستضافة المزيد من النازحين السوريين. وتلخص مشاريع الإغاثة الإسلامية في الأردن بتقديم المساعدة إلى الأسر السورية (FIS، المواد غير الغذائية والمساعدة النقدية)، بالإضافة إلى المواد الغذائية ومستلزمات النظافة والمواد المنزلية الأساسية والفرعية. من جهة أخرى تأمين العلاج ل 100 مريض سوري مع تغطية كل الاحتياجات الملحة للدواء. أما عن مستقبل مشاريع الإغاثة الإسلامية لدعم الشعب السوري فقد أخبرتنا المؤسسة أنها مستمرة في دعمها وبرامجها لإغاثة الشعب السوري وهي تسعى لتقديم العون ل 30.000 نازح بلبنان بدعم من مكاتبها حول العالم. وفي الأردن تسعى لتنفيذ مشروع لتوزيع القسائم الغذائية في مناطق مختلفة في الأردن بالإضافة إلى كفالة الايتام و توزيع الملابس على الوافدين الجدد ومجتمع الأفراد القائم. أما لقاؤنا الثاني فكان مع الفنان طارق مارستاني من برلين وهو من أصول سورية من مواليد دمشق 1948م، هذا الفنان الذي عشق الرسم وعمره لم يتجاوز العاشرة، وعَشِق حارات دمشق القديمة حيث كان يتنقل فيها باحثا عن منظر يقتبسه للوحته أو شخص متميز يُظهر من خلال رسمِه أصالة البلد، الشيء الذي جعل الكثيرون يستغربون سؤاله برسم لوحة لهم خصوصا وانه لازال طفلا، هذا الشغف للرسم دفع بأبيه أن يرسله إلى إيطاليا لدراسة الفن بعدما أنهى دراسته في سوريا وبدأ الفنان دراسته في أكاديمة الفنون الجميلة في فلورنس سنة 1965 وتخرج عام 1970 ولم يرجع الى سوريا نتيجة الحكم الديكتاتوري فيها، فيما تابع نضاله فأقام معارض في العديد من مدن اوربا وسوريا ولبنان وحاز على العديد من الجوائز الفنية منها جائزة فلورنس مينو دا فيزولي وجائزة مدينة كايسرلاوتر بألمانيا. وله عدة كتالوكات فنية في عدد من المكاتب الوطنية بألمانيا. كان اختيارنا للقاء هذا الفنان الراقي لكونه رسم لوحة واستنسخها للوحات عدة وتبرع بريعها لصالح الشعب السوري وتحديدا لمؤسسة لين – سيأتي الحديث عنها-، وهذه اهم النقاط التي تطرقنا إليها في لقائنا مع الفنان طارق مارستاني: فكان سؤالنا الأول له عن مدى إمكانية دعم الرسم أو اللوحة لقضية ما؟ أجابنا قائلا: الفن هو محرك أساسي في تطورالمجتمع وجعله مجتمع حضاري تسود فيه الحرية والعدالة والإنسانية، إن حضارات الأمم بكاملها بنيت على العلم والثقافة والفن، إن الفراعنة والآشوريين وغيرهم من الحضارات موجودة للآن والعالم يفتخر بها والفضل يعود إلى فنانيها بمختلف أنواعهم، الذين أبدعوا بأعمال فنية عظيمة خالدة إلى يومنا هذا، الفن والفنان يمكن أن يدعم قضية ما ويتحمس لها ويسلط الضوء عليها وخاصة القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان ورفض الأنظمة الدكتاتورية، ويمكن أن يكون فنه أيضا سلاحا لدعم قضية ما ولفت الانظار الى المساوئ التي تدور حولها. بعدها طلبنا منه قراءة وجيزة للوحته التي خصصها للقضية السورية؟ وهل أطلق عليها اسما؟ فرد قائلا: ان لوحتي التي هي بعنوان "تحية إلى شهداء وأبطال الثورة السورية" ماهي إلا أخذ موقف واضح إلى جانب الضحايا والمظلومين في سوريا. والفنان الحقيقي لا يمكن أن يتهرب من الواقع، ويرى الظالم يستبد بشعبه ويغمض عينيه ويقول أنا فنان ليس لي علاقة بأية سياسة، فهذا ليس فنانا حقيقيا وإنما منتفعا من المستبد، لأنه عندما تنتهك حرية الإنسان هنا يبدأ الواجب الإنساني تجاه الفنان حينئذ يجب عليه أن يقف إلى جانب المظلوم. كان يهمنا معرفة رؤية الفنان طارق في مدى تفاعل الجالية العربية في ألمانيا مع القضية السورية، فكان من رأيه أن الكثيرين من الجالية العربية تقف الى جانب الشعب السوري المظلوم وتتعاطف مع الثورة.. لقاؤنا الثالث كان مع "لين" Lien الجمعية السورية الألمانية وهي جمعية إنسانية، خيرية، إغاثية، تأسست رسمياً في الأول من تموز عام 2011 م بالعاصمة الألمانية برلين، بعد أن كانت قد بدأت بالعمل على أرض الواقع مع سقوط أول شهيد من شهداء الثورة. وتهدف الجمعية الى مد يد العون للمنكوبين وضحايا الثورة السورية، ومساعدتهم مادياً وعينياً، طبياً و معنوياً. وبحكم عملها سألناها عن تفاعل الجالية العربية بألمانيا والشعب الألماني مع القضية السورية؟ فجاء الجواب كالتالي: تفاعل الجالية العربية و الإسلامية للأسف- دون ما نطمح اليه بكثير، مع أننا لمسنا تحسن بهذا الخصوص في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد المجازر الفظيعة التي ارتكبها النظام بحق الأبرياء من أطفال و نساء و شيوخ. نأمل منهم المزيد من التفاعل الإيجابي و مد يد العون للشعب السوري، الذي كان السباق على مر التاريخ الى إغاثة الشعوب العربية و الاسلامية. أما الشعب الالماني فهو يتفاعل بشكل ملموس من خلال التبرعات التي تصل لحساب الجمعية بشكل يومي. نحن بصدد استهداف ومخاطبة الشعب الألماني بشكل أكثر تركيزا من الوقت السابق، الذي انصبت به جهودنا على الشريحة العربية و الاسلامية. أما عن التحديات التي تواجه عمل جمعية "لين" في ألمانيا، فيقول الأستاذ خالد سلامه العضو في المكتب النتفيذي للجمعية: أهم التحديات هو اعتماد الجمعية لحد هذه اللحظة على العمل التطوعي من قبل كادر الجمعية، إيمانا بنا بأن أهلنا بالداخل أحق بكل "سنت" من أي أحد في الخارج. بل على العكس، يتوجب على كل أعضاء الجمعية دفع رسوم عضوية ابتداء من عشرة يورو شهرياُ. ولقد استطعنا تطوير خبراتنا و الارتقاء بعملنا بجهود ذاتية بحتة، باستثناء الرعاية الأبوية التي أبدتها هيئة الإغاثة الاسلامية في ألمانيا بإقامة دورة مكثفة لنا على مدار يومين في مقرها الرئيسي بمدينة كولونيا، عادت علينا بفائدة كبيرة. فجزاهم الله عنا وعن الشعب السوري كل خير. أما عن مشاريع جمعية لين المستقبلية، فيمكن تلخيصها في النقاط التالية: "مشروع تبنى عائلة"، والذي تؤمن به حياة كريمة لأكثر من 300 عائلة، و"مشروع السلة الغذائية"، و كذلك "مشروع المساهمة الطبية"، وحديثاً "مشروع سلة رمضان"، الذي يمكن للمتبرع ب مئة وخمسين يورو تأمين الافطار لعائلة كاملة خلال شهر رمضان. وتسعى الجمعية على المدى المتوسط والبعيد الى تحويل شريحة المحتاجين من شريحة مستهلكة ومتلقية للتبرعات إلى شريحة منتجة عبر مشاريع صغيرة ومتوسطة تمولها الجمعية، ويعمل بها المحتاحون ويعود ريعها لهم. وقبل أن نختم لقاءنا مع جمعية لين أحببنا أن نتعرف على رؤيتهم المستقبلية للجمعية أمام أي تغيير يطرأ على وضع سوريا؟ فكانت هذه السطور ردا على تساؤلنا: مستقبلنا هو مستقبل اطفال شهداء الثورة السورية. لن نيأس ولن نمل مهما كان الوضع في سوريا. و ونرجو الله ان يوفقنا حتى يبلغ الرضيع أشده ويعيل أهله عندها فقط يمكن القول أننا حققنا الهدف المرحلي. بعد ذلك ربما نتحول الى مؤسسة إغاثية ذات بُعد عالمي، كمؤسسة الاغاثة الاسلامية. كانت هذه نبذة عن بعض لقاءاتنا مع بعض المؤسسات والشخصيات العاملة في الساحة الالمانية،، ويجدر بالذكر أنه تم تأسيس حوالي 12 مؤسسة سورية بعد بداية الأزمة في سوريا. ولم نغفل بعض اللقاءات الأخرى كالمظاهرات المتعددة التي شهدتها مدن عدة في المانيا وشاركت فيها اعداد كبيرة ومن جنسيات مختلفة، وآخر هذه المظاهرات أو الفعاليات كان يوم 7 يوليو 2012 وأطلق على هذه التفاعلية يوم الزحف والتي اطلقها ونظمها "شباب من أجل الحرية والكرامة" حيث دعي الجميع بالزحف من سوريين وعرب وألمان من مختلف المقاطعات والمدن الالمانية إلى العاصمة الاتحادية برلين ليقولوا بصوت واحد: لا للأسد!! لا للنظام الاسدي المجرم!! الحرية للشعب السوري الابي!!. ولم يمنع الطقس السئ والامطار الغزيرة النازحين عن عزمهم. هذا و قد بدأت المظاهرة من أمام برج التلفزيون الشهير في ساحة ألِكسندر في برلين مرورا على شارع انتردن لندن التاريخي، لتنتهي أمام مبنى البرلمان الاتحادي الالماني(البوندستاغ). واختتمت الفعالية بالمطالب التالية:: -الوقف الفوري لقتل الشعب السوري و إيقاف المتورطين .وتقديمهم لمحكمة الجنايات الدولية - دعم إنساني فوري للشعب السوري وقف آل العلاقات الدبلوماسية مع النظام الاسدي المجرم. - الاعتراف الفوري بالمجلس الوطني السوري. - حظر الطيران بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة. -تأمين المناطق الحدودية السورية لحماية النازحين السوريين.