بحضور عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات، افتتحت رسمياً، مساء الأربعاء، فعاليات المؤتمر الخامس لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بمدينة أبوظبي، الذي يشارك فيه علماء دين يمثلون مختلف الديانات السماوية من دول العالم. ويُناقش هذا المنتدى في نسخته الحالية موضوع "حلف الفضول: فرصة للسلم العالمي"، وتستمر أشغاله إلى غاية يوم الجمعة، وسيشهد عرض أكثر من سبعين ورقة بحثية من أجل إطلاق "حلف فضول عالمي" يجمع الأديان سعياً لمصلحة الإنسان وتعزيزاً لروح السلام المستدام في العالم. وخلال الجلسة الافتتاحية، قال الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، إن "دولة الإمارات تُمثل فضاء الإنسانية والتسامح، ويسرنا أن نجتمع اليوم من ثقافات وخلفيات وديانات وأعراق مختلفة من أجل المشاركة في هذا المنتدى الهام جدًا". وأشار بن بيه، وهو عالم دين موريتاني يرأس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، إلى أن هناك عدداً من الجهود تُبذل في كل الديانات من أجل السلام، لكنه شدد على أن "هذا الأمر يحتاج إلى تعزيز التعاون والتضامن وتحقيق أعمال ميدانية تبرهن للعالم أجمع أن الدين هو عنوان للإنسانية والرحمة". وأكد الشيخ بن بيه أن عصرنا الحالي في "حاجة ماسة إلى حلف فضول جديد يضع السلم في مقدمة أهدافه، ويسهم في خلق آلية للتعاون والتعايش أكثر نجاعة، فهو مبني على القيم والفضائل، وصناعة جبهة من رجال الدين للدعوة إلى السلام ورفض استغلال الدين في النزاعات والحروب". وأضاف بن بيه قائلاً: "التسامح هو قبول الآخر، وهو ما نبحث عنه في هذا المنتدى، لأن البشرية يمكن أن تعيش باختلافاتها وأن تكون هذه الأخيرة بمثابة ثراء وجمال"، مضيفا أن "الذين يتصارعون اليوم هم صبيان كبار، ويجب على العائلة الإبراهيمية أن تقف بين هؤلاء لتدلهم على الطريق الصحيح بدل الاقتتال والحرب". ويرى عالم الدين الموريتاني أن السبيل لإقامة السلام في العالم هو الحوار كما قال أفلاطون، مشيراً إلى أن "مبادرة حلف الفضول لها رمزية خاصة، خصوصاً أن الحلف في التاريخ مبني على القيم والفضائل وليس على القبيلة أو أية ديانة". ولفت بن بيه إلى أن هناك حاجة شديدة جداً لتحقيق هذا الحلف في العالم، خصوصاً أن "البشرية اليوم على حافة الهاوية. لأنه لأول مرة في التاريخ توجد أسلحة يمكن أن تفني البشرية، وهي تفلت من يد الحكومات ويمكن أن تكون في أيدٍ غير رشيدة، وهذا أمر يجب أن نعالجه عبر هذا الحلف". الحل لهذا الوضع، يقول الشيخ الموريتاني، هو "الدعوة إلى السلام والتضامن في العائلة الإبراهيمية والإنسانية من أجل مواجهة الأخطار التي تحدق بها"، مورداً أن دعاة هذا الحلف "لا يملكون سلاحاً، بل الكلمة الطيبة والحكمة، لنحاول أن نجعل العالم يعود إلى رشده، والهدف من كل هذا هو تقديم الرواية الصحيحة التي تدعو إلى السلام والعقل وإنهاء التعصب والحرب التي لا فائدة منها، في هذا الزمن لا غالب في الحروب، كل المتحاربين مغلوبون". وقال حمزة يوسف، نائب رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة رئيس كلية الزيتونة في الولاياتالمتحدة الأميركية، إن "حلف الفضول الجديد هو طلب من الأديان الأخرى من العائلة الإبراهيمية للتحالف على القيم المشتركة بيننا، من بينها نصرة المظلوم وإطعام المساكين والفقراء". وأبرز يوسف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه الدعوة عرفت استجابةً من حاخامات وقساوسة وأساقفة وأئمة ومفتين من دول العالم، مشيراً إلى أن المملكة المغربية ساهمت من خلال إعلان مراكش للأقليات الدينية الذي نتج عن اجتماع عقد سنة 2016. وشهدت الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى تكريم الفائزيْن ب"جائزة الحسن الدولية للسلم" لعام 2018، أسياس أفورقي، رئيس دولة إريتريا، وأبي أحمد، رئيس وزراء جمهورية أثيوبيا، لجهودهما من أجل إحلال السلام في منطقة القرن الإفريقي، وتسلم درعيْ التكريم نيابة عنهما سفيرا إريتريا وإثيوبيا المعتمدين لدى دولة الإمارات.