شهد "فندق جميرا - أبراج الاتحاد" في أبوظبي، زيارة هي الأولى من نوعها لقافلة تضمّ رجال دين من الولاياتالمتحدةالأمريكية، ينتمون إلى مختلف ديانات العائلة الإبراهيمية؛ وذلك باستضافة وتنظيم "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" برئاسة الشيخ عبد الله بن بيه. وتضم القافلة ما يزيد على ثلاثين شخصية دينية من المسلمين والمسيحيين واليهود الأمريكيين. وهم نخبة من أهم القساوسة والأئمة والحاخامات في عشر ولايات أمريكية كبرى، أصبح فيها التنوع الديني واقعا والتعايش السعيد ضرورة حاقة. وتأتي هذه الزيارة في سياق أنشطة منتدى تعزيز السلم، الذي أخذ على عاتقه منذ تأسيسه "دعم كل ما من شأنه ترسيخ قيم الحوار والتلاقي والتعارف والتفاهم، وضمن مقاربته العلمية والفكرية لبناء الثقة بين الأديان الإبراهيمية من أجل السلام، وصناعة جبهة سلمية عالمية ضد الكراهية والإسلامفوبيا، وصياغة تحالف إنساني ضد تيار العنف والغلو". وذكر رئيس المنتدى أن هذا اللقاء يأتي عقب زيارته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، تلبيةً لدعوة لجنة الكونغرس، المنظمة لفعاليات صلاة الشكر الوطني، حيث لمس خلالها، وكذلك خلال لقاءات أخرى التي أجراها مع قيادات الشأن العام الديني والفكري والسياسي، "روحَ البحث عن التعايش السعيد بين الديانات، والحرصَ على مبادئ التسامح والتعارف؛ وهو ما أكد القناعة أن الوقت قد حان ومنذ زمن طويل لضرورة القيام بعمل يتصف بالديمومة والإخلاص، بغرض تفعيل المشتركات الكثيرة، التي أدَّى تجاهلها وإذكاء الخصوصيات بدلها إلى كثير من الحروب والدمار، وابتعاد البشرية عن قيم الخير والمحبة والتراحم، التي أرساها الأنبياء، سلام الله عليهم أجمعين". وفي هذا السياق نوَّه الشيخ بن بيه بهذه المبادرة معتبرا إياها "تمثّل أملا في هذا الوقت بإتاحتها الفرصة للتعايش والتعارف، وعقد أواصر الأخوة ليعود المشاركون من الأئمة والقساوسة والحاخامات بهذه الروح إلى مجتمعاتهم الخاصة وليروجوا لها"، مؤكِّدا أن " لدينا مشتركات كثيرة لبناء السلام والمحبة علينا التذكير بها وتقديمها للناس". ودعا الشيخ بن بيه كذلك إلى "ترسيخ نموذج مبادرة "قافلة السلام" ليصبح آلية عملية ناجعة للتعاون والتعايش وجعلها أكثر عملية ونجاعة، وتقليدا ينبغي العمل على تعميمه والاستفادة منه". إعلان مراكش التاريخي.. الإطار المرجعي لنشاط القافلة الأمريكية للسلام وفي حديثه عن الإطار المرجعي لهذا الاستقبال، أشار رئيس المنتدى إلى ضرورة استحضار واستلهام إعلان مراكش الذي أصدره المنتدى "في يناير 2016 بمدينة مراكش، في ختام مؤتمر "حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية: الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة".. مؤكداً أن مبادئ إعلان مراكش تستبطن الدعوة إلى التعايش بين الديانات والثقافات، وهو يؤسّس لمرحلة جديدة من الفهم العميق بغرض الاستفادة من تراث الماضي في بناء الحاضر والمستقبل؛ ذلك أن إعلان مراكش لم يكن إعلانا عاديا، وإنما هو فهم دقيق للنص الديني وتجليات التراث في التسامح والوئام والتعايش. والإعلان يبين واجب رجال الدين في البحث في نصوصهم الدينية وتاريخهم وتراثهم؛ ليجدوا أساسا وينبوعا للتسامح والتعايش". وجاء في كلمة الشيخ بن بيه الافتتاحية أنه "لئن كانت البروتستانتية تقول إن "التسامح هدية البروتستانتية للعالم"، فنحن نعتقد أن الديانات المنتمية إلى العائلة الإبراهيمية جميعها تحمل في نصوصها الكثير من الأسس التي تدعو إلى التعايش والتي لا تخطئها العين، وأن تعاليمها الأساسية حول السلام والتعايش وحول عالمية الكرامة الإنسانية، واحترام الاختلافات الدينية هي مضادات قوية للتطرف الديني العنيف"، مؤكدا أن الرجوع إلى الرجوع إلى النصوص والتأويل المناسب والمقارب هو الذي سيسمح لنا بالرد على مروجي الكراهية والإسلامفوبيا وعلى الإرهابيين على حد سواء"، وضرب لذلك أمثلة من التوراة والإنجيل والقرآن الكريم. الدعوة إلى حلف فضول جديد بين الأديان وقد دعا الشيخ بن بيه المشاركين إلى وضع خطة إستراتيجية لمواصلة رحلتهم في البحث عن السلام ولتوسيع دائرة القافلة "لتتحوَّل إلى حلف فضول جديد للوئام والسلام السعيد بين الأديان" يستلهم جوهر الدين الصحيح في الديانات الإبراهيمية؛ لتحقيق التعايش السعيد بين الشعوب، وعمارة الأرض بقيم الخير والجمال، ونبذ الغلو والتطرف، وتبريد القلوب والعقول، ومسح تداعيات "الإسلامفوبيا" و"معاداة السامية"، وكل أشكال التنابذ الديني والعرقي، مؤكدا "أن اليوم الذي ننبذ فيه جميعنا التصورات النمطية ومشاعر الكره لتجمعنا مشاعر الأخوة الإنسانية وحب الخير والصداقة، ذلك اليوم سيكون بحق يوما مشرقا في تاريخ الإنسانية". وأضاف رئيس المنتدى أن الديانات المنتمية إلى العائلة الإبراهيمية عندما تتصالح وتتصافح لسوف يعزز ذلك روح السلام في العالم، ويسهِّل الولوج إلى طريق العدالة والخير ومعالجة المظالم والمظلوميات. وحرص الشيخ بن بيه على التأكيد على أن لقاء هذه الديانات المنتمية إلى العائلة الإبراهيمية لا يعني إقصاءً ولا تكتُّلا ضد الديانات والمذاهب الأخرى، وإنما يعني تعزيز المشتركات في دائرة العلاقات الإنسانية التي تتواصل فيها دائرة الإنساني مع دوائر الديانات والفلسفات الكونية التي تعلي من شأن الحياة وحقوق الإنسان.