يعيش سوق "جنان العكاري"، الواقع وسط حي العكاري بمدينة الرباط، وضعا مزريا للغاية، سواء في محيطه أو داخله، إذ إنّ جنباته أضحت أشبه بمزبلة مفتوحة، بينما تحوّلت أركان المكان المخصص لبيع السمك إلى مرحاض مقزّز منظره يعجّ بفضلات البشر. في الأصل أنشئ سوق "جنان العكاري" لإيواء الباعة المتجولين؛ ويضمّ 220 دكانا، لكنّ أغلب الدكاكين أضحت مهجورة، بعد أن غادرها أصحابها، وعادوا إلى ممارسة تجارتهم في الشارع، كبائعين متجولين، في غياب تامّ لأي تدخل من طرف السلطات، حسب إفادات التجار. سعيد الكناوي، نائب رئيس جمعية جنان العكاري، قال لهسبريس إنّ السوق الذي يحمل الاسم ذاته كان يعرف رواجا تجاريا في السنوات الأولى لإحداثه، في تسعينيات القرن الماضي، ورويدا رويدا بدأ الإقبال عليه يقلّ، بسبب انتشار الباعة المتجولين، وهو ما دفع عددا من تجار السوق إلى العودة إلى ممارسة تجارتهم في الشارع. الشوارع والأزقة القريبة من سوق "جنان العكاري" تعيش فوضى حقيقية، كما عاينت ذلك هسبريس، إذ أصبحت أرصفتها، وكذا أجزاء مهمة من الطريق العام، محتلة بالكامل إما من طرف الباعة المتجولين، أو من طرف أصحاب الدكاكين، الذين منهم من يؤجر مساحة أمام محله للباعة المتجولين. ما يشجع هذه الظاهرة، حسب إفادات عدد من تجار "جنان العكاري"، هو أنّ الباعة المتجولين يقدمون إتاوات للجهات المفترض فيها أن تسهر على صيانة الملك العامّ، لقاء تركهم يمارسون تجارتهم، مسببين فوضى عارمة وأضرارا لتجار السوق المجاور لهم، والذي أضحى أشبه بالأطلال. "السوق مبيوع..الرشوة هي اللي خدامة"، يقول رئيس جمعية جنان العكاري، وهو يشير بيده إلى عدد من الدكاكين داخل السوق قال إنّ من بين المستفيدين منها أشخاص لا علاقة لهم بالتجارة، وليسوا من الباعة المتجولين، مضيفا أنهم راسلوا جميع السلطات، دون أن تبادر إلى إيجاد حل لمشاكلهم. الجزء المخصص لبيع السمك في سوق "جنان العكاري"، والذي هجره السمّاكون، واتخذه نجارون مكانا لمزاولة مهنتهم، تحوّل إلى مرحاض مفتوح يقصده عابرو السبيل والمشردون لقضاء حاجاتهم الطبيعية، حيث تنتشر في جنباته فضلات بشرية وتكسو أرضيته أخاديد من البول، رغم أن المكان يفترض أن يكون نظيفا، على اعتبار أنه سوق يقتني منها الناس ما يأكلون. تجار سوق "جنان العكاري" يطالبون سلطات الرباط بالتدخل لإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي، وذلك بصيانة السوق وإعادة الباعة المتجولين الذين غادروه إلى أماكنهم، ضمانا لتكافؤ الفرص بين الجميع. أما سعيد الكناوي فيلخص معاناة التجار والإحباط السائد وسطهم في جملة واحدة: "عيينا ما نشكيو حتى واحد ما بغا يدير لينا شي حاجة، بْقا لينا غي الملك نتعرضو ليه باش نوصلو لو المطالب ديالنا".