تماما كما تقول الأسطورة الهندية العريقة، نجحت أنوشكا شانكار، كريمة عبقري الموسيقى الهندية الروحية رافي شانكار، في استحضار روح والدها داخل مسرح محمد الخامس بالرباط، في سهرة عجائبية سافرت بالحاضرين في عوالم مختلفة، في اليوم الرابع من فعاليات مهرجان "موازين.. إيقاعات العالم". اعتمادا على آلة السيتار، التي سحر بها والدها شانكار ملايين البشر حول العالم، ما دفع عديدين إلى اعتباره الأب الروحي للموسيقى الهندية على مر العصور، نثرت أنوشكا على الحاضرين سحر موسيقى قادمة من أعرق حضارات البشرية، ضاربة جذورها في تاريخ الإنسان. عن الحب والسلام ونبذ الحروب، غنت أنوشكا للسلم، للإنسان اللاجئ، البعيد عن أرضه والمنفي في الأوطان. "أنا أقطن بلندن، لكنني أهتم بقضايا اللاجئين والمعذبين في سبيل الحروب التي تتسبب فيها الدول العظمى"، تقول أنوشكا، قبل أن تعود إلى إطراب الحاضرين، إلى جانب ثلاثة موسيقيين؛ من بريطانيا، وأستراليا، والهند.. الأخير كان عازفا لآلة الفلوت الهندية التقليدية المعروفة باسم "شيناي"، في فرقة والدها شانكار الذي رحل سنة 2012. من بين 8 ألبومات غنائية في مسيرتها التي شقتها منذ سنة 1998، اختارت الفنانة الهندية والبريطانية أفضل مقطوعاتها التي تلامس روح الإنسان بدون حاجة إلى لغة أو صور.. وحده صوت السيتار كان كافيا لتمرير رسالة مفادها أن الإنسان واحد، فوق اللغات وفوق الحضارات. "أشكركم على حضوركم"، قالت أنوشكا تحية للحاضرين، قبل أن يتطور الجواب إلى محادثة كاملة مع الجمهور، وهو ما أسعد عازفة السيتار الشابة، التي عادت لتعد الجميع بأن باقي المختارات من الموسيقى ستكون مختلفة التيمات ومن ألبومات متنوعة. وقبل أن تغادر سهرة موازين، المهرجان الذي تحيي على خشبته حفلا لأول مرة في مسيرتها، وقفت أنوشكا طويلا على الركح إلى جانب أفراد فرقتها، تحت تصفيقات حارة من جمهورها المغربي والأجنبي، ما رفع حماستها لتقول بعربية مكسرة: "شكرا لكم!".