فضاء تجارة القرب في مدينة مرتيل هو سوق جرى إنشاؤه من أجل احتواء الباعة المتجولين؛ لكنّ الأموال التي أنشيء بها السوق، والمتأتي جزء منها من صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تبدو طريقة صرْفها أشبه برمْيها في واد سحيق. لقد ظل فضاء تجارة القرب في مدينة مرتيل ، منذ إنشائه قبل عاميْن، خاويا على عروشه إلا من بعض الباعة المعدودين على رؤوس الأصابع. فكرة إنشاء فضاء تجارة القرب بمدينة مرتيل انبثقت من رغبة في توطين الباعة الجائلين في مكان موحد؛ لكنّ المشروع فشل، لأن السوق جرى بناؤه في مكان غير ملائم. وحين انتهت أشغال بنائه جرى توزيع مربعات البيع داخله على أشخاص لا علاقة لهم بالتجارة، حسب المعطيات التي استقتها هسبريس من عين المكان. وحسب الإفادات التي أدلى بها بعض الباعة القليلين الموجودين في السوق، فقد استفاد أشخاص من مربعات البيع وقاموا بإعادة بيعها لأشخاص آخرين، ومنهم من ظل محتفظا بها، تاركا إياها فارغة، بدل أن تُمنح للبائعين الجائلين الحقيقيين، "أغلبية ديال الناس اللي استفادوا عمّرهم ما دخلوا لهاد السوق"، يقول أحد الباعة، مضيفا: "غير ضيّعو الفلوس فهاد المشروع وصافي". وبغضّ النظر عن الأشخاص المستفيدين من فضاء تجارة القرب بمدينة مرتيل، فإنّ المحيط الذي يوجد فيه السوق لا يشجع المتسوقين على الولوج إليه، لكونه يوجد بمحاذاة بِرك من المياه الآسنة القادمة من قنوات الصرف الصحي، التي تنفذ منها روائحُ كريهة، وتكتسي ضفّتها أكوام من النفايات، التي لا تفصلها سوى أقل من خمسة أمتار عن السوق، الذي كان من المفترض أن تباع فيه اللحوم والخضر والأسماك وغيرها من المواد الاستهلاكية. "المسؤولين ما استاشروشي معانا قبل ما يبنيو هاد السوق، والجمعية ديال السوق اللي كان خاصها تدافع على مصلحة الباعة ما قامتشي بالواجب ديالها"، يقول أحد الباعة المستفيدين من السوق، ويقاطعه زميل له لديه مساحة يبيع فيها بعض الأكسسوارات والألبسة الخفيفة، بالقول: "غير سيّبونا هنا وصافي، عايشين وسط الدبان والناموس والريحة الخانزة. ما كنبيعو ما كنشريو". حين زرنا فضاء تجارة القرب بمدينة مرتيل، كان شبه فارغ. لم يكن ثمّة سوى بعض البائعين الذين يبيعون الفواكه، وبائع متكئ على أريكة كان يلهو بهاتفه ويستمع لموسيقى غربية، فيما كانت باقي أرجاء السوق فارغة تماما. "ملي كنّا على برا كنفرشو فالزنقة كنّا واكلين الخبز، دبا لاحونا هنا وما بقينا كنصورو والو"، يقول بائع معلقا على الركود الذي يعيش على وقعه السوق منذ إنشائه. ولتأكيد الوضعية التي يعيش فيها تجار فضاء التجارة القرب بمرتيل، يروي البائع قصة بائع كان يجاوره، اضطر إلى تطليق زوجته، "بسبب الأزمة المالية اللي غرق فيها مني جا لهاد السوق". يلتقط بائع آخر رأس خيط الكلام مكمّلا "كلنا غارقين فأزمة. المسؤولين لاحونا هنا نموتو ولا يوقع اللي بغا يوقع ما مسوقينش، عيينا ما نشكيو وما كاينش اللي داها فينا، كلشي كيتهرّب من المسؤولية". حين ترتفع أصوات الباعة المحتجّين ضد الوضع المتردي لفضاء تجارة القرب بمرتيل "كيجيو المسوؤلين كيطلو علينا، وملي كتبرد القضية كينساوْنا"، حسب أحد الباعة، مضيفا: "ما بقاش عندنا فيهم أمل، الأمل الوحيد اللي عندنا هو صوتنا يوصل للمسؤولين الكبار فالرباط، هادشي اللي خلانا صابرين عالله تكون شي حاجة".